محمد النواية يكتب حكاية محمد كيوي
ثم يلتفت إلى أعوانه قائلا " أروا الفلقة , شبحوا باباه" كان أعوان الخليفة "بانكور" يجلدونه وهو يصلي على النبي ويسلم حتى أغمي عليه ولم يعد يحس بوقع الجلدات وهي تنزل على قاع قدميه
لوسات أنفو؛ محمد النواية
محمد كيوي رجل بسيط شعبي اكتسب قليل من المعرفة بالقراءة والكتابة , له دكان بحي سيدي أيوب بالمدينة العتيقة يبيع فيه الحمص ,كاوكاو , الزريعة , الخوخ المجفف وأنواع مختلفة من البونبون. في جانب أخر من الدكان مجموعة من المجلات غير مرتبة تحكي عن مغامرات وقصص كانت تنشرها مجلة (kiwi) عبر صور مرسومة ومدبلجة بالفرنسية . يتعامل كثيرا مع أطفال الحي وتلاميذ المدارس المجاورة معاملة لطيفة ,منهم من يشتري هذه المجلات ومن لم يستطيع يدفع خمس فرنكات (ريال) تم يختار مجلة ويبدأ محمد كيوي في سرد الحكاية عليه عبر الرسوم المتتالية .كان الأطفال يحجون إلى الدكان ليأخذوا حصتهم من الفرجة بتمن زهيد . كان يمثل بالنسبة لزبنائه الصغار كاتب الرواية, المخرج , السارد والمترجم فيستوعبون القصة وبدورهم يعيدون حكايتها لأقرانهم لتكون دعاية لإبداعاته في السرد . اشتهر الرجل لدى الأطفال فصرنا نشاهد طابورا صغيرا عند باب المحل . انتقل الخبر إلى الإباء والأمهات وانتابهم الخوف والهلع مما يقدمه المخرج كيوي مخافة إلهائهم عن دروسهم أو تأثرهم بمضمون الحكايات الذي قد يكون غير تربوي أو له تأثير على سلوكهم فسارعوا الى تقديم شكاية ضد محمد كيوي بمقاطعة جامع لفنا على إثرها سيسارع المخازنية رفقة الشاوش “خيو” إلى محل الفرجة ويقيدون الرجل بالحبال في اتجاه مقر الخليفة “بانكور” الذي سيستقبله بالتأنيب
والسباب ثم يلتفت إلى أعوانه قائلا ” أروا الفلقة , شبحوا باباه” كان أعوان الخليفة “بانكور” يجلدونه وهو يصلي على النبي ويسلم حتى أغمي عليه ولم يعد يحس بوقع الجلدات وهي تنزل على قاع قدميه وحين يفيق من غيبوبته يجدهم لا يزالون مستمرين في جلده إلى أن انتهوا من عقوبته. فتش محمد كيوي عن صندلته البلاستيكية فلما وجدها لم يفلح في انتعالها من شدة الألم
الذي لا زال مشتعلا في قاع قدميه ,وضعها تحت إبطه ومشى متكئا على الحائط الى أن تجاوز باب المقاطعة بانضباط . قصد محله من الساحة عبر حي ضباشي ,عرصة الغزايل ,عرصة الحوتة وهو ينحني لكل من صادفه في طريقه يسلم عليه في خشوع وتوبة من جراء ما أصابه من ضيم وحكرة . قبع “كيوي” داخل دكانه يتلقى التهاني على سلامته من جبروت “بانكور” وزبانيته .سيصاب بخيبة من ردود أفعال أولياء هؤلاء الأطفال الذي لم يسيء إليهم يوما ,بل كان يمدهم بجرعة ترفيهية وفنية تساعدهم على تنمية مخيلتهم على الإبداع والتفتح على كل ما هو جميل.
بعد استراحة سيبدأ بتكميد قاع قدميه التي غدت رخوة من شدة التعذيب وسيغفو قليلا تم ينهض ليشرع في جمع كل المجلات التي أصبحت لديه من يومها ن الممنوعات .