اقتصاد و مال

كيف نقيس العدالة الاجتماعية ؟

لوسات أنفو : أيوب داهي

يعرف معامل جيني Gini coefficient ( نسبة إلي عالم الاحصاء والسكان الإيطالي كواردو جيني) أنه  يُستخدم في تقدير درجة اللامساواة او عدم العدالة في توزيع الدخل بين فئات المجتمع. هذا المطلب أي مطلب العدالة الاجتماعية الذي ترفعه كل شعوب الأرض من شمالها لجنوبها, انه  المشروع التاريخي و الانساني الذي لم ينجز الى حدود اليوم ,تتحايل الحكومات على الشعوب و تختلق الذرائع و تبرر الذي لا يبرر لتستمر التفاوتات و الفوارق و لتعيش أقلية من الناس فوق جماجم الأغلبية الساحقة, و تجتهد مراكز النفوذ الاقتصادي لتفتح طريق السلطة السياسية للتعابير الحزبية التي ستؤبد هذا الوضع و تديمه.

معامل جيني هو محاولة لفضح الوجه القبيح لهذا النمط الاقتصادي الذي نعيش بين ظهرانيه لما يقرب الاربعة قرون, هو اجتهاد للكشف عن درجة مركزة الثروة و احتكار الموارد  و ما يستتبعهما من مركزة للسلطة و احتكار للمعرفة, لقد استولت الرأسمالية و ربيبتها الحداثة على منجزات البشرية قبل الثورة الصناعية و بنت عليها حضارتها  و جعلت كل هذا المنجز غير المسبوق في التاريخ البشري في خدمة و لصالح أقليات تسيطر على كل شيء و تبيع كل شيء حتى القيم و المبادئ. انها جريمة مكتملة الأركان.

حسابيا تتراوح قيمة المعامل بين الصفر حيث العدالة التامة في التوزيع, و هو الشيء الذي لم و لن يتحقق  وبين الواحد الصحيح حيث الحد الأقصى لعدم المساواة في توزيع الدخل. ويستخدم ما يسمى بمنحنى لورنزLorenz curve )نسبة للاقتصادي الأمريكي ماكس اوتو لورنز) لقياس معامل حيني . ويوفر منحنى لورنز معلومات عن توزيع الدخل على أساس حجم الشرائح، حيث يوضح كيف يمكن للنمط الفعلي لتوزيع الدخل أن ينحرف عن النمط العادل الكامل لتوزيع الدخل. ويحتسب معامل جيني بنسبة المساحة المنحصرة بين منحنى لورنز الممثل للنمط الفعلي لتوزيع الدخل وخط التوزيع العادل (أو خط 45 ) إلي إجمالي المساحة الواقعة تحت خط التوزيع العادل. وعندما يكون معامل جيني مساويا للصفرينطبق منحنى لورنز على خط التوزيع العادل ونكون إزاء حالة من المساواة التامة في توزيع الدحول بين أفراد المجتمع، فيما تزيد درجة عدم العدالة في توزيع الدخل كلما ابتعد منحنى لورنز عن خط التوزيع العادل و هو الشائع و القاعدة، وحالما تصل قيمة المعامل للواحد نكون إزاء حالة تامة من اللامساواة في توزيع الدخول وهي حالة نظرية لا تتحقق هي الاخرى على أرض الواقع.

ان شبح العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروة و الموارد سيظل يقض مضجع محتكري الثروات و مستنزفي الطبيعة و وحوش السوق   و سيظل يلهب ألباب الشعوب و فقراء العالم الذي يتوقون لنصيبهم من ما تحلمه الارض في جوفها و لعيش كريم و لحياة طيبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى