مصطفى.. شذرات لرواية معكوسة
للكاتب عبد الكريم أوشاشا
أجوس بنظراتي داخل مطعم “ابن زياد”
الدجاجات على خازوق الفرن. سائحتان تتناولان فطورهما ورجل برونزي يكلمهما بفرنسية مضحكة. يلقبونه ب”MARAKECH” لا أعرف لماذا، و لا أريد أن أعرف. كل ما أعرف أن رائحة “الماكلة” تزيد من الاختناق الذي أشعر به، كلما أعدت آخر رسالة أرسلتها لي “كاتيا” عبر البريد الإلكتروني..
كانت دائما تحمل معها كتبا ضخمة، وتكتب كثيرا بالليل وأحيانا تحدثني عن حكايات مدهشة.
مرة حد تثني عن بلاد عجيبة اسمها “تيوبومب” ! رجالها أكبر من رجالنا مرتين، ويعمرون طويلا. وفي بلاد “يمبولوس” الرجال لهم قامات غير عادية، ويعيشون مائة وخمسين سنة ضعف حياة بشرية سليمة. فهؤلاء الرجال لا أحد منهم يعرف المرض.
وبدوري حدثتها عن العادات والطقوس والشعائر. في الميلاد والزواج والموت…
كانت “كاتيا” مدهشة وغريبة وغامضة، و أيضا ملتهبة.
في انصهارنا الجنوني، كانت تخرج من حنجرتها أصوات وكلمات وتمائم لا أعرف لها مبنى و لا معنى. ولما سألتها، أجابت أنها لغة قديمة لإحدى قبائل الجرمان التي اندثرت اليوم!
يخيل لي كثيرا، كأن “كاتيا” تبحث عن بكارة الأشياء وبراءة الوجوه، بين الحديد والإسمنت ودخان النفايات…
ميم العزيز، تحية
اشتقت كثيرا إلى بلادكم.
ولأني أكن عميق الاحترام لثقافتكم وخاصة ثقافة وشرف الرجل الأمازيغي، ولأني كذلك فإني لن أزور المغرب هذه السنة. اعتبارا لما وقع من سوء تفاهم بيننا وبين سكان الدوار. ثم بينك وبين “احماد” صاحب النزل، وكذلك اختلافاتنا أنت وأنا.
لذلك أبلغك بكل أسف أنني قررت إلغاء المشروع التجاري الذي نوينا معا القيام به في المغرب. ثم إني أعتبرك من الآن فصاعدا صديقا. صديق مقربا فالمرجو أن تنسى كل حميمية كانت بيننا.
كاتيا/ برلين