التداعيات المحتملة على إسرائيل جراء طوفان الأقصى
لوسات أنفو: خديجة بنيس
كشف الهجوم المباغث لحركة حماس على إسرائيل عن الإرتباك السياسي والعسكري داخل الكياان الصهيوني، في ظل الإنقسامات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وامتناع البعض عن الخدمة العسكرية اعتراضا على سياسات نتنياهوعلى خلفية أزمة الإصلاحات القضائية، وفي المقابل تكشف عملية طوفان الأقصى عن تطور ملحوظ في قدرات الحركاتالفلسطينية، وعلى وجه الخصوص حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام، هذا التطور أثار تساؤلات عديدة حول الكيفية التي نجحت من خلالها الحركة في تطوير قدراتها العسكرية، وطبيعة القوى الإقليمية الداعمة للحركة، وحدود دورها في تطوير قدراتها العسكرية.
وأفاد تقرير نشره مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن استمرار عملية طوفان الأقصى لأيام أخرى سيكون له تكلفة باهظة مادياً وبشرياً بالنسبة إلى الطرفين، وسيكون لها عدد من التداعيات، خاصة في ظل استمرار الصراع العسكري مدة أطول، يرجح المركز ألا يتوقف الصراع والمواجهات الراهنة بين حماس وإسرائيل.
يضيف التقرير أن شعور إسرئيل “بالإهانة والإذلال”، سيشكل الدافع الأهم لتل أبيب لمواصلة العمليات العسكرية في قطاع غزة، وفق التصريحات الصاردة من تل أبيب التي وصفت عملية طوفان الأقصى بأنها أسوء من حرب أكتوبر؛ فقد تسببت في إذلال الجيش الإسرائيلي من قِبل مجموعة صغيرة من الفلسطينيين، رغم إنفاق إسرائيل ما يقرب من مليار دولار لإقامة جدار كان من المفترض أن يكون غير قابل للاختراق فعلياً”.
وأبرز التقرير أن هناك احتمالية تكثيف التدخل الأمريكي في الصراع العسكري، وقد أعلنت واشنطن عن تكثيف دعمها الاستخباراتي والعسكري لإسرائيل، عقب عملية طوفان الأقصى، وأشار مركز MIR أنه بالرغم من أن اهناك مجموعة من المعطيات تدعم احتمالية تزايد الانخراط الأمريكي في الصراع المسلح، فإن حدود هذا الانخراط تظل غير معروفة حتى اللحظة الراهنة، لا سيما أن التدخل المباشر بحجة الدفاع عن الرعايا الأمريكيين سيكون له عواقب وخيمة، وقد يكبد واشنطن تكلفة سياسية باهظة على أقل تقدير في منطقة الشرق الأوسط.
ولفت التقرير أنه ثمَّة تخوف يهيمن على إسرائيل في اللحظة الراهنة من أن تتوسع جبهات المواجهة العسكرية وألا تقتصر على المواجهة مع حركة حماس في غزة فقط، وخاصةً إذا طالت مدة العملية العسكرية الإسرائيلية لفترة أطول؛ فهناك احتمالية أن تتصاعد الأحداث في الضفة الغربية والقدس؛ فضلا عن احتمالية أن يتوسع الصراع نحو لبنان في ظل تأكيد حزب الله اللبناني وقوفه بجانب حركة حماس، كما تبنى الحزب هجوماً بالقذائف، يوم 8 أكتوبر الجاري.
في ضوء الهجمات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة؛ فإن ذلك يضع المصالح الإسرائيلية في الخارج على المحك، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط؛ وذلك في ظل حالة الاستقطاب والشحن الإعلامي القائم في المنطقة. وقد أعلنت إسرائيل حالة التأهب القصوى في جميع السفارات الإسرائيلية في العالم، ودعت مواطنيها إلى عدم السفر إلى الدول التي تحذر منها السفارات الإسرائيليية.
ناهيك عن تأثيرات عملية طوفان الأقصى بصورة ما على المشاريع الإقتصادية الإقليمية التي تشترك فيها إسرائيل مع أطراف أخرى بالمنطقة، التي كان آخرها وأبرزها مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط بين الهند وأوروبا، المعلن عنه في شهر سبتمبر الماضي؛ فالعملية العسكرية الأخيرة والمواجهات بين إسرائيل وحماس تكشف عن أن إسرائيل منطقة غير آمنة لتنفيذ مشروعات كبرى، وهو الأمر الذي يجعل الأطراف الدولية والإقليمية مترددة في الدخول في مشروعات كبرى مع إسرائيل خشية تعرضها للاستهداف من قبل المجموعات المسلحة.
هذا وستعمل حركة حماس، خلال الأيام القادمة، على توظيف ورقة الأسرى الإسرائيليين لديها من أجل الضغط على تل أبيب، وجعلها أكثر تردداً في تنفيذ أي توغل عسكري بري في قطاع غزة. وبوجه عام ستُساوِم حماس إسرائيل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين لديها.
فالأمر المؤكد أن حصول حماس على أعداد كبيرة من الرهائن، سيكون مشكلة كبيرة بالنسبة إلى إسرائيل؛ ففي عام 2011، على سبيل المثال، قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهوبمقايضة 1027 سجيناً فلسطينياً، مقابل استعادة جندي إسرائيلي واحد “جلعاد شاليط” من حماس. وهكذا يرجح أن تطلب حماس من إسرائيل إخلاء كل السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين، حتى تطلق حماس المُحتجزين لديها في غزة.
ويشير التقرير أن هناك إمكانية حدوث تصعيد بين إيران وإسرائيل، فقد تدفع عملية طوفان الأقصى نحو المزيد من التصعيد بين إيران وإسرائيل؛ وذلك في ظل الاتهامات الإسرائيلية لإيران بالتورط في دعم حركة حماس، وهي الاتهامات التي ردت عليها طهران بالإنكار.
وفي هذا الصدد فإنه من المرجح وفق ماجاء في تقرير مركز إنترريجونال للتحليلات الإسراتيجية أن تؤدي المواجهات بين حماس وإسرائيل إلى تزايد الانخراط الإيراني في الملف الفلسطيني؛ فحماس باتت في اللحظة الراهنة أحد الأوراق التي يمكن أن تستخدمها طهران في الضغط على إسرائيل وواشنطن.