من هو أحرضان ؟
عن جريدة العلم: العدد رقم 2704. بتاريخ 31 اكتوبر 1957
عندما غادر الموكب الملكي القصر متوجها الى ناحية مكناس لتدشين عملية الحرث كان من المنتظر أن ترى كما هي العادة سيارة عامل اقليم الرباط لتصاحب جلالة الملك الى حدود اقليم مكناس و لكن لوحظ ان العامل السيد المحجوب احرضان لم يكن في الموكب, رغم أنه رؤي في القصر الملكي قبل خروج جلالة الملك بنصف ساعة, مرتديا بذلته الرسمية.
و بعد الاستخبار تبين أن العامل أحرضان, أخبر أن محله لم يعد بالموكب الملكي, بعدما صدر منه الامس من تصريحات مخلة بحرمة الوظيف الذي كان مكلفا به من طرف صاحب الجلالة و حكومته, فطلب منه أ يتوقف عن كل نشاط رسمي, و ان يلزم بيته, الى أن يقرر في شأنه.
و لم تمض بضع ساعات حتى صدر من وزارة الداخلية بلاغ يعلن عن التدابير الاولية التي اتخذت في شأن السيد أحرضان و هي تؤكد أخبار التوقيف التي شاعت من قبل.
في التصريح الذي أدلى به السيد أحرضان الى الصحافة أول أمس و الذي استوجب توقيفه من منصبه, ذكر أنه هو المحرك للحزب الذي يسمي نفسه الحركة الشعبية, و الذي اتخذت في شأنه التدابير الاحتياطية المعروفة, نظرا للشبهة التي تحيط بهذه الحركة و أهدافها و مؤسسيها الظاهريين و الخفيين.
و من جملة ما قاله بالفرنسية ما معناه: ” نحن لم ننل الاستقلال لنفقد الحرية ”. و نريد ان نكتفي اليوم بالتعليق على جملة مثل هذه. فيمكن لأي أحد أن يتساءل متى طالب السيد أحرضان بالاستقلال او شارك بالعمل في الكفاح من أجل الحرية و الاستقلال ؟ فالكل يعلم أن السيد أحرضان تكون في أحضان الجيش الفرنسي, و نحن لا نريد ان نعتبر هذا الامر شبهة في حد ذاته, لو استطاع السيد أحرضان ان يجعل تجربته العسكرية و تكوينه في صالح الكفاح من أجل الاستقلال في الوقت المناسب.
فبدلا من ذلك كان السيد احرضان يفضل ممارسة مهنته كقائد في عهد الحماية و الاصطياد مع ”ميسيو فالا” و أمثاله بأولماس بينما الوطنيون يعذبون في السجون و المؤامرات تحاك ضد محمد الخامس.
و كان يكتفي لارضاء ضميره الوطني بالاتصال سريا و بمزيد من الاحتياط ببعض اخواننا ليقول لهم عباراته الاخوية و أسفه الشديد على متا يقع في المغرب.
و يعتبر السيد احرضان التصريح الذي فاه به أول أمس امام الصحفيين الفرنسيين فقط بمثابة صيحة رجل حر يثور في وجه الظلم و الاستبداد.
و نحن نتساءل لماذا لم تكن لدى السيد أحرضان هذه الغيرة و الجرأة عندما ألقي القبض على الوطنيين من اجل الاستقلال و كانوا يعذبون و يشردون, و عندما أبعد محمد الخامس بعد ذلك بشهور, دفاعا عن سيادة البلاد و كرامتها و استقلالها؟
هذا الرجل الجريء, الذي يدافع عن الحرية و الاستقلال و الذي تقدمه وكالو فرنس بريس كأحد قادة محرري المغرب.
و لسنا في حاجة للتذكير بأن وكالة فرنس بريس تعرف ما تعمل.