مذكرات

مذكرات المفكر حسن أوزال(9): أليس الفكر هو ما يولد بعد موت صاحبه؟

الخميس 18 نونبر 2010

يُعَرِّفُ فلوبير البرجوازي، تعريفا رائعا عندما يقول على أنه الشخص الذي يفكر بدناءة.أكيد أن هذا التعريف يتناسب و العديد من كتابنا المعاصرين،أقصد المثقفين الذين لا يفتأون يتاجرون بالماورائيات و يحيون حياة الموتى.لذلك ربما حُقَّ لكونديرا،توصيف المثقف تماما مثلما فعل فلوبير،توصيفه على أنه شخص لا يعرف أن يعشق الحياة.فتبا لكل برجوازي مثقف.

الخميس18 نونبر2010

لقد عاش أبيقور بحسب نتشه ،و ما يزال يعيش متنكَّرا له،عبر كل العصور، من لدن كل أولئك الذين  يحسبون أنفسهم أبيقوريين،بله دونما صيت حتى، وسط الفلاسفة.لكن لهذا الأخير إمكانية أخرى للعيش،بيننا ،نحن الذين نكره الأسر و ننشد أقصى درجات التحرر.

الإثنين، 22 نونبر 2010

أنظرُ دوما إلى وجهين أدبيين عظيمين،في بيتي،يلازمني محياهما باستمرار كلما دلفت الباب أو حالما استلقيت على سريري؛ لكن أيضا حالما تأهبَتْ فيَّ رغبة الكتابة.الأول هو ” سكوت فتزجيرالد”أما الثاني فهو”ليون تولستوي”.وإذا كان فتزجرالد، قد عاش حبا تراجيديا مع زوجته زيلدا التي مكث ينظر إليها وهي تغرق في بحر جنونها،فغريمه تولستوي ،عاش  مرحلة شباب قاسية ،بعدما وزع ثرواته وخسر جزءا منها في القمار،ليهرب ،فارا،بحثا عن ملاذه الأخير  في الكتابة ،و التي  بفضلها سيصبح  ضمير عصره.وترك أن قال في حق النساء:”إن بين أيديكن ،يا نساء العالم ،مصير الكون”.

الثلاثاء 23 نونبر 2010

أنادم كأسي و أنتشي بوحدتي،أتفكر مقالي بعنوان الكتابة و الصمت،وأتملى لوحة غلاف مجلة نزوى حيث القط يتأهب للانقضاض على العصفور.مابين الإثنين أكيد ثمة صراع،لكن كذلك الشأن حتى بالنسبة لنا نحن بني آدم،كل إنسان ذئب لأخيه الإنسان،السبب في ذلك ،التيولوجيا،و سيادة فكرة التعالي، مما جعل كل علاقاتنا الإجتماعية عمودية أكثر مما هي أفقية.لم يكن ينطق عن هوى من قال بأن الدين أفيون الشعوب،لا بل أفيون الفقراء،تيسيرا لهيمنة الأغنياء،حتى أن سعادة الفئة الثانية تقوم على شقاء الأولى.لذلك نحن اليوم أحوج ما نكون للفلسفة،إنها ما يجعلنا آهلين للحياة،كيف؟بخوض الصراع ضد الدوغمائية و الأساطير،على اعتبارها أصفاد و قيود ما فتئت تشل قدرتنا على العيش الرغيد.

الأربعاء، 24 نونبر 2010

أقرأ عن دولباخ في كتاب أنفراي”رادكاليي التنوير”.يكتب الرجل و ينشر باسم مستعار،انفلاتا من شرطة الفكر ورقابة أهل الكنيسة.ولد هذا الأخير يوم 8 دجنبر 1723 بـ”Edesheim “بألمانيا وهي السنة بالذات التي أثار فيها الهولندي “ماندفيل”ضجة كبيرة إثر صدور كتابه “حكاية النحل” وهو كتاب مشهور بمدحه للرذائل الشخصية التي هي أساس الفضائل العمومية.عرف دولباخ أكثر ما عرف ،بتفكيكه لصرح المسيحية ،وتشييده لمادية شهوانية ملحدة و طرحه لسياسة كفيلة بتحقيق السعادة الاجتماعية ،سعادة ذات نزوع نفعي.هكذا صدر له  عام 1770 في جزأين اثنين من 366 و 408 صفحة مؤلفه بعنوان”نظام الطبيعة”أو”في قوانين العالم الفزيائي و العالم الأخلاقي” وذلك باسم مستعار هو “Mirabaud  “.و للعلم فهذا الكتاب هو ما أثار غضب فولتير الذي كتب في نفس السنة ضد دولباخ”الله كجواب عن نظام الطبيعة”.و على ذكر فولتير فهو من كان مستميتا في نزعته الألوهية، مناصرا في إحدى رسائله العائدة لـ10 نونبر 1770 للشذرة القائلة:”إن لم يكن ثمة من إله فما علينا إلا خلقه”.قلت أن كتابات دولباخ لقيت تحريفا كبيرا،بحيث منها مثلا ما أسند لغيره ككتابه”الحس السليم”أو”الأفكار الطبيعية المخالفة للأفكار الفوطبيعية”و الذي صدر سنة 1772 و عرف لوقت طويل تحت عنوان “الحس السليم للقس مسليي”بعدما أسند لـ”ديدرو”.ولا يفوتني أيضا ،بالمناسبة ،التذكير بأن الرجل مازج ما بين الكتابة بشتى أصنافها ،تأليفا و ترجمة،وله يعود الفضل في ترجمة كتاب لوقراتوس”في الطبيعة”سنة 1768 كما مكن الفرنسيين من الإطلاع على مؤلف هوبز”في الطبيعة البشرية”سنة 1772،  لينتهي هذا البركان البشري بالأفول يوم 21 يناير 1789 أي السنة ذاتها التي اشتعلت فيها شرارة الثورة الفرنسية.أليس الفكر هو ما يولد بعد موت صاحبه؟

التاسعة و55 دقيقة صباحا

تجول ببالي دونما سبب فكرة الإبداع البشري.أتفكر زميلي الشاعر رشيد بوخير صاحب ديوان”أكتو أوندو”،يكاد طيفه لا يفارقني ،وكذا ضحكته المجلجلة و ابتسامته المرحة.رشيد، بركان شعري عاش في الظل و اكتفى بالصداقات.كتب قصائده بعيدا عن ضوضاء الغوغاء وصخب العامة ومات مدركا لنهايته.أتذكر آخر لحظة جمعتني به في مقهى الكتاب بـ”جليز”بمراكش.كنت بمعية صديقي الفيلسوف عبد الصمد ندردش كالعادة  منتشين بفناجين القهوة و جمالية الفضاء.تكلمنا عن الكتابة و الترجمة و الحياة ،حينها انصرفنا نازلين أدراج المقهى نحو الأسفل ،ماسكين برشيد بالأيدي لأنه مصاب بداء السياتيك.لم أستطع أن أنسى ما لفظ به حالما وصلنا قبالة الباب.إذ قال بلكنة من يحس بأذى “أما أنا ،فها أنذا أترجم الحياة موتا”.له فضل كبير علي،لا لشيء إلا لكونه يحيا أفكاره و يُشَعْرِنُ حياته.زف علي مرة بشدرة لـ”لاروش فوكو”مؤداها:”أن الله إن كان حقا قد أبدع في خلقه للماء، فالإنسان فاقه إبداعا عندما خلق الخمر”من شذراته الرائعة قوله”hors le crane tout est profond chez la femme  “”عدا العقل،كل شيء عميق عند المرأة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى