مذكرات

مذكرات المفكر حسن أوزال(6): ليس لدي ما أندم عليه

 

السبت 18 شتنبر2010

موت الرجل العبقري مرتين بحسب “بول فاليري”:مرة كإنسان و مرة كعبقري.كذلك هو شأن طاليس،ديمقريطس،ديوجين،إبكتيت، لاميتري ،هلفتيوس ،جان مسلي ،دولباخ ،موبيرتيس ،ساد ،كوبرنيك،غاليلي،جوردانو برونو،فورونوف…وغيرهم كثر.

الخميس 23 شتنبر 2010

أصلح آلتي الموسيقية،و أنصت لجاك بريل وهو يغني تمجيدا لمومسات ميناء أمستردام،أجد لديه إحساسا بهيجا بحياة مفتوحة على آفاق أخاذة.ينتقل بي الجهاز إلى مقطع آخر مؤداه ألا شيء لدي أندم عليه ،لا شيء ،لا ما ارتكبوه في حقي من خير أو من شر،كل هذه الأمور عندي سيان لأن حياتي و أفراحي تبدأ معكِ اليوم.أجل هي ذي حكمة الحياة ،أن نعرف أن ننسى و أن نستطيع البدء من الصفر مرة مرة.

الجمعة 24 شتنبر 2010

الساعة الخامسة زوالا،ارتديت بذلتي الرياضية و ارتميت على وجه السرعة ،في أحضان الفناء الشاسع.تذكرت أيام الشباب حيث كنت مدمنا على هكذا طقس أيما إدمان.كانت الرياضة بليتي.ليتني ما تخليت عنها كل هذه السنين،حتى أني الآن لا أقوى على أي من تلك الحركات التي كنت أزاولها بكل سلاسة.بعدها عدت إلى البيت ،بيت الورود كما يحلو لي أن أنعثه كناية على بيت :ريزا في رواية   “نهاية الخريف”لستيفتر(1857) والعهدة على كونديرا؛ أخذت دوشا فامتطيت عجلاتي الأربع لقضاء بعض المآرب،إلا أنه في الطريق خطر ببالي أن أزور مولاي عبد الكريم،عرجت نحو بيته توا ،اصطحبني إليه ابنه ؛وجدتُ الرجل طريح الفراش ،فَقَدَ كل ما كان في عز أيامه يتمتع به من قوة،تحدثنا عن العمل و مشاغل الحياة،وظهر لي أنه بذاكرة جيدة بالرغم من خيانة جسده له،آه كم هي ملغزة عبارة أحلام مستغانمي حيث تقول في روايتها عابر سرير:أثناء هدر عمرك في الوفاء ،عليك أن تتوقع أن يغدر بك الجسد و أن تتنكر لك أعضاؤك.فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحة لجسدك”.هذا ما جرى لمولاي عبد الكريم وهو ماثل أمامي كبرهان دامغ على خيانة الجسد اللامحيد عنها لكل من سَوَّلتْ له نفسه أن يمكث  سجين حب البقاء.فالأفضل أن تموت ميتة جيدة بدل أن تتجشم أعباء حياة بئيسة.أليس الانتحار حلا حكيما؟أن تكون سيد نفسك لا عبدها ،و أن تعرف كيف تنهي مشوار ك في العز لا التعاسة.لذلك أجدني مرة مرة مغرما بعبق الرواقية.فهي لا تني تعلمنا   كيف نكون في مستوى الأحداث .

الأحد، 26 شتنبر 2010

ذات مرة فاه الرئيس الفرنسي  فرانسوا ميتران بحكمة مفادها:”أنه إذا كان الشباب غير عاقل باستمرار،فالمجتمع الذي يتنكر له و يقمعه على ضلال باستمرار”.أتذكر أول مرة رأيت فيها” متران” مباشرة بلحمه و دمه.كان حينها بمعية الملك الحسن الثاني في حفل تدشين سد أيت تشواريت بأزيلال.كان عمري يكاد لا يتجاوز السادسة عشر.مر الموكب من أمامي و الحشود تصيح عاليا:عاش الملك و يردف آخرون :”أو مترا حتى هي”.كانوا يخالونه امرأة.يا للهول.حتى الكبار كثيرا ما يقعون في مهزلة الاستخفاف.لكن” متران” لم يكن يدرك ما يجري من حوله .ربما ضحك الحسن الثاني،حينها، ضحكة من لا ينوي الإساءة لضيفه ،ضحكة مثيلة بقهقهة رابليه.

الأحد، 03 أكتوبر 2010

أقرأ عند “رايمون دوباردون”:يلزم عشق الوحدة لمن يرغب في أن يصبح فنانا فوتوغرافيا.فكرت في زميلي الفوتوغرافي الذي لا يلوذ له إلا مصاحبة الأجلاف.يقينا الثقافة العربية في أزمة:لا فنانين ولا موسيقيين ولا فلاسفة ولا و لا… أف لليوم الذي وقعت فيه توا على هذه التربة العفنة.كنت مجبرا لا مخيرا وتلكم مرة أخرى ورطة الوجود الذي لم نختره.

الجمعة 8 أكتوبر 2010

أقرأ في كتاب أنفراي “فلسفة السعادة الإجتماعية” عن بانتام الذي سعى من منظوره النفعي إلى التأسيس النظري و العملي لمبدأ المنفعة، القادر بحسبه على جلب السعادة لأغلبية الناس،هكذا وازى مابين المدرسة الكريستوماتية و المعزل البانوبتيكي تأسيسا بنظره، للعدالة الإجتماعية. وإذا كان المعزل يروم الزجر في أقصى درجاته كما الوقاية، فالمدرسة عليها أن تُيَسِّر تعلم ما يجدي لبلوغ السعادة لأكبر عدد ممكن من الناس ، بأقل تكلفة اقتصادية وأدنى جهد فكري.تعني لفظة الكريستوماتية ،تلك المسائل التي يفيدنا تعلمها و يلزمنا معرفتها،فكرتُ :أين لمدرستنا المغربية بهذا المبدأ؟ فهي منذ قرون لا تعمل إلا على الشحن و التعويم في مياه لا ولن تجدي.يتعلم التلاميذ كل شيء دون أن يعرفوا أي شيء.إن من يقطف المعرفة بالجملة ،لا يحيا إلا المأساة بالتقسيط.

في اليوم نفسه ليلا:

عندما فشلت المدرسة المغربية،راح رعاتها يُنَقِّبون شمالا و جنوبا،يمنة ويسرة، عن المنقذ من الضلال،فارتأوا،أول ما ارتأوا، التركيز على سياسة الشعارات و تبديل الأسماء،فهي على كل حال السياسة الناجعة في البلدان التي تنخر شعوبها سوسة الأمية والجهل،قلت راحوا يستبذلون هذا اللقب بذاك و هذا العنوان بغيره لعل وعسى يفلحون لا في تغيير شيء ما من واقع الحال ،بل في بقاء كل منهم في منصبه و مركزه السلطوي ،حشدا للمزيد من المال و الجاه لا غير.هكذا عملوا على استبدال اسم المعلم باسم الأستاذ مثلما أطلقوا على مدرستهم الفاشلة ،مدرسة النجاح،وأحلوا شعار الكفاءة محل واقع التفاهة و الكسل الذي يسود أرجاء المعمور.لكن عندما نتأمل هذا المشهد المضحك ،نلمس أن أصحاب الحال يدركون ألا حلَّ، لتغيير بركة تهيم فيها الطحالب و الميكروبات، عدا الزيادة من مساحة المستنقع، إكثارا للسواد الأعظم مخافة انقراض أجود الأنواع مرضية.على إثر ذلك لا دعوى للاستغراب حالما تجد أن معظم المعنيين ،أقصد الأساتذة ،صاروا بين عشية و ضحاها يفرحون و يسعدون باستعاضتهم عن اسم المعلم من أجل لقب الأستاذ .مساكين لا يفقهون أن الذين صمموا لهم هذا الزي الجديد، اعتمدوا في واقع الأمر لغة غير لغتهم وصاروا يتكلمون الفارسية لا العربية.و التي بالمناسبة لا يعني فيها اسم الأستاذ إلا الحمار.بشرى إذن بهذه التخريجة الجهنمية التي ارتأى فيها فرسان البيداغوجيا نهج سياسة الغمز و الهمز؛التقديح و التهجين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى