ثقافة

كيف ستنتهي الإنسانية؟

تكنولوجيتنا الخارقة يمكن أن تحول جنسنا إلى شيء مختلف تمامًا عن بشر اليوم

لوسات أنفو/ ترجمة: إلياس أبوالرجاء

تخصص مجلة الفلسفة الآن (Philosophy Now) التي تصدر باللغة الإنجليزية، مساحة خاصة بين صفحاتها تحمل عنوان “سؤال الشهر”، وسؤال العدد 157 (غشت وشتنبر 2023)، كان  “كيف ستنتهي الإنسانية”؟

ننقل لكم قراءنا الكرام إجابتين حول هذا السؤال وردتا في المجلة:

السؤال يمكن تفسيره بطريقتين مختلفتين على الأقل:

كيف سينقرض الإنسان؟، أو كيف ستتوقف السمات التي تجعلنا بشرًا عن الوجود؟

البشرية ستنتهي ليس فقط إذا لم يعد هناك مزيد من الأشخاص، ولكن أيضًا إذا اندثرت الصفات التي تميزنا كـ “بشر”. لقد أدى البشر إلى انقراض أنواع لا تعد ولا تحصى، وكان معظم ذلك غير مقصود، ويمكن اعتباره كنتيجة جانبية لنجاحنا، أو إذا تفضلتم، لعدم اهتمامنا. لذا يبدو منطقيًا أنه إذا انقرضت الإنسانية، فسيكون السبب هو البشر أنفسهم.

عالم الأحياء إدوارد أوسبورن ويلسون أشار إلى أننا مزوّدون بدماغ من العصر الحجري، ولكن مع تكنولوجيا خارقة. إنه مزيج مخيف، وهذا يعني أنه يمكن أن نشير إلى الحرب النووية، والإرهاب البيولوجي، أو التغيرات المناخية كأسباب بشرية محتملة وبارزة لانقراض الإنسان. من ناحية، تبدو هذه التهديدات البشرية للإنسانية، لا تقبل الجدل، ويمكن القول إنها تشكل تهديدًا وجوديًا يزداد مع مرور الوقت، لذلك هناك من يرى أن استيطان القمر أو الكواكب الأخرى أمر ضروري لضمان بقاء جنسنا. ومن ناحية أخرى، حتى لو قضت أحد هذه التهديدات على 99.9 ٪ من جنسنا البشري، سيظل هناك ثمانية ملايين منا. سيكون ذلك كارثيًا، ولكنه لن ينهي البشرية. حتى لو قضت هذه التهديدات على 99.999٪، سيظل هناك ما يقرب من مئة ألف منا على قيد الحياة للتكاثر والبدء من جديد في السيطرة على العالم.

التهديد الأكبر للبشرية ربما يأتي من قدرتنا على تغيير أنفسنا. لن أحاول حتى أن أستنتج ما إذا كانت التغييرات الناتجة عن قدرتنا على التحكم في الحمض النووي، أو الذكاء الاصطناعي، أو تكنولوجيا رقاقات الدماغ، وما إلى ذلك، ستكون إيجابية أم سلبية. قد تكون إما سلبية، أو إيجابية، أو هما معا، لكن التغييرات ستأتي على الأرجح بسرعة كبيرة. فالانتقاء الاصطناعي حوّل الذئاب إلى كلاب على مر آلاف السنين، لكن تكنولوجيتنا الخارقة يمكن أن تحول جنسنا إلى شيء مختلف تمامًا عن بشر اليوم خلال قرن أو اثنين فقط (إن لم يكن أقل).

قد يكون خوف دماغي البدائي من المجهول، هو الذي يجعلني أفضل أن أكون ذئبًا بدلاً من كلب، وأفضل أن أكون إنسانًا من أوائل القرن الواحد والعشرين على أن أكون كائنًا نصف بشري مروّض من القرن الثالث والعشرين الذي يمكن أن يظهر من بشر اليوم.

هوارد لانديس، نابولي، فلوريدا

 

سيكون من الضروري وقوع كارثة كبيرة لمقتل الجميع حرفياً. بالنظر بعيدًا في المستقبل، في النهاية، ستتضخم الشمس وتبتلع الأرض. حتى لو وصل الإنسان إلى الأنظمة النجمية الأخرى أو المجرات الأخرى بحلول ذلك الوقت، فإن الموت الحراري للكون في النهاية، ستؤدي إلى انقراضنا. ولكن هل سيمحونا شيء ما قبل ذلك؟ يمكن أن تتسبب بعض الكوارث الكونية في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر: كويكب كبير بما يكفي، أو “سوبرنوفا” (مستعر أعظم) قريب، أو انفجار أشعة غاما. ولكن جميع الكويكبات الكبيرة جدا يتم تعقبها، ولا توجد علامات تحذيرية للتهديدات الأخرى. الخطر الفوري يأتي من الكوارث المحلية. هناك العديد منها: ارتفاع درجات الحرارة المناخية، التلوث (الميكروبلاستيك، تحمض المحيطات)، استنزاف الموارد، انهيار النظام البيئي (النحل، الشعاب المرجانية).

قد تؤدي هذه العوامل إلى انهيار الحضارة، لكنها قد تترك بعض الناجين على الأقل. التهديد الحقيقي هو تعزيز آثار العمليات المختلفة، على سبيل المثال، انبعاثات الميثان من ذوبان التربة الصقيعية. قد يؤدي ذلك إلى نتائج كارثية حقًا، مثل ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق أو فقدان الأوكسجين. إذا حدث ذلك، فلن يكون لأي ملياردير مخبأ آمن في نيوزيلندا.

 بعض الأدلة على أننا محكومون بالزوال المبكر، تتمثل في ” مفارقة فيرمي “. إنها ليست مفارقة بالضرورة بقدر ما هي سؤال، طرحه الفيزيائي إنريكو فيرمي. فنظرًا للعمر والحجم الهائل للكون، يجب أن تكون الأرض قد زارتها بالفعل حضارات فضائية، أو على الأقل مركباتها الاستكشافية. لذا طرح فيرمي السؤال، “أين الجميع؟”، واحدة من الإجابات المعقولة هي أنه بمجرد ظهور نوع يستطيع تعلم استخدام موارد كوكبه، فإنه يفرط بالضرورة في استخدامها، أو يسيء استخدامها بشكل قاتل قبل أن يتمكن من تطوير الذكاء ليتوقف عن ذلك، تمامًا مثل رمي عود ثقاب مشتعل في برميل مفتوح من البنزين. ربما هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور عندما يتجاوز ذكاؤنا حد حكمتنا.

بول ويسترن، باث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى