تحليلات استراتيجية

الدبلوماسية الثقافية.. أنسنة للعلاقات الدولية وتواصل بين الثقافات

 إ.م بنصالح.

صحافية وباحثة في الدراسات الأدبية والإعلامية / الرباط.

 جامعة محمد الخامس بالرباط والمعهد العالي للصحافة والإعلام.

ملخص الدراسة:

تروم هذه الدراسة الموجزة والمبسطة الممهورة ب “الدبلوماسية الثقافية.. أنسنة للعلاقات الدولية وتواصل بين الثقافات” إلى تبيان مدى أهمية الدبلوماسية الثقافية في تعزيز الاشعاع الفكري والثقافي للدول، باعتبارها قوة ناعمة يناط بها جلب الاهتمام الدولي للبلد، الذي يضم صناعات ثقافية وأعمالا فكرية وفنون متعددة، يتم الترويج لها من خلالالعروض السينمائية أو الدورات الثقافية، وكذا التسويق الإعلامي والادعائي.. الخ من ابجديات التسويقوالترويج الثقافي، أي إيصال صورة البلد عن طريق أساليب تنضوي تحت مفهوم الدبلوماسية الثقافية، باعتبارها الوسيلة الأنسب للانتشار ثقافة الشعوب على أوسع نطاق بحس إنساني وإبداعي.

توطئة:

الدبلوماسية علم من العلوم الانسانية وفن من الفنون النبيلة، إذ أنها تقوم على الأعراف وتخضع للأصول، فهي علم وفن التعامل مع الغير بحسن الطوية وقوة منطق رجاحة عقل وسداد رأي.

تعتبر الدبلوماسية علم وفن وشخصية جد متميزة، فهي علم لأنها تتطلب دراسة وتعمقا فيها كتخصص، من فهم لقواعد العلوم الدبلوماسية، واستيعاب لظروفها التاريخية ودراية بأبعادها الجغرافية، إلى نيل جميع مناهلها العلمية واتخادها كمهنة عن كامل المعرفة والدراية.

وهي فن لأنها تقوم على الموهبة في التعامل النبيل وقوة الإقناع واختيار ما يناسب من الكلمات وفن في لغة الجسد والحركات.

ثم هي شخصية جد متميزة لأن الممارس لها ذاك الإنسان الدبلوماسي، يعتبر شخصية خاصة يتميز بذكاء وحصافة وفطنة ونباهة لغوية، انسان متمكن من استيعاب كل الظروف والفرص، حذر وسلس في التعامل والتجاوب والتخاطب.

تشهد الدبلوماسية اليوم مكانة بالغة الأهمية، إذ تشكل اللبنة الأولى وتحتل المركز الأساسي في مسار تطور العلاقات الدولية وفق مجموعة من القيم والأعراف المتفق عليها، لذلك كان لزاما على الشخص الدبلوماسيأن يتوفر على مهارات وطاقات ومواهب لا تتوفر في أي إنسان، من بين أهمها أن يكون قارئا نهما لكل جديد، سباقا إلى المعرفة بأخبار وأحداث العالم أولا بأول، حتى يكون قادراعلى أن يمثل مصالح دولته وصورة مواطنيه أحسن تمثيل.

ماهية الدبلوماسية: لغة واصطلاحا.

الدبلوماسية مصطلح إغريقي الأصل، انتقل الى اللاتينية ومنها إلى اللغات الأوروبية. ويفيد هذا المفهوم معنى “الوثيقة المطوية” نسبة إلى الاسم اليوناني القديم “ديبلوم”١. وعندما انتقل الى اللغة اللاتينية أخد مفهومين:

المفهوم الأول: يفيد الشهادة أو الوثيقة التي يتبادل بها الملوك في علاقاتهم الدبلوماسية والتي تمنح حاملها امتيازات معينة من قبيل حسن احترامه والتعامل معه.

المفهوم الثاني: يتعلق باستعمال الرومان كلمة دبلوماسية، بما يفيد طباع المبعوث الدبلوماسية من أدب ومودة مصطنعة وتجنب أسباب النقد٢.

وعموما فكلمة الدبلوماسية هي الوثيقة الرسمية المطوية والمختومة الصادرة عن قادة البلاد والمرسلة من خلال مبعوث خاص يترتب له بموجبها امتيازات خاصة.

أما اصطلاحا فهي فن تصريف الأمور بلباقة وكفاءة وذكاء ومتابعة المفاوضات من أجل تحقيق نتائج أفضل. ويرى الدكتور علي صادق أن عمل الديبلوماسية هو مراقبة مجرياتالأمور والحوادث وحماية مصالح الدولة، والمفاوضة في كل ما يهمها٣. أما البروفيسور برادي فوردي فقد عرفها بأنها فن تمثيل الحكومة ومصالح البلاد تجاه الدول الأجنبية، وإدارة الشؤون الدولية بتوجيه المفاوضات الدولية كي تصبح المبادئ القانونية أساس التعامل بين الشعوب. وعرفها ريفييه علىإنها علم وفن تمثيل الدول واجراء المفاوضات.

وعلى ضوء ما سبق يمكن القول إن الدبلوماسية هي علم العلاقات بين الدول وبالمصالح الخاصة بكل منها وفن تمثيلها بحذق ومهارة وقوة تفاوض.

المقصود بالدبلوماسية الثقافية:

أما إذا ما أردنا تعريف مجال دراستنا في هذه السطور، فسنشرع لتفسير مصطلح “الدبلوماسية الثقافية” بشكل موجز كما يلي:

 قبل الشروع في معرفة المفهوم الدقيق للدبلوماسية الثقافية يجدر بنا معرفة أول ظهور عملي لهذا المفهوم، إذ يقر بعض الدارسين بأن أول ظهور لمؤسسات الدبلوماسية الثقافية شهدته بلاد موليير ضمن هيكلتها الحكومية أنذاك في منتصف القرن التاسع عشر، ثم تبعتها بعد ذلكألمانيافبريطانيا العظمى التي أسست المجلس الثقافي البريطاني عام ١٩٣٤ ثم جاءت الولايات المتحدة الأمريكية التي أسست برنامجها الثقافي الرسميعام ١٩٣٨، ثم تبعهم في ذلكالعديد من الدول العالم ليصبح فيما بعد اختيار أعلام الفكر ونجوم الفن كسفراء لبلدانهم بشكل متعارف عليه رسميا، ونتيجة لذلك أصبحت عملية استحداث دوائر للعلاقات الثقافية في إطار هيكلية وزارات الخارجية امرا شائعا في اغلب دول العالم إن لم نقل جميعها، وقد برز مفهوم الدبلوماسية الثقافية الجماعية أو الدولية منذ مطلع العقد الثالث من القرن الماضي عندما انشئت عصبة الأمم مركز التعاون الفكري في العاصمة الفرنسيةباريس، وفي سنة ١٩٤٥أنشأت الأمم المتحدة منظمة اليونيسكو التي لا تزال تقوم بعمليات تنسيق النشاطات الثقافية الى يوم الناس هذا.

وفي تعريف اخر الدبلوماسية الثقافية هي: “عملية يتم من خلالها تبادل التقاليد والقيم والأهداف والأفكار، بهدف تعزيز سبل التفاهم والتعاون والتقارب، حيث تزداد هذه الحاجة للدول عندماتكثر الحملات العدائية ضدها، فتنتشر المغالطات والصور المشوهة،وحاجتها في ذلكالى وسيلة أوأسلوب حوار ثقافي لنشر حقيقتها عند الشعوب الأخرى،وهنا تأتيأشكال المشاركات الثقافية بغيةتنشيط الدبلوماسية الثقافية على هيئة معارض فنية أو ندوات ثقافية تجول العالم، من أجل تحقيق أهداف ثقافية سياسية تخدم مصالح المنطقة الدبلوماسية٤.

وفي سياق آخر هناك من ينظر الى الدبلوماسية الثقافية على أنها: “الجهود الدبلوماسية التيترمي الى إحداث تغيير في التطورات التي تحتفظ بها الدول عن غيرها وما يرتبطبذلك من تغير في أنماط سلوكها تجاه الدول الأخرى وإيجاد تأييد شعبي لثقافة معينة، تمكن من خلق ردود أفعالإيجابية لسياسة الدولة، بما يسمح من إقامة علاقات مستقرة وروابط ودية بين الشعوب٥.

يتضح لنا من خلال هذه الشروح المبسطة، أن مفهوم الدبلوماسية ظهر للوهلة الاولىفي بلاد الاغريق، ثم شهد فيما بعد مراحل انتقالية شملت حتى اللغة، الى ان أضحى مفهوما يحمل في طياته تخصصات وأنواع.. والحال في دراستنا هذه يروم الإلمام بمفهوم وتخصص الدبلوماسية الثقافية. هذا المفهوم الذي ظهر لأول مرة في الدول الأوروبية، تحديدا في فرنسا، الى أن انتقل بعد ذلك لبقية الأمم، ليصبح فيما بعد من الأعراف الدبلوماسية ومن السياسة الخارجية للدول، على اعتبار انه الوسيلة الأنسب لتعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي وتثمين أواصر وجسور التواصل بين البلدان بما يفتح المجال لعلاقات أعمقينجم عنها تعاون اقتصادي وتعليمي وانساني.. الخ

أنواع وأساليب الدبلوماسية:

 

للدبلوماسية بشكل عام، أساليب وأنواع تحدد مجال اشتغالها وفق نمط معين وتحت منظمة معينة ترسم صورة عملها، سنوجزها كالتالي٥:

 

  • الدبلوماسية الرسمية: وهي تلك الدبلوماسية التي تمارسها الأشخاص القانونية الدولية، كالدول والمنظمات الدولية الرسمية عن طريق المؤسسات الدبلوماسية المعروفة.
  • الدبلوماسية الثنائية: هي الأساس في العلاقات الدولية لفترة طويلة من الزمن، اذ كانت الدول تدخل في علاقاتها مع بعضها بصورة مباشرة وعبر اللقاءات الثنائية وما ينجم عنها من معاهدات وتحالفات.
  • الدبلوماسية العامة: (وهي مجال دراستنا)، تعتبر نمطا جديدا من الدبلوماسية في الوقت الحاضر، اذ تمارس على صعيد العلاقات الدولية أيضا لكن ليس من قبل الدول او المنظمات الرسمية، وانما من طرف منظمات غير حكومية يقيمها الافراد، ولكنها تمارس اعمالها الى جانب الدول، حتى أصبحت تمثل جزءا كبيرا من العلاقات الدبلوماسية في الوقت الحاضر. من بين هذه المنظمات نذكر منها:
  1. المنظمات غير الحكومية ذات طابع مهني: تتولىهذه الأخيرة مصالح الأفراد مثل اتحاد الحقوقيين العرب، اتحاد المحامين العرب، والاتحاد الدولي للصحفيين.
  1. المنظمات غير الحكومية ذات منفعة عامة:تتبنى هذه المنظمات القيام بأعمال تمس جميع الشعوب مثل المنظمات التي تعنى بالحماية البيئية ومنظمات حقوق الإنسان، منظمات الهلال الأحمر ومنظمة العفو الدولية.
  1. المنظمات غير الحكومية ذات منفعة خاصة: وهي التي تعنى بإنشاء منظمات تضم أفرادا من شعب دولة واحدة إلا أن عملها عام يشمل جميع شعوب الدول، ومنها منظمات أطباء بلا حدود، مراسلين بلا حدود. وغالبا ما تتبع هذه المنظمات دولة واحدة، ولكن عملها على العموم ذات صبغة عالمية.

 الدبلوماسية الثقافية: أنسنة العلاقات الدولية

اليوم وفي عصرنا الحالي في ظل التطور الرقمي، هناك حاجة ملحة إلى إنتاج وتطوير الوساطة الثقافية والاجتماعية، تحديدا في قضايا التفاعل الثقافي وحوار الحضارات والثقافات، وذلكم ما نحتاجه ويحتاجه العالم، لأجل تجذير ثقافة المحبة والحوار، دفاعا عن القضايا الوطنية العادلة.وقد ساهمت التكنولوجيا في تبادل غير مسبوق للأفكار والآراء والحوارات، مما سهل بشكل ملموس عملية الحوار والتواصل بين الثقافات والشعوب والاديان، ويمكن القول إن هذه المكتسبات جاءت نتيجة أنسنة العلاقات الدولية عن طريق الدبلوماسية الثقافية، والمقصود هناترسيخ علاقات دولية بحس انساني ومنفتح. على سبيل المثال لا الحصر، تبادل الأفكار والفن واللغة لغرض تحقيق الكثير من الرهانات، منها خلق التفاهم بين الأمم والشعوب، ودعم الحوار والتعليم والتبادل الثقافي،ثم تطوير التعاون الدولي والازدهار العالمي، وأيضا تعزيز السلم والامن الدوليين.

ومن هذا المنطلق برز مفهوم الدبلوماسية الثقافية، التي تُصنف على أنها عنصراً من عناصر الدبلوماسية العامة، فهيإذا شكل من أشكال تبادل المعلومات والنقاشات وترويج الفنون وجميع جوانب الثقافة بين الأمم والشعوب.ومنذ بداية القرن التاسع عشر اشتغلت معظم الدول على انتهاج سياسة ثقافية خارجية ذات وعي متقد تروممن خلاله تنفيذ مهام سياساتها الخارجية. وقد أدى كل هذا إلى ظهور شكل جديد من أشكال الدبلوماسية بين الامم، بات يعرف بالدبلوماسية الثقافية.

إذا فالدبلوماسية الثقافية هيعملية تبادل للأفكار والمعلومات والفن وغيرها من جوانب الثقافة بين الأمم لتعزيز قيم التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، فهي بكل بساطة تجسيد وترسيخ على كل ما تفعله وتملكه الأمة للتعريف بنفسها وثقافاتها وأعرافها امام العالم.

ونظرًا لكون جوهر الدبلوماسية الثقافية تسمح للدول أن تتقاسم مختلف أنماط التعبير الإبداعي الخاصة بها، فهي مرنة بشكل كبير وملموس، وبالتالي يمكن أن تكون واحدة من أكثر الأدوات الدبلوماسية فعالية، من حيث امتلاكها القدرة على الإقناع والتأثير، من خلال منافذ الثقافة ومعابر القيم والأفكار، بدلاً من التأثيرعبر القوة الصلبة، التي يتم اكتسابها وتنفيذها من خلال باقي نطاقات الدبلوماسية المعروفة. ولعل هذا ما يحيلنا بكل وضوح إلى مفهوم “القوة الناعمة”. وهي حسب رائدها جوزيف ناي “القدرة على الحصول على ما تريد بالجذب بدلاً من الإكراه أو الدفع، وهي تنشأ من ثقافة البلد، ومُثله السياسية وسياساته، وبداية النظر إلى “الثقافة” كواحدة من محدَّدات السياسة الخارجية لأي بلد”.

سيستنتج القارئ من هذا المفهوم، أن القوة الناعمة تمثلمدى وعي وإدراك الساسة والقادة أن قوة الدولة لا تقاس بالهيمنة الاقتصادية والتفوق العسكري أو ما شابه ذلك من مجالات، بل تقاس بمدى قدرتها الثقافية على إنشاء علاقات مع الدول الأخرى، على مستوى تبادل المعلومات والتطور المعرفي وترويج الفنون والتراث والموروثات الثقافيةالمادية واللامادية، وغيرها من صنوف الثقافة. لذلك، توجهت أنظار المتخصِّصون في السياسة الدولية إلى الثقافة، باعتبارها بمثابة “وزارة خارجية الشعوب”، نظراً لما تملكه من مقومات أكثر تأثيراً على الأمم من العمل الدبلوماسي التقليدي الرسمي، الذي يتمثل عادة في وجود سفير وسفارة وبعثة دبلوماسية. فمفهوم الدبلوماسية الثقافية يتجاوز هذه الوظيفة البروتوكولية إلى تقديم صناعة ثقافية لجمهور خارجي، بهدف تعزيز قوة الدولة ومكانتها، وبناء صورة ثقافية مقنعة ومؤثرة.

هذه إذن بعض أبعاد ومقاصد الدبلوماسية الثقافية مع العلم أن هناك مقاصد أخرى لا يسعنا المجال هنا لاستيفائها جميعها، لكن على العموم تبقى الدبلوماسية الثقافية التي هي متفرعة عن الدبلوماسية العامة كما ورد سابقا، تبقى أسلوب من أساليب تعزيز التعاون والتبادل فيما بين الدول والشعوب، وتبقى كذلك وسيلة مهمة لإزالة الخلافات والمشاحنات بين الدول، ويمكنالقول بأن أبعاد ومقاصد الدبلوماسية الثقافية تتراوح بين البعد الاقتصادي والاجتماعي، والبعد السياسي، ثم البعد الحضاريفالبعد الفكري والعقائدي.

 وظائف واستخدامات الدبلوماسية الثقافية:

ان ما يحسب للدبلوماسية الثقافية هو انهمامها الأثير بالعمل على تجسير الهوة بين الشعوب العربية والغربية، وإقامة وتقوية جسور التعاون بين الأمم والشعوب، وفق قضايا الثقافة والتنوع الثقافي، والتجاذبات المجتمعية ثم التحولات التكنولوجية – الرقمنة كنموذج، وهو ما لن يتأتى إلا إذا تم توظيف مجموعة من العناصر التي تعتبر هي الأخرى جزء لا يتجزأ من الدبلوماسيات ونوردها كالتالي:

  • الإعلام: يعتبرهذا الأخير بجميع صنوفهالوسيلة الأساسية والأولى لنقل المعلومات.فهو عنصر لا محيد عنه في عملية الاتصال السياسي، إذ يشكل حزام النقل في الحوار بين الرعايا والحكام، نظرااستخدامه من كلا الطرفين كأداة للتفاعل المتبادل بينهما. ويجب التأكيد هنا على أن دوره لا يقتصر فقط على البعد الداخلي للسياسة، بل يشمل أيضًا مجال العلاقات الدولية، ومن هذا المنظور يمكن اعتبار وسائل الإعلام كيان يقوم بتشكيل السياسة الخارجية للدول.
  • الفنون: أداة للدبلوماسية الثقافية، إذ أثبتت فعاليتها من خلال المسرح، الصناعات السينمائية، الموسيقى والرقص.. الخ منالأدوات القوية التي يخول لهاالدخول إلى قلوب وعقول الناس في جميع بقاع المعمور، وذلك بفضل قدرتها وقوتها على لمس مشاعر الإنسان العميقة. من خلال نقل الأفكار والظروف مجازيا ونقلها مجتمعيا عن طريق استخدام الفنون.

·       الحوار: الحوار اللبنة الأساس للدبلوماسية، هو عنصر مهم للنجاح في حل النزاع، سواء كان الصراع قديما تاريخيا أو نتيجة للظروف الحالية، فمن المهم التقريب بين الجانبين عن طريق الخوض في الحوار الذي يستحق هو الاحر جهدا جهيدا لإقامته وإشراك الأطراف الفاعلة فيه. وفي هذا السياق يمكن للمشاريع الثقافية العامة التي يفهمها الجميع أن تكون طرفا فعالا للتعاون وإرساء سبل الحوار.

 

·       برامج التبادل: تعتبر برامج التبادل الدولي أو الأكاديمي بين الدول والشعوب عن طريق السفر إلى دولة أخرى، تجسيدا لمفهوم دبلوماسي ثقافي، اذ يكون الشخص هنا، ممثلالمنظمة أو مشروع تنموي أو لجامعته في بلده لدى البلد المستضيف. ويشكل المجتمع الجديد الذي يعيش فيه ثقافة جديدة عليه، يتعين فهمها والانصهار داخلها، دون أن يتجرد من ثقافته، بل أن يشارك ثقافته وفنه وأعرافه مع المجتمع الجديد، كتمثيللمجتمعه.

ترتبط جميع هذه العناصر بخاصية واحدة ألا وهي تمثيل صورة البلد خارجيا من خلال ترويج الصناعات الثقافية والإبداعية والتعاون الثقافي، بغية تعزيز الإشعاع الفكري للبلاد.ويمكن القول هنا إن استراتيجية عمل هذه المؤسسات باعتبارها دبلوماسية ثقافية يمثل بناء لقوة الوجود الثقافي الذاتي للبلد وتعزيزا لقوة إشعاعه الدولي من خلال الاعتزاز بالذات الوطنية الثقافية والانفتاح على الثقافات والصناعات الإبداعية الأخرى.

على سبيل الختام:

وتأسيسا على ما سبق نستخلص من كل هذا، أن الدبلوماسية الثقافية تملك سبلا راقية للتسويق لحضارة وثرات البلد، من أجل إرساء صورة حضارية للدول في محيطيها الإقليمي والدولي بشكل يمكن من جلب السياح والاستثمار الخارجي، باعتبارها رافدا مهما لتعزيز الثقة وتطوير العلاقات بين الدول وإعطائها بعدا وحسا إنسانيا، وذلك عن طريق مثقفي البلد وكتابها وإعلاميها وما ينتجونه من كتب ومؤلفات وبرامج وعروض وأفلام، وغيرها من الصناعات الثقافية الإبداعية المنوط لها التأثير داخل المجتمعات بصورة ترسخ ثقافة الحوار والتواصل والسلم والإنسانية.

الهوامش والمراجع:

١محمد فاضل نعمة، “الدبلوماسية الثقافية ودورها في تعزيز قرار السياسة الخارجية”، منشورات مركز السلام للثقافة الدبلوماسية٢٤/٠١/٢٠١٠.

٢صفاء العلوي، مقال بعنوان: “حان وقت الدبلوماسية الثقافية”، ضمن منشورات صحيفة الوطن البحرينية. ٢٠١٧/٠٥.

٣ريما الروسيان، ” الدبلوماسية الثقافية والرقمية في إدارة الأزمات”، صحيفة الوئام، قطر.٠٩/٠٧/٢٠٢٠.

٤نجم الدين كرم الله، مقال بعنوان: “دور الدبلوماسية الثقافية في تطوير العلاقات بين الشعوب” في موقع الجزيرة مدونات.

٥ندوة حضرت اشغالها حول “دور الدبلوماسية الثقافية في تعزيز الحوار بين الحضارات” بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط بتاريخ ١٥نونبر٢٠٢٢

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى