كل شيء في روما إلا الحب
لو سات أنفو، محسن برهمي:
في أربعة قصص متفرقة لا تتعلق ببعضها لا في السيناريو ولا في الحبكة الدرامية، تدور احداث فيلم “to Rome with love “؛ في القصة الاولى نجد مهندسا معماريا يحن الى فترة شبابه والحي الذي كان يقطن فيه، اما القصة الثانية فتدور عن اب وام سافرا من نيويورك لزيارة عائلة زوج ابنتهما بروما، اما القصة الثالثة فهي لزوجين قرروا قضاء شهر العسل بنفس المدينة، أما القصة الاخيرة فهي لموظف حكومي يستيقظ ذات يوم ليجد نفسه مشهورا.
فيلم “to rome with love ” فيلم رومانسي كوميدي ساخر، من تأليف وإخراج وودي الن. صُوِرَت أحداث الفيلم في مدينة روما بإيطاليا سنة 2012. وعُرِضَ الفيلم في إيطاليا في 13 أبريل 2012، وعرض بعدها في لوس أنجلوس ومدينة نيويورك في 22 يونيو من العام ذاته. و اعتمد آلن في تأليفه لقصص الفيلم الأربعة، على بعض الملاحظات التي قد دونها خلال عام من قبل كتابته لسيناريو الفيلم. مر الفيلم بتسميات عديدة قبل ان يستقر وودي ألن على الإسم الأخير، اذ كان اسم الفيلم في البداية «بوب ديكاميرون»، إشارة إلى كتاب من القرن 14 للكاتب الإيطالي جيوفاني بوكاتشيو. ولكن هذا العنوان الغامض ادى لعدم قدرة البعض على فهم الإشارة، لهذا الكتاب. فقام آلن بتغيير الاسم إلى «الكمان الأسود»، ومع ذلك لم يتجاوز العنوان هالة الغموض ولم يتضح المعنى من وراء العنوان، وأخيرًا استقر على اسم «إلى روما مع الحب»، على الرغم من تصريحه بأن العنوان لم ينل إعجابه.
بالعودة الى احداث الفيلم، فافي اعتقادي وودي الن لم يختر هذه العائلات الاربع عبثا، فنجد انه اختارها ربما لمعالجة الطبقية بين المتوسطة والبورجوازية، وكذلك جدلية الحب بين الوفاء والخيانة، وصراع الأجيال أو وضع الصحافة في العالم.
في مفهوم الحب:
يعود بنا المهندس جون الدور الذي يلعبه الممثل” اليك بالدوين”، ليصور لنا كيف يمكن للصداقة أن تؤثر عن علاقة حب ناجحة، وكيف للرجل ان يغير مفهومه للحب في دقائق معدودة، هذه الصديقة تصور لنا عددا من الاشخاص في حياتنا اليومية التي تتمتع بجمال فاتن، ولكن بثقافة مزورة، اذ انها لا تعرف سوى أسطر معدودة في مجالات متعددة في الفلسفة والمعمار والشعر. اما القصة الثانية هي القصة الاكثر خيانة، كأن الن يقول كل شيء في روما الا الحب، نجد شابين في علاقة حب جديدة مليئة بالحب، ثم تتحول لخيانة عندما تتيه ميلي في شوارع روما وعندما تدخل “أنا”، التي لا تعترف بالحب الا في شقه الآخر وهو الممارسة على ليوناردو ،الذي لعب دوره لينو جيانكولي. لتأخذ قصة شهر العسل منحى اخر، هذان الشابان يختاران الندم من بعد عندما يقرران ممارسة الجنس، سواء ميلي بدأت مع الممثل سالتا لتنتهي في حضن سارق، أو مع أنا التي عرت واقع رجال الأعمال فرغم زواجهم يميلون لممارسة الجنس مع نساء أخريات. فالسؤال هنا لماذا هل النساء هن اللواتي السبب في الخيانة والأكاذيب، أم هي طبيعة الرجال؟ “تكره النساء الكذب، ويكره الرجل الخيانة، كلاهما يكره ما يتقنه جيدا” يقول نيتشه.
في مفهوم الصحافة:
صحافيو “هوت ماروك” للكاتب ياسين عدنان، وهوس الشهرة هو عنوان القصة الرابعة من فيلمنا “to Rome with love “،حيث موظف حكومي يدعى بيزانيلو ينتمي للطبقة المتوسطة، ذات يوم يصبح مشهورا ويستقبل في اشهر البرامج، وتتم دعوته لأرقى المهرجانات، وممارسة الجنس مع أجمل نساء روما، لكن مع مرور الأيام تنتهي صلاحية بيزنيلو، لتختار الصحافة شخصية اخرى لسائق حافلة، معها فرح لبيزانولو الذي عادت له حياته البسيطة في البداية، لكن سنرى ندمه على ضياع شهرته، لتقدم أفضل نصيحة في الفيلم من سائق سيارة، حيث قال ” افضل حياة هي التي بين الشهرة والعدم”. أسئلة تافهة، وتعد على الخصوصية، وقضايا تشهير دون أن ننسى سهولة المرء في أن يصبح صحفيا، حيث أصبح الصحفي المواطن محصورا على هذه المهنة بالخصوص، ألا يمكن أن نسمع مستقبلا عن الطبيب المواطن أو المهندس المواطن؟. واقع يلخص أن حال السلطة الرابعة ليس بخير، كما أن الفيلم يلخص البرامج المحببة للمشاهدين، في ضل غياب برامج تثقيفية تساهم في بناء مجتمع متماسك، وصحافة مستقلة تفضح الفساد المتغلغل في الدول.
في مفهوم الموسيقى:
يكتشف الن موهبة متعهد جنازات، الذي يتمتع بصوت عذب عندما يغني اثناء الاستحمام ، هنا في رأيي الشخصي عندما رفض منتجي الاغاني مغني الاوبرا لجيان كارلو و اتى آلن بفكرة الغناء اثناء الاستحمام بالمسارح فهنا انتقد الن المؤثرات الصوتية، التي تجعل صوت المغنين رنانا رغم بشاعته ؛ فبمجرد خروج جيان كارلو من حوض الاستحمام يكشف للجمهور صوته الحقيقي، هذه القصة لم يضمنها الن الفيلم عبثا، فألن يعتبر موسيقيا محبا للجاز كما أنه يعزف على الة السكسوفون، الحنين الى الموسيقى القديمة في ضل انتشار موسيقى ذات طابع مادي قد يكون من بين الأسباب اتي أيقظت شعلة الغيرة لوودي ألن، دون أن ننسى أن الموسيقى لعبت دورا مهما في أمريكا ضد العنصرية.
تباينت ردود أفعال النقاد بخصوص الفيلم. في تقدير الناقد روجر إيبرت، رغم ان الفيلم تحصل على ثلاثة نجوم من أصل أربعة. فهو يرى أن الفيلم لا يولد أي نوع من المفاجآت أو الإثارة، لكنه يوفر نوعًا من المتعة. وفي رأيي الن تجازو تصوير المآثر التاريخية؛ كبرج بيزا او مسرح روما الذي اعتمد على لقطات معدودة منه، كما يفعل الكثير من المخرجين بالاعتماد على الديكور الايطالي أكثر من اللازم، هي نقطة تحتسب له ليخلق روحا لقصته اكثر ما هو اشهار سياحي أو تعريفي لروما.
نجح الفيلم نجاحًا باهرًا. فقد ربح الفيلم في 15 نوفمبر عام 2012، مبلغا يقدر ب 17 مليون دولار في الولايات المتحدة، محتلًا بذلك المركز السابع في قائمة أعلى إيرادات الأفلام في تاريخ شركة سوني للتصوير والإنتاج السينمائي منذ 21 عام. وبلغ إجمالي إيرادات الفيلم في كل دور العرض حوالي 73 مليون دولارًا في 27 نوفمبر. وتعتبر هذه الإيرادات من أفضل الأرقام والإيرادات البوكس أوفيس للمرة الرابعة.