مادورو… منشط تلفزيوني برتبة رئيس دولة
عبد الإله إصباح
تبث قناة الميادين برنامجا أسبوعيا ينشطه الرئيس الفنزويلي ما دورو بعنوان ” ما دورو أكثر ” يستقبل خلاله وزراء ومسؤولين في مجالات مختلفة، كما يتضمن البرنامج فقرات متنوعة ينسق بينها الرئيس ببراعة وتلقائية وإتقان، ويعمل على استقبال مواطنين ومواطنات لطرح ما يواجهونه من مشاكل في احيائهم أو مع بعض إدارات ومؤسسات الدولة، وما دورو خلال مدة البرنامج يتحرك وينتقل من جهة إلى أخرى بعفوية بعيدا عن اي تكلف أو ارتباك، مستحضرا دوما معركة بلده ضد محاولات الإخضاع التي تقوم بها أمريكا، والمؤامرات المستمرة التي تواجها لنهب ثرواتها والنيل من استقلال قرارها السياسي والاقتصادي. ولا ينسى أن يذكر بخطورة العملاء الذين يشكلون طابورا خامسا هو دوما على استعداد لتنفيذ مخططات القوى الاستعمارية وتحقيق مراميها في الانقلاب على الحكم والزج بالبلاد في متاهة الانقسامات والفوضى المدمرة.
والحقيقة أن ما يقوم به ما دورو من خلال هذا البرنامج هو نموذج في التواصل السياسي متفرد لم يسبقه إليه أي من رؤساء الدول، فلأول مرة نرى رئيس دولة يقوم بتنشيط برنامج يدور حول سياسة الدولة في مختلف المجالات. فالمألوف هو ان يكون رؤساء الدول ضيوفا في برامج سياسية يجيبون على أسئلة الصحافيين، أو يتناظرون مع منافسيهم في الانتحابات، أما تنشيط برنامج فهذه سابقة مسجلة حصريا لرئيس فنزويلا. و هو بذلك تجاوز النموذج الأمريكي في التواصل السياسي الذي يرتكز على ظهور الرئيس مبتسما وملوحا بيديه يمينا ويسارا، وصائحا بعبارات مسكوكة حول الحرية والرفاهية وضرورة الحفاظ على النمط الأمريكي في العيش، ثم يطلق مساندوه بالونات ملونة تحلق في السماء. وهو النموذج الذي اتبعه عميل امريكا عندما رشح نفسه للانتخابات الرئاسية أمام الرئيس مادورو ومني بالفشل الذريع. فهو في تواصله كان يأتي بنفس حركات المرشحين الأمريكيين للرئاسيات، بل كان يتماهى مع نموذج الرئيس أوباما، ويصيح دوما حرية حرية، وهو يقصد في الجوهر حرية الشركات الأمريكية في نهب واستغلال ثروات فنزويلا دون حسيب او رقيب.
أما إذا قارنا طريقة مادورو وحيويته في التواصل مع طريقة أغلب الحكام العرب، فالبون شايع بين النموذجين، نموذج يرتكز على الانتماء الفعلي للشعب والإحساس الصادق بهمومه ومشاكله، ونموذج منطلقه هو التعالي على الشعب، وعدم الإحساس الكلي بما يعانيه من قهر وفقر و عوز لا يطاق. وفي الحقيقة إنه نموذج اللاتواصل، بما أن الحاكم العربي يوجه الخطاب والشعب يكتفي بالاستماع دون تعليق او مناقشة حقيقية، باستثناء تلك المناقشة التي تزكي ما جاء في الخطاب وتباركه وتبرز سداد رأي الحاكم وصواب قرارته وإجراءاته.
لقد اختار الرئيس مادورو هذا النموذج في التواصل السياسي كواجهة نصالية وهو يقود بلاده نحو الانعتاق التام من الهيمنة الأمريكية التي عاقت نموها وتقدمها لقعود طويلة، ولا زالت فنزويلا تواجه إلى اليوم محاولات مستمرة لاختراق جبهة صمودها، واكيد سيكون النصر حليفها في هذه المعركة المصيرية إذا استمر الالتحام بين الشعب وقيادته المناضلة