مذكرات المفكر حسن أوزال(7): الأشياء التي نمتلكها تنتهي أحيانا بامتلاكنا
الإثنين، 11 أكتوبر 2010
اليوم فحسب أدركت أني كثيرا ما أحببت على نحو ما أحب “جون ستيوارت ميل”. هذا الذي أنقده الشعر من حالة اكتئاب قاتلة .واقتفى مشوارا معاكسا لأبيه .لقد استطاع أن يحيا حياة فلسفية جمع فيها ما بين الفكر و الفعل ،والعقل و الوجدان ،الكتابة والحياة. ما يعني أني تفاديت الآلام و الآهات بفضل قرارات نسبية لا تطيق الالتزامات المطلقة.أحيانا نضطر وضع قلبنا حيثما يوصي به عقلنا.
الخميس 14 أكتوبر2010
تورد virginie Despentes في مؤلفها “أروع الأشياء” قولة مثيرة مؤداها:”أننا لا نصعد القمم جماعة.بل نصعد إليها فرادى ومن يتخلف في المؤخرة ،يبقى متأخرا،هكذا هي الأشياء”يحيلني كلامها هذا إلى قولة الشابي المأثورة،ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.كذلك شأن الحشود المتخلفة هي دوما في شقائها تنعم.آه من أمة ضحكت من جهلها الأمم.
الأحد 17 أكتوبر 2010
قال “يوجين يونسكو” ذات مرة :”الأشياء العابرة وحدها تدوم” لكن،وحده، من يعرف غندرة بودلير ، يستطيع استكناه مغزى يونسكو.
الإثنين، 18 أكتوبر 2010
الأشياء التي نمتلكها تنتهي أحيانا بامتلاكنا.
إن الإنسان لا يستهلك من أجل العيش، الأسئلة فحسب بل وكذلك الأجوبة.
الأربعاء، 20 أكتوبر 2010
صدق من قال بأن النساء عندما يرغبن في ممارسة الجنس يَحْتَجْنَ إلى أعذار، خلافا للرجال الذين لا يحتاجون والحالة هاته إلا للمكان .للنساء طبع خجول،بالرغم من رغباتهن الفوارة.وكلهن بحسب الحكيم مونتانيي سرعان ما تحمر وجوههن عند سماعهن لتلك العبارات التي لا يخجلن أبدا من مباشرتها و العمل بها.
الإثنين، 25 أكتوبر، 2010
الجو قارس في الخارج،ألزم البيت و أقرأ شذرة لـ”بيير دو رونزار”يقول فيها:”عش حياتك إذا كنت تثق بي،ولا تنتظر حتى الغد.أقطف منذ الآن ورود حياتك”؛أمام هكذا عبارات لا أملك إلا أن أفتح القنينة و أشرع في الشرب على نغمات بتهوفن .
الخميس28 أكتوبر 2010
لست أدري لماذا يحضرني اسم ميشال باكونين عندما أتذكر ابن رشد،والحق أن كلاهما دعا إلى نوع من التوفيق مابين الفلسفة والدين،لكن الفرق بين الاثنين،إن كان يعود إلى شيء،فإنما يعود إلى تجاوز الفوضوي باكونين لنظاميته خلافا لابن رشد الذي اصطدم بأرضية ربما لا ولن تسعفه على ذلك. وإذا كان الأمر كذلك فالروسي عاش مُتَّهِما عصر التنوير و مؤاخذا إياه على أنه سبب الانحطاط و التقهقر؛ كان باكونين في تلك الحقبة من حياته متأثرا أيما تأثر بالهيغيلية ،حتى أن البعض وصف هذه المرحلة من حياته بمرحلة “المرض الفلسفي” .وهو المرض الذي لن يشفى منه باكونين إلا سنة 1842 أي في عمر يناهز 28 سنة عندما التقى رواد تيار اليسار الهيغلي بزعامة فيورباخ الذي أكد على الدور الرئيسي لـ”عمل السلب”في سياق الجدل،بينما كان رواد اليمين الهيغلي يؤكدون على نظرية الدولة الضامنة للحياة الأخلاقية و الدين المسيحي المتخَذ كدين مطلق. إن قراءة باكونين لكتاب فيورباخ بعنوان”جوهر المسيحية” كما إطلاعه كذلك على مؤلف دافيد فريدريك ستراوس “حياة عيسى”،أمر جعله ينقلب إلى جهة اليسار الهيغلي كما أسلفنا ،والذي لن يلبث أن ينقلب عليه هو الآخر مؤاخذا إياه على أنه السبب في فشل ثورة 1848 .يعلق أنفراي على باكونين و مسيرته هاته قائلا بأن باكونين سوف يظل طيلة حياته هيغيلي المنحى منتصرا جدليا إلى كون كل هدم هو في الآن ذاته بناء.لكن بالرغم من ذلك فأسلوب باكونين في العيش كان أسلوبا فوضويا،إن لم نقل بوهيميا متمردا.فالرجل لا يستقر له حال في عمل ولا ينشد حشد الأموال وعاش على هامش السلطة ،ينام ويستيقظ بنفس الثياب ،يلتهم السجائر تماما مثلما يأكل علب السردين ساكبا عليها لترات ،نعم لترات من الشاي؛ ومن الطُرَف في حياة هذا الأخير تلك التي تحكي عن علاقته بالمال:فالرجل عندما حلَّ بسويسرا جراء النفي و اشتداد وَتَر الثورات،في هذا البلد الأوربي أو ذاك ،التقى متسولا بأحد شوارع زيوريخ فمنحه الـ”روبلَيْن”اللذين هما آخر ما تبقى في جيبه.و ترك أن زاوج هذه الصدقة، بدعوته الناس إلى التحرر كليا من الإكراهات المادية.