
عبد الإله لإصباح
في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني الإبادة الجماعية في حق الشعب الفللسطني قصد تشريده وتهجيره، وفي الوقت الذي يستمر في العدوان على لبنان ويبادر إلى شن الحرب على الشعب الإيراني، اختار المدعو حميد المهداوي في هذه اللحظات المصيرية أن يخرج صارخا من خلال قناته على اليوتوب بان اليهود من حقهم أن يكون لهم وطنا على غرار المسلمين والمسيحيين وكأن هناك فعلا دولة خاصة بالمسلين وأخرى خاصة بالمسيحيين قافزا على حقيقة أن المسلمين والمسيحيين موزعين على دول \ قوميات مختلفة كما كان شأن اليهود أنفسهم عبر التاريخ، إذ كانت قومية كل يهودي تتحدد من خلال الدولة التي ينتمي إليها فهو يكون إما فرنسيا أو مغربيا أو مصريا أو إيرانيا، إلى أن ظهرت الحركة الصهيونية بدعم الاستعمار البريطاني وروجت لفكرة وطن خاص باليهود و عملت على تكريسها على أرض الواقع من خلال طرد الشعب الفلسطيني من أرضه بقوة الحديد والنار وعبر مجازر لم تتوقف إلى اليوم.
وحميد المهداوي إذ يخرج صارخا ومدافعا عما أسماه بحق اليهود في أن يكون لهم وطن يعمل على تدوير الدعاية الصهيونية ويبرر للكيان الصهيوني إبادته الجارية حاليا في حق الشعب الفلسطيني بما أنه كيان ينطلق في هذه الإبادة الوحشية من حقه المزعوم في الدفاع عن حق اليهود في وطن جامع لهم، هاهنا يصبح الجلاد ضحية ويتحول الضحية إلى معتدي يناهض حقا مشروعا لليهود في وطن خاص بهم هكذا بررت وتبرر الصهيونية كل حروبها ضد شعوب ودول المنطقة. وقد عملت على تعمييم هذه السردية لدى الرأي العام الغربي الذي بقي مقتنعا بها ولم يبدأ اقتناعه بالتزعزع إلا مع عملية طوفان الأقصى المجيدة.
المهداوي إذن أختار أن يكون بوقا للدعاية الصهونية في ظل عدوانها الوحشي ضد شعوب المنطقة مدعيا أنه لولا الاعتراض على حق اليهود في وطن لما كانت كل هذه الحروب، ولا يهمه إن كان هذا الوطن المزعوم تأسس على حساب حق شعب في أرضه ووطنه. المهدواي لا يهمه كل هذا حاليا، باله منشغل بتقديم خدمة للسلطة تبرر التطبيع مع الكيان الصهيوني، فمادام هذا الكيان يدافع عن حق مشروع سيكون التطبيع معه أمرا بديهيا وطبيعيا بل وتحقيقا للإنصاف في حقه بما أن وجوده قائم على حق مشروع.
اختار خطا تحريريا يقوم على نقد الحكومة ومدح الحكم، بل أضاف إلى ذلك التملق لمسؤولي الاجهزة الأمنية والنيابة العامة والقضاء مذكرا جمهوره بانه يقدر ويحترم فلانا و فلانا
و يبدو أن المهداوي قد تطوع بهذه الخدمة للسلطة رغبة في الحصول على البراءة في القضايا التي يتابع فيها أمام القضاْء. لم يكفه التضامن الذي حظي به منظمات حقوقية وازنة، أراد أن يفي بقسمه بأن لا يعود إلى السجن أبدا مهما كان الثمن، حتى لو كان هذا الثمن الدوس على عدالة قضية وحق شعب في الحرية والاستقلال والكرامة، لا يهم هنا معاناة شعب و آلامه، المهم هنا هو أن إرضاء السلطة بالتزلف للصهيونية وترويج دعايتها العنصرية المقيتة. لا يهمه تضامن المنظمات الحقوقية معه، لأنه لم يكن ينطلق أبدا من مبدأ وقضية في كل ما يتناوله ومن أحداث وقضايا، فهمه هو عدد المشاهدات على قناته بما يضمن دخلا وفيرا من المال لا غير، وهو إذ يستضيف شخصيات سياسية أو حقوقية محترمة، فذلك من أجل رفع نسب المشاهدة وليس اقتناعا بأفكار الضيف ومواقفه، وإذا شعر بأنه قد أغضب السلطة باستضافته لهذا الضيف أو ذاك هرع إلى استضافة ضيف من الاتجاه المناقض يتبنى ويدافع عن الرأي الرسمي بشكل ظاهر وصريح., كان قبل اعتقاله يقول بأن المغرب ليس فيه دولة، اعتقادا منه بأن خطابا راديكاليا من شأنه أن يمنحه مصداقية لدى الجمهور، وحصانة ضد الاعتقال، ولذلك حاول الركوب على حراك الريف لعله يضيف رصيدا من المصداقية كمدافع عن الجماهير، غير أنه عندما تم اعتقاله ندم واقسم أن لا يعود إلى السجن ، فاختار خطا تحريريا يقوم على نقد الحكومة ومدح الحكم، بل أضاف إلى ذلك التملق لمسؤولي الاجهزة الأمنية والنيابة العامة والقضاء مذكرا جمهوره بانه يقدر ويحترم فلانا و فلانا، و لا يأتي في قناته على ذكر أنتهاكات حقوق الإنسان أو المشكل المرتبط بطبيعة السلطة وبنيتها، فالسلطة في خطابه دائما على صواب في كل الظروف والأحوال، حتى عندما أقدمت على التطبيع شرع يدافع عنها مدعيا أن ما قامت به ليس تطبيعا متجاهلا طبيعة الاتفاقيات المبرمة مع الكيان الصهيوني في مجالات حساسة ومتعددة, لقد أبان المهداواي بأنه يفضل البراءة الملطخة بعار الصهيونية على الإدانة حتى لو كانت مكللة بمجد الصمود في نصرة الحق ومناهضة الظلم.
والحقيقة أن ترويحه للدعاية الصهيونية والدفاع عنها يجعله لا يختلف في الجوهر عن صاحب مقولة “كلنا إسرائيليون” فهما في خندق واحد ،خندق مناصرة الاحتلال الصهيوني على حساب الحق المشروع للشعب الفلسطيني في مناهضته بشتى الطرق والوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح.