وطني

منظمة نسائية تطالب بإبطال منع زواج المغربية المسلمة من غير المسلم

 

لوسات أنفو

من المطالب التي تقدمت بها الحركة النسائية بالمغرب في سياق النقاش المفتوح حول مراجعة مدونة الأسرة، الإذن بزواج المغربية المسلمة بغير المسلم. ورد  هذا المطلب في المذكرة الترافعية التي هيأتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بعنوان” من أجل تشريع اسري يضمن المساواة في الحقوق و العدل في الوضعيات و الحالات”.

و قالت الجمعية في مذكرتها الترافعية ” وفقا لمدونة الأسرة يجوز للمسلم أن يتزوج غير مسلمة من أهل الكتاب، ولكن العكس ممنوع تماما حسب المادة 39.5 حيث يجب على الزوج المستقبلي للمغربية المسلمة أن يعتنق الإسلام قبل الزواج.”

و تضيف الجمعية” تكرس هذه المادة عدم المساواة الصارخ في المعاملة، و حالة  من التمييز بين المواطنين و المواطنات و انتهاكا لمقتضيات الدستور التي تحظر التمييز على أساس الجنس أو الانتماء الديني أو الثقافي. إضافة إلى سياق العولمة الحالي المتسم بالعولمة الذي يعرف تناميا في حركية  الأشخاص العابرة للأوطان، حيث أن الأزواج المستقبليين الذين يعيشون بالخارج و الذين يقررون عدم الالتزام بشرط اعتناق الإسلام لا خيار لديهم سوى اللجوء إلى الزواج المدني و هو نوع من الزواج لا يعترف به المغرب، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على المرأة المغربية التي ترغب في الحفاظ على روابط مع وطنها و على أطفالها. و من جهة أخرى ساهمت الممارسات الاجتماعية الحالية   في الكثير من الحالات ، في أن تجعل التزام الزوج المستقبلي  لامرأة مغربية مسلمة باعتناق الإسلام، إجراء إداريا بحتا يهدف إلى التحايل على قاعدة قانونية عفا عنها الزمن.”

ويعلق متتبعون لهذا النقاش المفتوح حول مراجعة مدونة الأسرة، على هذا المطلب بكونه منسجما مع الرؤية الحقوقية في بعدها الكوني، لكنه يفترض تغييرا في تموقع الدولة في المنطقة الرمادية الملتبسة بين التقليد و الحداثة، و إصرارها على اعتماد مصادر متقابلة للتشريع. و هو الالتباس الذي لم يفد دستور 2011 سوى في تعميقه.

و يعتبرون أن مطلب الإذن بزواج المغربية المسلمة بغير المسلم، و إن كان، من وجهة نظر حقوقية نابذة للتمييز على أساس الدين و اللغة و الثقافة و العرق، مطلبا سليما في دولة تزعم احترامها لحقوق الإنسان و تقر بمواثيقها المتعارف عليها عالميا، إلا أن ذلك يتطلب جرأة أكبر في التحصن بالمعقولية المدنية للقوانين عوض احتكارها في مهمة التوفيق بينها و بين مقتضيات الأحكام الدينية. إذ أن هذا المطلب يصطدم مباشرة بنصين قرآنيين أولهما الآية 221 من سورة البقرة” وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا” و الثاني الآية 10 من سورة الممتحنة” فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يحلّون لهن”. و هو ما يعني الدخول في حرب التأويلات التي لا تنتهي، لأن كل تأويل يولّد تأويلا مضادا، بل كل مغامرة في تجديد التأويل تستدعي مغامرة أكبر في تغيير الأطر الابستمولوجية للتأويل، أي أصوله. و في هذه المعركة لن يكون العامل الحاسم هو الحقيقة و إنما القوة.

و يسجل هؤلاء أن المشكل لا يكمن في المطلب في حد ذاته، وهو  مطلب ليس جديدا في الساحة العربية و الإسلامية، بل سبق أن نوقش عدة مرات بحدة كبيرة فكان الانتصار في الغالب للطرف الذي يرى أن  لا وجود لآية أو حديث يسوغ الإلزام والخروج على الحكم المستقر فقها، و إنما المشكل في السقف الذي حدد دستوريا للتشريع، و الذي يضمن استمرار الالتباس، فلا الحداثي ينتصر و لا الإسلامي، حيث توظف كل رؤية منهما لخنق جموح الثانية. و هو ما يترجم الوضع الذي أصرت الدولة على رهن نفسها فيه، و هو البقاء في  مفترق الطرق، دون أدنى مؤشر على نية التحرك بحزم في أي اتجاه. و يتقاطع ذلك ـ حسب هؤلاء ـ  مع وضعية الحريات الفردية الذي يعد محكا عمليا للاختيار الحداثي، هذا النقاش الذي دام طويلا دون أدنى مؤشر على تسجيل أي تحرك إيجابي فيه، رغم أن النخب التي تزعم إيمانها بهذه الحريات وصلت إلى موقع الحكم، لكنها لم تحدث أي فارق، وبقي دفاعها مجرد ادعاء يتقوى عندما تبعد من مواقع الحكم، ويخفت عندما تقترب من مؤسساته، لتتحول عبقريتها بكاملها إلى ابتكار كل ما يمكنه أن يقنع بضرورة تأجيل هذا الورش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى