هل تعلن الصين حركة طالبان حليفة لها في المستقبل؟
لوسات أنفو: خديجة بنيس
تواجه العلاقات الصينية الأفغانية عدداً من التحديات؛ منها الوضع الأمني المتردي في أفغانستان الناجم عن انتشار الجماعات المسلحة في البلاد، مثل حركة طالبان والحزب الإسلامي التركستاني؛ ما يشكل تهديداً للأمن الصيني، خاصةً في ضوء الحكم المتشدد لطالبان، فضلاً عن معارضة العديد من الدول الغربية للعلاقات الصينية–الأفغانية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا؛ حيث ترى أن هذه العلاقات قد تدعم نظام طالبان المتشدد، كما تخشى هذه الدول من أن تؤدي هذه العلاقات إلى استقرار النظام الحالي في أفغانستان؛ ما قد يُشكِّل تهديداً لأمنها القومي.
وأفاد تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أنه على الرغم من هذه التحديات، فإن الصين تسعى إلى تجاوزها من أجل تحقيق أهدافها في أفغانستان، عن طريق التوسع في تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية لأفغانستان، بهدف ضمان أمنها ومصالحها الاقتصادية في المنطقة.
وفي هذا الإطار تعمل الصين على تأسيس علاقات استراتيجية مع أفغانستان، بهدف محاولة جذبها إليها على نحوٍ يُحقِّق أهدافهما المشتركة بالمنطقةمن خلال تطويرالتعاونالاقتصادي والاستثماري، واستغلال الموارد الطبيعية التي تملكها أفغنستان ، بإنشاء المشاريع المشتركة مع البلاد، في مجالات مثل البنية التحتية والطاقة والتعدين. وبالنسبة إلى طالبان، ستعمل الأموال الصينية بمنزلة شريان حياة مالي حاسم، في الوقت الذي يفرض فيه الغرب المزيد من العقوبات عليها بسبب انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان.
ويضيف التقرير أن الصين تهدف إلى إقامة تحالف مع إسلام أباد لشق طريق تجاري إلى ممر واخان في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية، لتحسين نظام التجارة عبر الحدود؛ إذ لا يزال حجم التبادل التجاري بين الصين وأفغانستان دون المستوى المطلوب، الذي وصل إلى نحو 600 مليون دولار عام 2022.
و لضمان تأمين مصالحها في المنطقة، تؤكد الصين على تعزيز التعاون في مجالَي الأمن ومكافحة الإرهاب مع أفغنستان، ولتحقيق هذه الغاية تعهَّدت الصين وأفغانستان وباكستان بمواصلة تعزيز التعاون الثلاثي في مجالَي الأمن ومكافحة الإرهاب، لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي.
وفي هذا الصدد، أعلنت بيكين عن نية إنشاء شبكة من كاميرات المراقبة في العاصمة الأفغانية كابول، بالإضافة إلى مدن أخرى في البلاد؛ وذلك في إطار تطوير واستكمال خطة كانت الولايات المتحدة تخطط لتنفيذها قبل مغادرتها أفغانستان عام 2021.
ويشير المركزأن التعاون الاقتصادي الذي يربط بين الجانبَين له فوائد مزدوجة بالنسبة إلى الطرفين؛ فمن ناحية تستغل الصين المزيد من النفوذ اقتصادياً وسياسياً نتيجة الفراغ الذي خلَّفته الولايات المتحدة. أما بالنسبة إلى حكومة طالبان، التي تعاني ضائقة مالية، ولا تزال غير مُعترَف بها دولياً، فإن تأمين الاستثمار والمساعدات الاقتصادية يُعتبَر أولوية قصوى في سعيها للحصول على الشرعية المحلية والدولية؛ بحيث إذا تمكنت طالبان من إثبات قدرتها على تحقيق النمو الاقتصادي، فإن شعبيتها ودعمها دولياً سوف يتوسَّعان بشكل كبير.
وفي ظل العداء الغربي لحركة طالبان تعمل الصين على استغلال ذلك لصالحها و في هذا الإطارشددت كل من الصين وباكستان على ضرورة فك تجميد الأصول المالية لأفغانستان في الخارج، مضيفتين أن طالبان مُنعت من الوصول إلى نحو 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني الموجودة في الخارج؛ بسبب مخاوف من استخدام الأموال في الأنشطة الإرهابية. وبعدما وافقت الولايات المتحدة على الإفراج عن نصف هذه الأموال، غيَّرت رأيها بعد أن فرضت حركة طالبان قيوداً معينة على المدارس وعمل الأفغانيات العام الماضي، ونتيجة للنفور الغربي من طالبان، وبينما تسعى كابول بنشاط للحصول على المساعدة الخارجية لمساعدة اقتصادها الضعيف، فإن النفوذ الاقتصادي لبكين يجعلها الشريك المفضل للعمل معه؛ الأمر الذي جعل الصين من بين عدد قليل من الدول التي تحافظ على علاقات ودية معها.
وأبرز التقرير أن العلاقات الصينية الأفغانية تسير في اتجاه إيجابي. ومع تضاؤل الوجود الأمريكي في أفغانستان، تزايدت أهمية البلاد في تفكير السياسة الخارجية لبكين؛ حيث من شأن استقرار أفغانستان مساعدة الصين في خططها الاقتصادية الطويلة المدى في منطقة آسيا الوسطى، ومن ثم فهي تمتلك الإرادة السياسية اللازمة لدفع السلام والاستقرار في أفغانستان.