الرأي

مقتل مواطنين مغربيين وصمت مريب للحكومة

عبد الإله إصباح

أطلقت البحرية الجزائرية الرصاص على مواطنين مغربيين وأردتهما قتيلين بدعوى دخولهما المياه الإقليمية للجزائر، وهو ما شكل صدمة للرأي العام بالمغرب ودفع قطاعا عريضا منه للتعبير عن إدانته وشجبه لهذا القتل لشابين بدم بارد دون مراعاة لروابط الجوار بين بلدين شقيقين تجمعهما أواصر الحضارة والتاريخ المشترك. وقد كان منتظرا من الحكومة أن تعمل على تنوير الرأي العام وتقدم له المعطيات المرتبطة بهذا الحادث المؤلم. غير انها بدل ذلك، أكتفى الناطق الرسمي باسمها بأن أخبر الصحافيين بأن الآمر بيد القضاء، ولم يضف على ذلك أي تعليق يبرز موقف الحكومة، مما دفع إلى الاعتقاد بان هذه الأخيرة لا موقف لها، وبان الموضوع لا يكتسي أي أهمية لديها، ولعل الطريقة التي أجاب بها الناطق الرسمي على السؤال الموجه له بهذا الخصوص تؤكد هذا الاعتقاد وترسخ الانطباع  بلامبالاة الحكومة وحيادها، ولذلك تركت الأمر للقضاء لأن أرواح المواطنين وسلامتهم ليست من أولوياتها. والحقيقة أن هذا سلوك مدان لهذه الحكومة يبرز طبيعتها اللاشعبية، فهي ليست منبتقة عن هذه الإرادة، والانتخابات التي أفرزتها مطعون في نزاهتها، والأحزاب التي تقودها فاقدة لأي مصداقية، لارتباط حزبين منها بالإدارة منذ النشأة وطيلة وجودها فهي بدون دعم السلطة لها لا تستطيع الاستمرار، وأما حزب الاستقلال، فإنه تخلى عن استقلالية قراره وتحول هو الآخر إلى حزب إداري يتلقى التوجيهات ويمتثل لها. إذا كانت هذه هي حقيقة الحكومة وحقيقة مكوناتها، فطبيعي إذن أن يكون رد فعلها إزاء مقتل مواطنين مغربيين بذلك البرود وعدم الاهتمام، وبل عدم إحساس غريب ومريب.

إن الناطق الرسمي لا يعتبر أنه مدين للراي العام ومدين للشعب باي واجب أو مسؤولية، لآنه يدرك أن وجوده بذلك المنصب غير مرتبط بإرادة هذا الشعب، واستمراره  فيهغير رهين بهذه الإرادة، ولذلك فتعامله مع الصحافيين ينطلق من هذه الحقيقة، حقيقة أنه مدين للسلطة وللسلطة وحدها. وهذا النوع من المسؤولين لا علاقة له بثقافة العصر وثقافة المواطن والمواطنة، أنه ينحدر فكريا وثقافيا  من القرون الوسطى، و فكره السياسي هو فكر الآداب السلطانية المكرس للفساد والاستبداد، هو لا يدري معنى المواطنة لأنه تربى على مفهوم الرعية بما هو مفهوم قروسطوي مناقض تماما لمفهوم الفرد ومفهوم المواطن  كحمولة سياسية وحقوقية، تفرض أن يكون التدبير السياسي للشأن العام تدبيرا ديمقراطيا بالضرورة، يقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

الخلفية السياسية للحكومة هي التي تفسر إذن طريقة تعاطيها مع الرأي العام ومع قضايا الشعب، وبما أنها حكومة غير شعبية في منشئها وفي اختياراتها وتوجهاتها، فلا يمكن أن تتصرف إلا بما يعبر عن جوهرها وحقيقتها كحكومة لا شعبية لا تأبه لمعاناة المواطنين  و لا تتجاوب مع تطلعاتهم وانشغالاتهم. و الطريقة التي  تصرف بها الناطق الرسمي إزاء السؤال المرتبط بمقتل المواطنين المغربيين، تبعث على  الاشمئزاز، لآنها تضمر رسالة مفادها انني هنا في منصبي بالرغم عنكم وضد إرادتكم، إني اتحاداكم و لا أخشاكم، فما أنتم فاعلون؟ هو بتلك الطريقة وبوجهه المتجهم مصر على الاستفزاز، ومصر على التأكيد أنه ناطق رسمي لحكومة  لا تعطي وزنا لمشاعر الشعب، ولذلك فهي تتمادى في معاداته واستفزازه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى