مصطفى الرميد.. لدينا النظام الذي نستحق
عبد الإله إصباح/كاتب ومحلل
في لقائه مع ” صوت المغرب ” حرص مصطفى الرميد الوزير السابق والقيادي بحزب العدالة والتنمية على بعث مجموعة من الرسائل للدولة تعبر كلها عن الامتنان وعن تجديد الولاء وتثمين مواقفها من كل القضايا التي استأترث بالاهتمام والنقاش في الفترة الراهنة. هذا الموقف من الدولة يكشف عن ثقافة سياسية مترسخة عند طيف من الحركة الأصولية بالمغرب التي يتلخص الفعل السياسي لديها في عدم استعداء السلطة والعمل منذ البداية على كسب ثقتها والابتعاد عن معارضتها. هذه الثقافة المترسخة كانت منطلق مصطفى الرميد في بداية تعامله مع الدولة، ولذلك استغل الفرصة لما اتصلت به السفارة الفرنسية تطلب لقاءه في أواسط التسعينيات، فبادر إلى مراسلة إدريس البصري يخبره بالموضوع. هو كان يسعى إلى افتتاح هذه العلاقة كمدخل وكمنهج لفعل سياسي وسم أداء هذا الطيف من الحركة الإسلامية، و لا ينبغي أن ننسى في هذا الإطار أن هذا الطيف قدم خدمة جليلة للسلطة عندما قام باغتيال الشهيد عمر بن جلون في اواسط السبيعينات قبل أن يدعي القطيعة مع الشبيبة الإسلامية و يبدأ علاقة مع السلطة تقوم على التبعية لها والحرص على خدمة أجندتها، فإخبار البصري بموضوع السفارة الهدف منه هو القول للسلطة نحن في الخدمة. وطبيعي أن لا يشكل موضوع العلاقة مع البصري أي حرج للرميد ولغيره من قيادات حزب العدالة والتنمية، فطالما افتخر بنكيران بعلاقته بضابط الاستعلامات بالرباط ” الخلطي”، ورد على منتقديه بأنه كان يضع نفسه في خدمة الدولة والمخابرات جهاز من أجهزتها، وأنه لا يخجل أبدا من اكتشاف الناس لهذه العلاقة. ولذلك فالفاعل السياسي الذي يكون على هذا النمط، لا يمكن أن يصدر عنه موقف معارض لما تقدم عليه الدولة من إجراءات أو تتخذه من مواقف ومبادرات، وعليه فالرميد لا يرى أن الدولة مخطئة في اعتقال ومحاكمة نشطاء الريف مستعينا في تبرير موقفه بمفردة من معجم الآداب السلطانية، يستدعي الرميد مفردة الفتنة ليعضد موقف الدولة وإجراءاتها في هذا الصدد، لآن الفتنة تقتضي الصرامة والحزم وإلا عمت الفوضى وخرج الوضع عن السيطرة. هذا ما يعنيه استدعاء تلك المفردة في هذا السياق. الدولة إذن كانت على حق في طريقة تعاطيها مع هذا الملف الشائك، وهي ايضا على حق في اعتقالها للصحفيين والمدونين، وهنا أشار الرميد إلى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار ما تقوله الدولة وليس فقط ما يقوله الصحفيون، وأن الدولة على كل حال ستعمل عل حل كل هذه الملفات في الوقت المناسب طبقا لما ترتئيه من تقديرات.
وفي نقاش المسالة الديمقراطية، اعتبر الرميد أن لدينا كمغاربة النظام الذي نستحقه، وهو يعني هنا أن التأخر في مجال الديمقراطية يعود سببه إلى المجتمع وإلى أوضاعه الثقافية والسياسية، فالأحزاب والنخب السياسية ليست بعد في المستوى الذي يؤهلنا لنكون في وضع ديمقراطية كاملة، ولا يتحدث الرميد عن مسؤولية الدولة المباشرة عن هذا التأخر، لا يتحدث عن تدخلها في الحياة السياسية عبر إنشاء احزاب تابعة لها ولا عن هندستها للعمليات الانتخابية و التحكم في تشكيل الحكومات والمجالس والهيئات. وكأن كل ذلك غير موجود أو بدون أثر مدمر للبناء الديمقراطي الحقيقي.
وأما التطبيع مع الكيان الصهيوني، فالرميد كان يتمنى لو أن العثماني لم يوقع على الاتفاقية التي تكرسه، إلا أن ذلك لم يمنعه من تفهم إكراهات الدولة التي لا شك أنها تعرضت لضغوطات وابتزازات مرتبطة بملف الصحراء المغربية، وأن الجزائر هي المسؤولة عن دفع المغرب إلى التطبيع بما تحيكه من مؤامرات ضد الوحدة الترابية
الرميد إذن متفق مع الدولة على طول الخط، و هذا في الحقيقة ليس بالشيء الغريب طالما أن الحزب الذي ينتمي إليه لم يتعود على المعارضة
سواء كان في الحكومة أو كان خارجها، فهو في النهاية حزب من أحزاب الدولة لا غير، يتفانى في معارضة اليسار الحقيقي ويجتهد في تقديم ما يخدم أجندة السلطة ويكرس سيطرتها، وتلك هي وظيفته التي لا يجيد سواها