الرأي

في ذكرى الشهيدين بلهواري و الدريدي: لو كنتم تعلمون حجم الألم لما سلختم الروح عن الجسد

لوسات أنفو: حسن أوزيادي

عندما اشتد الجوع، وخوت الأحشاء، وهزلت القوى، وسبحت العيون في اللامتناهي ، ودعوا وعانقوا الشهادة.
رتلوا أنشودة الوداع …ارسلوها لنا تفاصيل أمل في غد جميل مشرق وفسيح لكل الآتون من عمق المحن…
اليوم …ونحن اليوم أنشودة من الألم الكاريكاتوري الذي تمكنت منه مقولة ” أنا ومن بعدي الطوفان” لم تكونوا تعلمون و لم تكونوا تدرون أن الشهادة يوما ستؤول إلى ردهات النسيان…؟

عندما تستحضر حداد الأمهات المكلومات في يوم كئيب ، تصيبنا الرعشة من حجم الردة الأليمة في الوفاء للشهداء.
لم تكن يا أحمد ويا مصطفى ويا كل الشهداء تدرون أن الأقلام سوف تجف يوما وأن القناعات التي حفزتكم ذات يوم سوف ترتدي اليوم ،عند البعض ، ثوب الهزيمة …
في غرف مظلمة و منعرجات ملتوية عارية وفاضحة تسلقوا الأدراج وتناسوا.

بالواضح في مآدب عشاء وصالونات مكيفة وباردة صال وجال فيها الكافيار والنبيذ الذهبي وخطب الأئمة النوابغ في السياسة و الدين البهرجة الآتمة والتهريج للمدوي، و التقنيون في صياغة فتاوى الجلاد أنشودة للطمس والتهليل بالغد الرفاه وحتمية بيعة المريد للشيخ كي تسود النعمة والطاعة والخير والصفاء وتغيب النقمة والعوز.
لو كنتم تعلمون حجم الألم لما قررتم سلخ الروح عن الجسد بإرادة صلبة ومتينة وقناعة راسخة …ولما حملتم روحكم على كف اليد فدية للقضية، كنتم لا تعلمون أن البشر كالطقس متحول .

في ذكرى الوداع الأليم حفرتم في فكر ووعي الباقون منا أسئلة عن مآلات الفعل و آليات الاستمرار.
كم هو حجم و كم الخزي والنقمة الذي نجتره اليوم كل دقيقة وكل لحظة وكل يوم ، انكسارات تلو الأخرى وتراجعات تلو الأخرى وترهل في الفعل لا مثيل له والقلة الباقية مؤمنة حتى النخاع والأغلبية صامتة انحسرت في صلب التنقيب عن للجاه و المتاع تستفيد وتوهم النفس بالرفاه . لكن لاتدري أنها باعت وضاعت في الحاضر وخالفت الوعد والعهد وأضحت من القوم الرعاع تتسول الأسياد ليلا و تستأسد على الجياع نهارا.

فليعلم من باعوا الوطن أنا الآتون من الزمن
وأنا الباقون ياوطني رغم الحصار والمحن..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى