الرأي

واقعة عميد كلية بنمسيك و أزمة كليات الطب والنضال ضد الصهيونية

يوسف الطالبي

افريقيا، احتلت أحسن جامعة مغربية الرتبة التاسعة والعشرين. وقد هيمنت الجامعات الجنوب افريقية على الريادة متبوعة بالجامعات المصرية. هل تخلف جامعاتنا هو فشل أم هدف مقصود من طرف الدولة؟
تخلف المرفق العمومي هدف البرجوازية يد الاستعمار والصهيونية في ربوع العالم ومنه العالم العربي، حيث إن هدم المؤسسات المقدمة للخدمات العمومية يمنح الرأسمال الخاص فرص استثمار ومراكمة أرباح بشكل لا يتصور. فهو يمهد لها الطريق للاستيلاء على أموال الضرائب، سواء عبر التحفيزات والامتيازات الممنوحة تحت شعار تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، او عبر إطلاق يدها في صناديق الحماية الاجتماعية والتقاعد في مجال الصحة مثلا.
إن غاية الامبريالية من وراء زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية هو تأبيد تخلفها وإبعادها عن لحظة تحقيق السيادة بإدراك الأمن الغذائي والأمن السلاحي والتخلص من التبعية.
مناسبة هذا الكلام هو ما صدر عن العميد الذي لم تتحمل عيناه منظر الكوفية الفلسطينية على كتفي الطالبة المتفوقة، فامتنع عن تسليمها جائزتها، ولكن هذا السلوك هو عرَض من الأعراض، التي تنبه إلى وجود سرطان كبير يتعرش حول مفاصل الدولة والمجتمع، في الدولة يعينون في مناصب المسؤولية من يبيع أمته من أجل المجد الفردي، وفي المجتمع يشعلون نار النعرات الشوفينية الإثنية واللغوية الجهوية … تحت مسمى الذاكرة والثراث اللامادي، وفي الطريق يلتقطون الجبناء الباحثين عن تمويل ورعاية بحوث وسفريات.
إن ما تعيشه كليات الطب والصيدلة وطب الاسنان العمومية من هدر للزمن الجامعي ليمثل تطبيقا وهاجا للسياسات موضوع هذا التحليل، فهو يؤثر لا محالة سلبا على جودة تكوين طبيباتنا وأطبائنا، ولكنه بالتوازي يمنح كل الامتياز للجامعات الخاصة. إذ فضلا عن خفض عتبة الالتحاق بكليات الطب الى 12 او 13، فإنه يضرب مبدأ تكافؤ الفرص، حيث يحرم أصحاب معدلات متفوقة من التسجيل بكليات الطب، بيد أن من المتواضعين ممن يمتلك ذووهم المال يلتحقون بالجامعات الخاصة ويستفيدون من ظروف احسن في التكوين والتأطير وتساهل في التقويم، فهل سمع منا أحد ان طالبا في جامعة طب خاصة رسب او فصل كما يحدث لطلبة الكليات العمومية؟! إلا في حالات النماذج الجانحة أو الميتة اجتماعيا. مما يجعل سياسات الدولة في تسيير قطاع التكوين الطبي تصب في مصلحة الاستثمار الخاص ، كما تصب في مصلحة الطب الخاص فيما بعد، وليس المقصود بالطب الخاص العيادات الطبية الفردية كما عهدناها، ولكن الاستثمارات الضخمة التي تهدد بالاستغلال المتوحش للبشر، مرضى وأطرا، و الثروات والمال العام، كما تعدم كل فرصنا في التقدم والتحرر الوطني والانعتاق من ربقة التبعية.
من هذا المنظور تتداخل القضية الفلسطينية مع قضية الديمقراطية والتحرر الوطني، ويصبح المواطن العربي يجد الصهيونية في طبق العدس الذي يتناوله والعلاج الذي لا يجد مدخلا له، والشعور بالدونية والغلبة بين الأمم. ويصير من اولى أولياته، النضال من أجل إنهاء وجود الصهيونية و تحرير فلسطين، إذ في حريتها حريته وكرامته وامتلااكه لحقه في تقرير مصيره.
فليعذرنا من يزعم أن هذا الكلام خارج موضوعنا، فلربما يرى ذلك لأنه ينظر الى الامور من موقعه هو خارج التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى