الحوار

العربي الربح(2): جهلنا للإعاقة عند الحديث عن الاضطرابات النمائية العصبية يجعلنا إما نعمق من درجة الإعاقة أو نخلق إعاقات معينة

أجرى الحوار عبد الرزاق بن شريج

س= جاء في الجزء الأول من هذا الحوار أن مشروع التربية الدامجة يحارب التهميش والإقصاء ويضمن تعليما ذي جودة، هل الامكانات البشرية متوفرة لتمكين الأطفال في وضعية إعاقة من متابعة دراستهم؟
ج= نوعية الموارد البشرية عنصر أساسي في تنزيل المشروع، ويبقى التكوين الموضوعاتي التطبيقي من خلال ورشات تطرح خلالها دراسة لحالات معينة وكيفية التعامل معها على المستوى البيداغوجي والسلوكي الرهان الأساسي في تنزيل المشروع الذي يعتبر مشروعا مكلفا على جميع المستويات وتتدخل فيه قطاعات أخرى إلى جانب وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كقطاع الأسرة والتضامن والإدماج الاجتماعي، وقطاع الصحة، والأمر يتطلب المشاركة الفعلية من خلال التنسيق أفقيا وعموديا للرفع من مؤشرات نجاحه، إذ يبقى الأمر مرتبطا بتطوير العنصر البشري وإنماء كفاياته كيفما كانت ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والصحية.

س= هل تطبق عملية الدمج المدرسي في الثانوي بسلكيه؟
ج= أكيد فعملية الدمج المدرسي لا تقتصر على سلك معين وينبغي أن يتعدى ذلك إلى المستوى الجامعي، فحاليا مجموعة من الطالبات والطلبة لذيهم إعاقات معينة ويتابعون دراساتهم العليا أسوة بأقرانهم ويحصلون على نتائج مرضية، إلا أنه ينبغي العمل أكثر على جعل الجامعة دامجة على غرار باقي الأسلاك التعليمية.

س= ما هي أنواع الاعاقة المقبولة او التي لا تحتاج مرافق؟
ج= يسجل كل طفل لديه إعاقة خفيفة أو متوسطة بكل مؤسسة تعليمية والحاجة إلى مرافق أم لا مرتبطة برأي الطبيب المختص.

س= هل تم تكوين المدرسات والمدرسين في مجال التربية الدامجة وكيفية التعامل مع هذه الشريحة الهامة من المجتمع؟
س= يشكل التكوين بكل أنواعه دعامة أساسية لتطوير الممارسة المهنية وتجويد التعلمات، فمنذ 2019 نظمت المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية تكوينات في مجزوءة وطنية حول التربية الدامجة أشرف عليها المفتشات والمفتشون التربويون لفائدة مربيات ومربي التعليم الأولي والأطر التربوية، وقد ساهمت هاته التكوينات في التوعية والتحسيس بأهمية الاهتمام بالأطفال في وضعية إعاقة أو خاصة من أجل تقبلهم ودمجهم داخل المؤسسة التعليمية، إلا أن الرهان الحقيقي هو الفهم العلمي للإعاقة خاصة وتملك أدوات الرصد والكشف واستراتيجيات التدخل السليمة بناء على تشخيص متكامل يشارك فيه الأخصائيون حتى نتمكن من تحقيق تكفل سليم دون هدر للزمن، لذلك وجب التفكير في تنزيل تكوينات موضوعاتية تتضمن ورشات تطبيقية من خلال دراسة لحالات معينة والتكييف المناسب للمنهاج الدراسي.

س= أليس من الانسب تخصيص اقسام للأطفال في وضعية إعاقة؟
ج= يتم تسجيل وقبول كل طفل لديه إعاقة خفيفة أو متوسطة، لأن المطلوب هو الحق في التمدرس ومراعاة المصلحة للجميع، أما الإعاقة العميقة يمكن أن تتكلف بها مراكز خاصة، ولا يمكن نسيان أهمية التربية غير النظامية أو الفرصة الثانية، بحيث يمكن للأطفال في وضعية إعاقة الاستفادة من ذلك، وهو أمر أساسي من أجل التصدي للهدر المدرسي، كما أن المغرب قطع مع فترة الإدماج المدرسي التي تشكل تمييزا صريحا بين الأطفال، في حين أثبتت الأبحاث أن المكان الطبيعي للطفل في وضعية إعاقة هو الفصل الدراسي مع الأقران ،لأن الهدف الأول هو الانصهار داخل الجماعة وتعلم السلوكات الإيجابية وزرع ثقافة الاختلاف دون تمييز أو تعرض لتنمر معين.

س= ما هي الاكراهات التي تحول دون تمكين كل المعنيين من الدمج الشامل في الاقسام العادية؟
ج= ينبغي التركيز على إذكاء الوعي وتغيير التمثلات وتقبل الإعاقة وباقي الوضعيات الخاصة دون النظرة إليها بإحسان أو شفقة والتصدي لكل الصور النمطية مع خلق البيئة الآمنة التي تسمح بجعل المؤسسة فضاء للاختلاف وتجسد حق المشاركة داخل الحياة المدرسية بشكل عام، بل حق دستوري وتبني مقاربة سليمة من طرف كل مكونات المجتمع انطلاقا من الأسرة؛ بالإضافة إلى مشاركة كل القطاعات الحية في تنزيل المشروع باستحضار البعد القيمي ووضع مشاريع وبرامج مكملة، ويشكل الإعلام بكل تلاوينه حلقة ضرورية في الوعي الجماعي بالمشروع، وخصوصا الإعاقة. من جانب آخر فالتكوين الأساسي بالمراكز والتكوين المستمر في التربية الدامجة يتطلب تمكين الأطر المستفيدة من تكوينات تطبيقية من خلال مد الأطر المستفيدة بأدوات الرصد والكشف للاضطرابات النمائية العصبية التي توجد داخل المؤسسات التعليمية بنسبة مهمة وتوجد صعوبة في التعامل معها بشكل سليم، كما أن مشاركة المختصين في المجال لها أهمية بالغة في تزويد المتكونين بتقنيات واستراتيجيات من أجل التدخل السليم، لأنه في جهلنا للإعاقة، خصوصا عند الحديث عن الاضطرابات النمائية العصبية، فإما نعمق من درجة الإعاقة أو نخلق إعاقات معينة، وبالتالي فالتكوين في المجال سيخلق ثورة على مستوى الممارسات .
س= ما هي الحلول المقترحة لنجاح مشروع التربية الدامجة؟
ج= نجاح المشروع يتطلب إشراك الجميع من أجل تنزيله كل من موقعه، ولابد من القيام بخطوات آليات تنسيق وتعاون بين مختلف الأطر الإدارية والتربوية والجمعيات العاملة في المجال وتقاسم التجارب الناجعة، لتفعيل قاعات الموارد للتأهيل والدعم وبناء المشروع البيداغوجي الفردي للطفل في وضعية إعاقة، وتوفير الظروف المناسبة للدمج الكامل تحقيقا للإنصاف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى