النظام الأساسي لموظفي التعليم.. فضيحة مزدوجة للنقابات و الوزارة
لوسات أنفو
عوض أن يشحن النظام الأساسي لموظفي التعليم القطاع بطاقة إيجابية، و يحرك المياه الراكدة في أنفس المدرسين المحبطين جراء الحيف الذي طالهم، ارتد إلى زيت مضافة إلى نيران الغضب التي تلتهب في صفوف رجال التعليم. و اعتبر رسالة مشؤومة من الوزارة الوصية وحلفاؤها من النقابات التي تواطأت بالتكتم حول مضامينه لحظة إعداده، و التوقيع عليه.
مفعولات النظام المذكور لم تتوقف عند حدود المواجهة المفتوحة بين آلاف المدرسين الغاضبين و الوزارة الوصية على القطاع، و إنما امتدت لتعزل النقابات الموقعة في مواجهة الفئات التي من المفروض أنها تمثلها، و أضحت تظهر أمام الراي العام و اسرة التعليم، كما لو كانت مهمتها هي إضفاء الشرعية على قرارات الوزارة و إيصال صوتها مع مسوح الماكياج النقابي لتبريره و الإقناع به.
غضب نساء و رجال التعليم، لا يربك فقط مشروعية مخططات الوزارة، و إنما يعمق مشاعر الشك و الارتياب حول صدق نوايا إصلاح المدرسة المغربية العمومية، و النهوض بها. إذ كيف يمكن لهذه المؤسسة أن تنهض و تقوم بوظيفتها لتسترجع مجدها الذي سرق منها، بفعل مخططات تشجيع خوصصة الحق في التعليم، و تهريب الجودة إلى المدارس الخاصة، مع الإصرار العملي على إهمال العنصر الحاسم في العملية التعليمية، و الجندي المرابط مع التلاميذ داخل الفصل، و هو الأستاذ ، بمواصلة اعتباره مجرد عامل ثانوي يحتاج إلى مزيد من الضبط و التأديب؟
إن تحقيق مدرسة منصفة، يبدأ بالضرورة من إنصاف المدرس أولا، و اعتباره الحلقة الأقوى في العملية التعليمية، و ذلك بالرفع من قيمته المادية و المعنوية، و تأهيل صورته في المجتمع، و تقوية حضوره في كل مشاريع الإصلاح. و كل تنكر لشرط الإنصاف لن يزيد كل إصلاح إلا فشلا ينضاف إلى مسلسل الفشل الذي راكمته المشاريع السابقة، حيث أن كل إصلاح يُعتمد يزيد وضعية التعليم تدهورا و يعمق محن المدرسة المغربية و يضعف ثقة الأسر فيها. و الحصيلة يعرفها المغاربة بالملموس و يؤدون ثمنها باهظا كل يوم.
و إذا كان يوم الغضب بالمدارس المغربية يدق ناقوس الضجر من مواصلة العبث بقطاع حيوي، بالاستمرار في ارتجال مشاريع يغلب فيها الشعار الحقيقة، و لا تفضي إلا إلى تخريب ما تبقى، فإنه في نفس الوقت يفضح أسئلة المجتمع بخصوص المؤسسات التي من المفروض أن تقوم بواجبها في تمثيله و الدفاع عنه، و إحلال التوازن بينه و بين الحكومة التي تمتلك نفوذ القرار و التصرف. إذ أن هذا الملف الذي يُضرب من أجله فرسان المدارس، يضع بعض النقابات في شبهة تنكرها لشرف الاسم الذي تحمله. و يجعل الفئات المعنية أمام اختيار صعب لتعهد قضاياها بنفسها بعيدا عن وصاية مكاتب مركزية صارت منشغلة بأموال الدعم المخصصة لها من قبل الدولة، أكثر من قضايا و حقوق الشغيلة التي تزعم أنها تمثلها، متجاهلة أنها بذلك تضرب في مقتل توازن المجتمع و صمام أمان استقراره و سلمه الاجتماعي.