فيلم Heat: حكاية رجلين بين السعي المستمر والهرب
زكرياء ديناوي:
وجدت نفسي وسط قصة تدور أحداثها حول رجل محطم طول حياته غير قادر على التشبث بأي شيء، كائن يتنفس يعيش بين الموتى. الأحداث كلها تتمحوؤ حول ايجاد المعنى في السعي المستمر، والهوس الذي لا يتوقف للوصول لغاية معينة.
«نيل» (روبيرت دينيرو) رجل عصابة وسارق محترف. شغوف بعمله، محترف لأقصى درجة ومتفاني في اتمام عمله يعيش على مبدأ ” إذا أردت النجاح في عمل كهذا، يجب ان تكون مستعدا للتخلي عن أي شيء وتهرب في ثلاثين تانية”.
لا يعطينا الفيلم خلفية عن «نيل» لكن تتضح لنا من أحداث الفيلم، أنه يعيش في منزل فارغ تماما، لا يملك عائلة ومحكوم عليه لفترة طويلة في السجن سابقا، بطلنا انسان غير قادر عن التشبث، أو بناء جسر تواصل عاطفي. لكننا نراه سعيدا بصحبة الاخرين وعائلاتهم، يطلب من “كريس” ان يجمع بين أفراد عائلته ويتغاضى عن خيانة زوجة “كريس” ويطلب منها ان تمنحه فرصة اخرى لإصلاح زواجه، فهو يقدر مفهوم العائلة.
الامر مختلف هاته المرة لإن «نيل» اهلكته الوحدة وطريقة العيش هاته. ما الهدف من كل هذا اذ لم نشاركه مع انسان اخر؟
هناك احساس غريب بالرغبة في مشاركة حياتنا مع الأخر، على لسانه نسمعه يردد ” أنا لوحدي لكنني لست وحيد “لمدة طويلة من حياته اختار الوحدة واختار نمط حياته هذا هربا من عبء العائلة، ولسهولة الهرب أيضا منها، لكن الزمن يتقدم به ربما يرغب أخيرا في شيء حقيقي وثابت. ربما هي تلك الحياة الاعتيادية التي لم يجربها بعد.
في الجهة المقابلة «فينسنت» (ال باتشينو) رجل شرطة يهرب كل مرة من الحياة الاعتيادية بالإفراط في العمل لا يتوقف عن البحث والاحترافية في اداء عمله، لا يستطيع التواصل مع عائلته بسبب الفظائع التي يشهدها في العمل، تقوده الرغبة في الفوز طول أحداث الفيلم. لكنه يمتاز بشيء لا نلاحظه في نيل؛ وهو التوقف، «فينسنت» يأخذ استراحة من افراطه في العمل ويعود لعائلته. نشاهد تابعات هذا الفعل في الفيلم في اللقطة التي ينقد فيها ابنة زوجته من الانتحار.
المميز في فيلم heat ليس فعل الركة التي تتجسد من خلال حركات الكاميرا أو المؤثرات البصرية فقط، بل هي اللحظة المستفزة التي نقول فيها أن شخصياتنا سترتاح أخيرا وترضى بالطريق التي وصلت إليه، لكن في كل مرة تدفع نيل للرغبة في الانتقام بعدم ترك سير الأمور على حالها، ليعود فينست مع أول اتصال هاتفي إلى مضمار المطاردة.
في مشهد اللمسة الأخيرة من فينست إلى نيل تحكى كل القصة. إنها عبارة صريحة بالفهم المشترك لرجلين لا يستطيعان التوقف ويسعيان بطرق مختلفة إلى الهرب من نمط حياتهما الذي رسمه القدر.