عبد الإله إصباح
ألقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كلمة في افتتاح مؤتمر القمة العربية المنعقد في البحرين، واستهل هذه الكلمة بتذكير الحضور بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ السابع من اكتوبر من طرف الاحتلال الاسرائيلي وبتواطؤ ودعم امريكي سافر تجلى في إمداد الكيان الصهيوني بشحنات متتالية من الأسلحة والعتاد العسكري واستخدام الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن المطالبة بالوقف الفوري لأطلاق النار.
اختار محمود عباس أن يصفي حساباته السياسية مع حماس في لحظة فارقة من صمود المقاومة الفلسطينية في وجه حرب الإبادة.
وكان منتظرا من محمود عباس أن يستمر على هذا النهج في أدانة الاحتلال والدعم الأمريكي اللأمشروط لجرائمه، ولكنه فجأة وجه خطابه في اتجاه مناقض، وذكر حماس بالإسم وحملها مسؤولية الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني عندما اعتبر أنها بعملها المنفرد قدمت للاحتلال المبررات للقتل والتدمير وأنها ضد إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية. اختار محمود عباس أن يصفي حساباته السياسية مع حماس في لحظة فارقة من صمود المقاومة الفلسطينية في وجه حرب الإبادة. تحدث عن العمل المنفرد لحماس، يريدها أن تخبره وتطلعه على مخططاتها وهي تعلم حرصه الشديد على التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، وهذا التنسيق له معنى واحد في سياق النضال المتواصل للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، هو تقديم خدمة استخباراتية للكيان ضد الفصائل المناضلة، فهذا هو المعنى الحصري لما يسمى التنسيق الأمني الدي بموجبه تصير أجهزة السلطة الفلسطينية عميلة لجهاز الموساد والشاباك وغيرها من أجهزة المخابرات الصهيونية. محمودعباس يريد من حماس أن تتعاون معه وتطلعه على كل عملية تريد تنفيذها ضد الاحتلال، متناسيا أن نهجه يناقض تماما نهج المقاومة، هو اختار نهجا استسلاميا ينبذ الكفاح المسلح بدعوى الانحياز للسلام، انخرط فيه منذ أكثر من ثلاثين سنة ولم تكن النتيجة سوى مزيد من الاستيطان و مزيدا من القتل اليومي للشعب الفلسطيني وتشريده والسعي حثيثا للإجهاز على القضية الفلسطينية وإقبارها كليا. محمود عباس لا يهمه مصير القضية هو فقط منشغل بمنصبه الوهمي وطقوسه الشكلية، وإلا ما كان ليتجرأ على المقاومة ويدينها ويحملها معاناة الشعب الفلسطيني لكي ينقلب هذا الشعب ضد مقاومته. والمؤكد أن عباس ليس أكثر حرصا على مصير الشعب ومصير القضية من الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فهاتان المنظمتان منخرطتان بكل قوة في المقاومة الحالية وأيدتا عملية طوفان الأقصى، وكذلك الحال بالنسبة لقطاع عريض من منظمة فتح ،والدليل على ذلك أن جناحها المسلح “كتائب شهداء الأقصى ” منخرط في هذه المقاومة وينسق ميدانيا مع الفصائل الأخرى وفي مقدمتها حماس. أين هو إذن العمل المنفرد الذي تحدث عنه ” الرئيس” الذي بدل أن ينحاز للمقاومة و يتنصل من اتفاق أسلو الذي داس عليه كيان الاحتلال راح يتوسل المساعدات المالية ويستجدي تدخل مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة. والمفارقة أن طلاب أميركا وأروبا يساندون الشعب الفلسطيني ومحمود عباس يدين مقاومته. والحقيقة أن الشرط الراهن أكبر بكثير من قدرات ” الرئيس” وأفضل ما يمكن أن يقوم به هو أن يلوذ بالصمت أو ينسحب تماما من المشهد السياسي الفلسطيني تجنبا لمزيد من السقطات والخطايا التي لا تغتفر.