ما الاستراتيجيات التي يعتمدها الحاكم السلطوي للبقاء في السلطة ؟
اريكا فرانترز
يمنح بعض حكام السلطويات الانطباع بانهم قاهرون لا يملك أحد الوقوف في و جههم, مثل ”كيم جونغ اون” في كوريا الشمالية, فيما يبدو حكام اخرون عالقين في صراع لا ينتهي مع خصومهم, كما هي الحال في فينزويلا تحت رئاسة الرئيس ” نيكولاس مادورو”. و لا تكمن هذه الفروق بين هذا النظام السلطوي و ذاك و بين السلطة التي يملكها كل حاكم في مقدار رغبة الحاكم نفسه بالاستئثار بالسلطة, و انما بقدرته على تحقيق ذلك ضمن السياق الذي يحكم فيه.
يعيش الحكام السلطويون تحت تهديد دائم بخسارة العرش يتجلى في النخب التي تتربص باستمرار فرصة لنزع بساط الحكم من تحت اقدام الحاكم, فضلا عن الاضطرابات الشعبية التي يمكن ان تتحول الى انتفاضة شعبية في اي لحظة. و لهذا تتصدر مسألة الحفاض على السلطة من التصدع السياسات السلطوية.
يقدم الحكام مهمة تحييد تهديد النخب على تحييد تهديد الشعب, و هذا لان احتمال اطاحة النخب بالحاكم اكبر من فرصة اسقاط الشعب له.
و يستخدم الحكام تكتيكات مختلفة لتقليص خطر النخب و فرصة اسقاطهم من الحكم, و ينطوي هذا الصراع دائما على تعقيدات تتلخص في ان الحاكم لا يستطيع ان يتيقن من الحليف و من العدو داخل دائرة المقربين له. فمن مصلحة النخب اخفاء طموحاتهم الحقيقية, و قد تخفي نذور الولاء امام الحاكم مخططات تدبر في الخفاء للإطاحة به. و يتحول المشهد للعبة تخمين في ذهن الحاكم الذي يتوجب عليه ان يحدد الافراد الذين يستطيع ان يضع ثقته بهم داخل دائرة النخب.
تتلخص الكثير من استراتيجيات البقاء التي تهدف الى تقليص فرصة انشقاق النخب بمكافأتهم او معاقبتهم, حيث يحاول الحاكم في ذلك حضهم على البقاء أوفياء له, و يكون ذلك عادة بتعيينهم في مناصب سياسية مهمة او اعطائهم امتيازات تكفلها لهم سلطة الحاكم. فعلى سبيل المثال أوعز ” كيم جونغ ال” رئيس كوريا الشمالية السابق , برفع ”وو دونغ تشوك” من منصب رئيس أمن الدولة الى منصب جنرال داخل الجيش الشعبي الكوري عام 2010 مكافأة له على تأدية مهمة ”معلم الخلافة” لابنه كيم جونغ اون الرئيس الحالي لكوريا الشمالية. و على النقيض من ذلك لا يتورع الحكام السلطويون عن تأديب النخب الذين يشكون في ولائهم, و في ذلك يقوم الحاكم بتحييد النخب الذين يشكلون تهديدا لعرشه و ينبه الاخرين من دائرة مقربيه الى الثمن الباهظ للخيانة.
توازن النخب من الناحية الاخرى بين مكاسب دعم الحاكم و تكلفة الانشقاق عنه, و تتغير عقلية النخب بتغير الظروف. فيمكن لازمة اقتصادية مثلا ان تجعل من خيار الاستمرار في مولاة الحاكم خيارا غير مغر, و يصبح الانشقاق عنه امرا مجديا أكثر. و هناك سيناريوهات أخرى يمكن لها ان تدخل المعادلة, كوقوع فضيحة فساد تشعل بدورها شرارة احتجاجات شعبية, و هو ما قد يشكل ايضا سببا بنظر النخب للانشقاق متى ما شعروا ان شعبية الحاكم بدأت بالاندحار و ان خطورة القفز من سفينته تتضاءل أكثر فأكثر.
و ختاما يحرص الحاكم السلطوي على تأمين نفسه من الانقلابات و البقاء في السلطة. و يلجأ الى عدد من التكتيكات لتحصين نفسه من وقوع انقلاب, منها البث في قرارات الجيش من تجنيد و ترقية عسكرية, حيث يحرص الحاكم على ملأ الجيش بموالين له و ايضا تشكيل قوات أمنية تقابل الجيش الرسمي, كتشكيل قوات حرس رئاسي وظيفتها الوحيدة حماية الرئيس.
و تختلف قدرة كل حاكم سلطوي على العمل بهذه الاستراتيجيات المختلفة في كل سياق, و يعتمد ذلك على عدد من العوامل, منها معادلات القوة بين الحكام و النخب, و ما يملكه الحاكم من موارد.