العربي الربح (1): لا توجد مؤسسة تعليمية عمومية أو خصوصية ليست بها إعاقات معينة

يعتبر المغرب من حيث النصوص القانونية والوثائق الأدبية في مشاريع وبرامج الحكومات المتعاقبة من بين أهم الدول التي تعتني بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فعلى المستوى الالتزامات الدولية وقع والتزم بكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، بدأ بوثيقة جنيف المتفق عليها من طرف جمعية الأمم 1924، إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختيار الملحق بها بتاريخ 8 أبريل 2009، وعلى المستوى الداخلي أصدر القانون رقم 92-07 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 30-92-1 بتاريخ 10 سبتمبر 1993 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، وخصص المواد (1 و12 و13 و14 و15 و16) لتربية المعاق وتعليمه وتكوينه وتأهيله وإدماجه في المجتمع، واعتبرت ذلك مسؤولية وواجب وطني، وأكد الفصل 34 من الدستور المغربي الأخير (2011) على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة….، وأصدر القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بتعزيز حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6444 بتاريخ 19 ماي 2016 ويتضمن هذا القانون عدة أحكام تهم تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من الولوج إلى حقوقهم الأساسية في مجالات التربية والتعليم والوقاية والرعاية الصحية والتكوين ….. وأدرجت كل الحكومات السابقة فصولا في برامجها حول الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع، بما في ذلك تعليمها وتكوينها، إلا أن وزارة التربية الوطنية التي تعنى بالتربية والتكوين لم تلتفت لهذه الفئة من المجتمع بشكل عملي إلا سنة 2019، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول درجة تنزيل المشاريع التي التزمت بها الحكومة في شأن تعليم وتكوين هذه الشريحة الهامة من المجتمع، لتسليط الضوء على هذا الموضوع في شقه التربوي أجرت جريدة لوست أنفو (le7info) حوارا مع الأستاذ العربي الربح، وهو باحث تربوي متخصص في التربية الدامجة، تدرج في أسلاك التربية والتعليم من أستاذ إلى مدير بثلاث مؤسسات تعليمية، ومفتش تربوي، ورئيس مشروع التربية الدامجة بمديرية إقليمية، ومكون وطني في اضطراب طيف التوحد واضطرابات التعلم الخاص.
أجرى الحوار عبد الرزاق بن شريج
س= دخل مصطلح التربية الدامجة الميدان التربوي، فبحكم اختصاكم واهتمامكم بهذا المجل ماذا يعني مشروع التربية الدامجة، وما هي مداخل تنزيله؟
ج= بدأ التنزيل الفعلي لمشروع التربية الدامجة بالمغرب منذ انطلاق البرنامج الوطني للتربية الدامجة سنة 2019، ويشكل المشروع 4 ضمن القانون الإطار 2017 نقلة نوعية في الاهتمام بالأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة من التمدرس، وحاليا نتحدث عن البرنامج 13 في خارطة الطريق 22-26 والذي يروم الاهتمام بهذه الفئة داخل المؤسسة التعليمية الدامجة من خلال مداخل أساسية تتمثل في: التعبئة والتحسيس من أجل إذكاء الوعي بغية التصدي للاتجاهات الاجتماعية السلبية تجاه الإعاقة والصور النمطية والوصم لأسر الأطفال في وضعية إعاقة؛
- توسيع العرض المدرسي من خلال توفير الولوجيات المادية والفضاءات الدامجة بما فيها قاعة الموارد للتأهيل والدعم التي تشكل دعامة مكملة لما يتم القيام به داخل القسم الدراسي الدامج؛ تطوير النموذج البيداغوجي الذي يروم تكييف مضمون التعلمات والمراقبة المستمرة والامتحانات؛ -الشراكات.
-
التربية الدامجة تسعى إلى تعليم شامل وجامع للجميع، (…) وهي تربية تحارب التهميش والإقصاء وضمان تعليم ذي جودة
- تشكل التربية الدامجة مشروعا عرضانيا لكونه يخترق باقي المشاريع، فإذا أخدنا البرنامج رقم 1 المتعلق بالتعليم الأولي فينبغي الحديث على تعليم أولي دامج، وذلك لأهمية التدخل المبكر في التصدي لمشكلة معينة، نفس الشيء بالنسبة لتنزيل باقي المشاريع:
- رياضة مدرسية دامجة؛
- حياة مدرسية دامجة؛
- مؤسسة خصوصية دامجة؛
- مؤسسة رائدة دامجة.. الخ. والمشروع يأتي في إطار الانتقال من فترة الإدماج المدرسي، حيث أن ذوي الإعاقات يتم وضعهم سابقا في قسم خاص داخل المؤسسة التعليمية ويظلون معزولين عن باقي تلاميذ المؤسسة ولهم استعمال زمن خاص بهم، وهذا في حد ذاته عزل وإقصاء باعتبار دور التفاعلات الاجتماعية وتعلم السلوكات الإيجابية داخل الجماعة دون تمييز معين مع الاستفادة من كل التدابير التيسيرية وتكييف للمنهاج الدراسي حسب نوع الإعاقة. كما أن التربية الدامجة تسعى إلى تعليم شامل وجامع للجميع:
- الأطفال الرحل؛
- الأطفال المتخلى عنهم؛
- أطفال الشوارع؛
- أطفال المهاجرين؛
- الأطفال الذين يعانون من أمراض صعبة.. الخ. فهي تربية للجميع، تحارب التهميش والإقصاء وضمان تعليم ذي جودة. للإشارة فإن كل المؤسسات التعليمية عمومية أو خصوصية تعج بإعاقات مختلفة، خصوصا الاضطرابات النمائية العصبية، إذ لا توجد مؤسسة تعليمية عمومية أو خصوصية ليست بها إعاقات معينة ولا يخلو فصل دراسي من الإعاقة، خصوصا الإعاقة غير المرئية، لذلك وجب العمل على إذكاء الوعي للجميع من أجل رصدها وكشفها وتشخيصها مبكرا، حتى يتم التدخل في الوقت المناسب، والبعض منها يكتشف في مرحلة التعليم الأولي.
س= ماهي المؤسسة التعليمية الدامجة؟
ج= المؤسسة التعليمية الدامجة بها ولوجيات مادية بما فيها المرافق الصحية المكيفة، قاعة الموارد للتأهيل والدعم التي يشرف عليها أستاذ ملم بالتربية الدامجة ويستفيد داخلها التلميذ في وضعية إعاقة من دعم أكاديمي وخدمات طبية وشبه طبية حسب مشروعه البيداغوجي الفردي الذي يشارك في بنائه فريق متعدد التخصصات: -أسرة، -مرافق”ة” الحياة المدرسية، -أستاذ، -مدير مؤسسة، -مفتش تربوي، -الفريق الطبي والشبه الطبي، وتتوفر المؤسسة على مشروع مؤسسة دامج، ومشاريع بيداغوجية فردية للتلاميذ ذوي الإعاقة، وكل الأساتذة مكوَّنين في المجال ويقومون بالتكييفات اللازمة.
س= ما هي أنواع الاعاقات التي تهتم بها وزارة التربية الوطنية؟
ج= كل الإعاقات صراحة، ولكن كما تعلمون تم التركيز على اضطراب طيف التوحد من خلال برنامج رفيق. وهذا الاضطراب يدخل في إطار الإعاقات الصعبة من حيث التكفل. بالإضافة إلى برنامج يسر حول اضطرابات التعلم الخاصة التي تدخل في إطار الإعاقات الخفية والمتواجدة بكثرة داخل المؤسسات التعليمية. وفي هذا السياق أشار القرار الوزاري 47.19 في المادة 3 إلى الإعاقات التي ينبغي على المؤسسات الدامجة تقديم خدمات التربية والتعليم والمواكبة لكل تلميذ يعاني منها والمتمثلة في: 1.إعاقة التوحد؛ 2.الإعاقة الذهنية؛ 3.إعاقة الشلل الدماغي الحركي؛ 4.الإعاقة السمعية؛ 5.الإعاقة البصرية؛ 6.إعاقة اضطرابات التعلم؛ 7.إعاقات أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنه يتم التفكير حاليا في مراجعة هذا القرار الذي يشكل خارطة طريق لتنزيل التربية الدامجة بالمؤسسة التعليمية الدامجة من أجل تنزيل أفضل للمشروع وحتى يستجيب للمستجدات التربوية الحالية وانتظارات كل الفاعلين في الميدان بغية الرفع من مؤشرات نجاح المشروع وطنيا.
(يتبع في الجزء الثاني)