لوسات أنفو
حاوره: إلياس أبوالرجاء وعادل أيت واعزيز
مخلص ومحب للقصة القصيرة، قاص وروائي في الوقت نفسه، صدرت له مجموعتان قصصيتان هما: مرايا سنة 2010 والتي قام بتقديمها رائد القصة القصيرة أحمد بوزفور ثم قلعة المتاهات سنة 2022. وتوج هذا العام بالجائزة الأولى للصالون الأدبي “الملتقى”، راعي “جائزة أسماء صدّيق المطوع للرواية الأولى”، بشراكة مع “دار الآداب” البيروتية، في نسختها الأولى.
يصنع متاهاته الخاصة ويتقاسمها مع القارئ، ويلتقي مع بوخريص في حب المتاهة وإن كان لكل منهما متاهته الخاصة حسب قوله: “متاهته زمنية ومكانية ومتاهتي سردية.”
في هذا الحوار يحدثنا سعيد رضواني عن بداياته في كتابة القصة القصيرة، ثم حصول روايته الأولى “أبراج من ورق” على جائزة أسماء الصديق المطوع الإماراتية، كما يخبرنا عن وضعية الإبداع بالمغرب وعن أسباب ابتعاده عن التدوين في المواضيع السياسية.
س: في البداية لا شك أنك كتبت مجموعة من النصوص والأعمال غير المنشورة قبل إصدارك الأول “مرايا”. حدثنا عن ولوجك لعالم الإبداع القصصي، وهل تلك النصوص الأولى هي التي شكلت القاص سعيد رضواني الذي نعرفه اليوم؟
ربما من حسنات عدم التسرع في النشر هو إتاحة الفرصة للمبدع كي يتأمل تجربته، وقبل إصدار مجموعتي “مرايا” كتبت الكثير مما يمكن أن نسميه تجاوزا “قصصا قصيرة” لكن عدم نشر تلك التجارب جعلني أدقق فيها مع توالي الأيام، وأتأملها وكم كنت أستغرب أن مرور الأيام والشهور والأعوام قد غير نظرتي للقصة القصيرة وبالتالي تغيرت معه نظرتي لما كتبته سابقا، فبادرت إلى إعدام كل ما كتبته، وابتدأت من جديد. ولم أتسرع في نشر أي من كتاباتي، بل كنت أضعها جانبا ثم أعود إليها بعد مرور يكفيني للخروج من تأثيرها، وبعد أن اطمأن قلبي لها قمت بإصدارها.
س: أن يقوم رائد القصة القصيرة أحمد بوزفور بتقديم مجموعتك القصصية الأولى “مرايا” ليس بالأمر الهين. ما السر الذي وضعته في “مراياك” حتى تنال هذه الاشادة والثناء من أحمد بوزفور؟
سي أحمد بوزفور أستاذنا وشيخ القصة المغربية وهو منارة نهتدي بها في خضم بحر الإبداع، وتقديمه لمجموعتي “مرايا” جعلني أشعر بثقل المسؤولية حتى أنني تريثت سنوات قبل إصدار مجموعتي الثانية “قلعة المتاهات” وبعدها روايتي “أبراج من ورق”، أما عن ميزة مجموعتي “مرايا” فأظن أن غيري أفضل مني في اكتشافها.
س: لاحظنا أنك تستحضر كثيرا “صانع المتاهات” بورخيس أثناء حديثك؟ هل استلهمت من بورخيس أثناء كتابة متاهتك الخاصة كذلك “مرايا”؟
أحببت كثيرا إبداع خورخي لويس بورخيس مثلما أحببت إبداع أحمد بوزفور ومحمد زفزاف والكثير من الكتاب الآخرين، لكن بورخيس ألتقي معه في حب المتاهة وإن كان لكل منا متاهته الخاصة: متاهته زمنية ومكانية ومتاهتي سردية.
س: بالإضافة إلى بورخيس، من هم الكتاب الذين يشكلون مصدر إلهام بالنسبة لسعيد بتجاربهم القصصية والروائية؟
أحمد بوزفور ومحمد زفزاف وخوليو كورتازار وخوان رولفو واللائحة طويلة
س: نعلم أن المبدع يمر بمجموعة من المراحل والفترات قد تصبح فيها الكتابة مستعصية بالنسبة إليه. هل سبق لسعيد أن عانى من “حبسة الكتابة”؟ وإن كان الجواب نعم، كيف تعاملت مع الأمر؟
أظنني لم أمر بهذه التجربة، والتجربة الخاصة بي هي عدم الرضى على الكثير مما أكتبه فأعدمه دون تردد.
س: حازت روايتك “أبراج من ورق” على جائزة أسماء الصديق المطوع الإماراتية. حدثنا أولا عن هذه الرواية؟
كتبت روايتي “أبراج من ورق” وأنا أفكر بالشكل أكثر مما أفكر في المضمون، وربما شكلها هو الذي أوحى إلي بمضمونها. قبل كتابتها فكرت في رواية من فصلين متناظرين هندسيا، وهذا الأمر أوحى إلى بأن تكون مكونات المضمون لغوية وهكذا خطرت لي فكرة ضيعة مبنية بحروف خرسانية.
س: ما الذي يعنيه لك هذا التتويج؟ وهل كنت تتوقع حصول روايتك على إحدى الجوائز أثناء كتابتها؟
الجوائز لا تصنع كاتبا، قد تساهم في انتشار إبداعه لكن المبدع تصنعه كتاباته، ولسنوات طويلة كنت ضد المشاركة في أي جائزة، لكن الآن تغير الأمر في نظري. الإبداع في العالم العربي يحتاج إلى التشجيع والتقدير والكثير من الجوائز تفعل هذا، وجائزة أسماء صديق المطوع جائزة مرموقة ومتميزة وسعيد أنا بحصولي عليها.
س: انتقلت من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية، هل كان هذا الانتقال سلسا بالنسبة إليك؟ وأيهما تفضل أكثر؟
أنا مخلص ومحب للقصة القصيرة، وانتقالي إلى الرواية لم يكن سلسا بل كان متعثرا بسبب التردد ولولا إلحاح صديقي المبدع الرائع هشام ناجح ما كتبت الرواية أصلا.
س: لا شك أن جيلا جديدا من كتاب القصة القصيرة في طريقه إلى البروز في المغرب. من تراه جديرا بقيادة مشعل القصة القصيرة في المغرب؟ وهل ترى نفسك الأجدر بذلك؟
الإبداع في المغرب بألف خير والأزمة أزمة قراءة وليس أزمة إبداع، ومشاعل الإبداع لا تحتاج لقيادة بل لمن يحملها ويمررها إلى الأجيال اللاحة، وكما حمل سي أحمد بوزفور ومحمد زفزاف مشعل الإبداع أتمنى أن أكون واحدا ممن يحملون هذا المشعل، أما القيادة فتركناها للسياسيين.
س: بعيدا عن القصة، كنت نشطا في التغريد على حسابك في “التويتر” في المواضيع السياسية، إلا أنك عزفت عن ذلك مؤخرا. هل للأمر علاقة بحرية التعبير بالمغرب؟
ابتعدت عن التغريد في الأمور السياسية بقرار قطعي، من أراد الخير لبلده فلينشط في الذي يحبه ويبرع فيه ولو نسبيا، ولأني لست كائنا سياسيا ارتأيت أن أبتعد عن الأمور السياسية، وللسياسة رجالها العارفين بخباياها وأنا لست منهم.
س: علاقة دائما بحرية التعبير، هل ترى أنك تتمتع بهامش كاف من الحرية في الكتابة؟
تجربتي في التغريد أعطتني انطباعا بأني كنت حرا تماما فيما أكتب ولم أشعر أبدا بأنني مراقب أو أن حريتي مقيدة، لأني بطبعي أحترم الآخر سواء أكان الآخر مواطنا عاديا أو مسؤول، ومادام الإنسان يعبر بحرية لا تضر بالآخرين أو تسيء لهم فلا أعتقد أن هناك من سيتجرأ ويحاول كبح حريته على الأقل هنا في بلدنا، أما من يحتاج لهامش شاسع من الحرية ليسب ويتهجم فأنا ضده وضد هذا التوجه.
س: كنت أيضا تنادي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بالمغرب. هل من واجب المبدع أو المثقف أن ينخرط في الواقع المجتمعي المعاش عوض الغوص في عزلته الخاصة؟
هذا من واجب المثقف العضوي وأنا لا أنتمي لهذا الفصيل أنا متفرغ للإبداع وأنادي بما ينادي به المواطنون المغاربة وطبعا في حدود المقبول.
س: أخيرا، هل لك أن تحدثنا عن عملك القادم؟
أشتغل الآن على مجموعة قصصية ورواية وأفضل ألا أتحدث عنهما حتى لا أفقد الحافز الذي يحرضني على كتابتهما.