الحدثالرأي

عبد الإله إصباح يكتب عن ترامب والمغرب

عبد الإله إصباح/كاتب ومحلل

تم انتخاب ترامب إذن رئيسا للولايات المتحدة وإزاحة منافسته من الحزب الديمقراطي. وبذلك يكون قد حقق حلمه في ولاية ثانية، وكان سيحرم من ذلك لو نجحت محاولة اغتياله الغامضة والملتبسة من حيث دوافعها وغاياتها . و ككل انتخابات رئاسية بأمريكا حظي فوز ترامب بردود فعل مختلفة حسب انتظارات ورهانات كل دولة من دول العالم وموقعها  و وزنها في صراع القوى العالمي.

والمغرب كنظام ودولة راهن فيما يبدو كثيرا على هذا الفوز للمرشح الجمهوري، خاصة أن ولاية الحزب الديمقراطي اتسمت بالغموض فيما يخص قضية الصحراء المغربية، إذ لم يصدر خلالها أي موقف يدعم بشكل واضح مقترح المغرب، فكان من الطبيعي الرهان مجددا على عودة ترامب إلى البيت الأبيض  لتحقيق تقدم ملموس  في أفق حل نهائي و حاسم ينهي أطوار هذا النزاع الذي عمر أكثر من اربعة عقود .

غير أن السياق الراهن لعودة ترامب يختلف في الكثير من جوانبه عن السياق السابق الذي صرح فيه بمغربية الصحراء، فالسياق السابق اتسم بتراجع القضية الفلسطينية عن أولويات أجندة القوى المهيمنة   التي  بدأت أنذاك تعتقد أن الوقت مناسب  لطي ملف هذه القضية بما يخدم أطماع الكيان الصهيوني  في إقبارها نهائيا، ولذلك شرعت أمريكا في الضغط على مجموعة من الدول العربية للتطبيع ، ومارست الابتزاز والمقايضة اتجاه المغرب  لكي يوقع اتفاقات ابراهام. ولقد ساد انطباع بأن القضية الفلسطينية  دخلت فعلا  طورا خطيرا  يهدد بإنهائها جذريا من اهتمامات الدول والشعوب، غير أن عملية طوفان الأقصى البطولية شتت من جديد كل الأوراق وأربكت كل الحسابات وأعادت قضية الشعب الفلسطيني  إلى الصدارة من اهتمامات الدول والرأي العام العالمي. لم يعد إذن للتطبيع تلك المبررات التي يسوقها عرابوه  عربيا ومغربيا، فصورة الكيان الصهيوني تلطخت بدماء ضحايا إبادته الجماعية  في فلسطين  وتوج ذلك بإصدار مذكرة اعتقال  من طرف  المحكمة الجنائية الدولية  في حق مجرم الحرب نتنياهو  وعدد من قادة الكيان الفاشي.

بديهي أن أمريكا عندما ابتزت وضغطت من أجل التطبيع، فعلت ذلك لمصلحة الكيان الصهيوني في الأول والأخير، و من منطلق الحفاظ على مصالحها لدى الدول وتكريس نفوذها  الدائم، لن تقوم الولايات المتحدة باتخاد مواقف و خطوات تنهي ملف الصحراء لصالح المغرب، فهذا الملف بالنسبة لها ورقة ابتزاز دائمة سواء اتجاه المغرب أو اتجاه الجزائر، خاصة وأن هذه الأخيرة وإن كانت علاقتها جيدة بروسيا فعلاقتها ليست سيئة بأمريكا، فالعديد من المسؤولين الأمريكيين يزورون الجزائر بما يفيد ويؤكد أن العلاقة بين البلدين علاقة طبيعية تخلو من أي توتر أو صراع. ترامب إذن لن يذهب في تأييده للموقف المغربي إلى الحد الذي يمس علاقة بلاده بالجزائر، سيستمر في ممارسة الابتزاز، وسيماطل  في تحقيق مطالب المغرب إلى أن تنتهي ولايته كما فعل في الولاية السابقة، هو في الأخير رئيس أمريكي لا تهمه إلا مصالح أمريكا ومصالح الكيان الصهيوني ، أما المغرب وغيره من الدول فيبقى منطقة نفوذ ينبغي الحفاظ عليها دون التفريط في مناطق النفوذ الأخرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى