في عقيدة الاستهلاك و تنويم الوعي…
لوسات أنفو، بن عرفة الصغير
يقول الكاتب “عبد الوهاب المسيري” المفكر وعالم الاجتماع المصري ( في المجتمعات الاستهلاكية يثم إغواء الإنسان بأن حقه الأساسي هو الاستهلاك و أن إشباع اللذة هو أقصى تعبير عن الحرية الفردية ) .
مقولة بمعان عميقة ومقاصد مختلفة ومتقاطعة لا يمكن إدراكها إلا من خلال تفكيك وتحليل هذا الخطاب، الذي تتخذه هذه المجتمعات حسب وجهة نظر الكاتب مصلا تحقن به افرادها لتشل مناعتهم وقدراتهم حتى يتسنى لها توجيه فكرهم ورأيهم، بغية تنفيذ وتمرير برامج و أجندات تخدم مصالحها.
خطاب يمكن أن يتحامل ويتحد فيه السياسي والاقتصادي والديني وغيرهم على اختلاف مشاربهم وعلى غير العادة في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة.
وهنا لن يفلت المجتمع من قبضتهم وسيطرتهم التي تتسلح وتتقوى بكل الوسائل والآليات الحديثة لبرمجة واستقطاب الوعي الفردي وترويضه حسب الأهواء والتوجهات المراد اتباعها.
في خضم ذلك وجب لفت الانتباه بعد التمعن والتدبر في هذا الخطاب، بأن الوعي بحقائق الأمور يظل السلاح الأنجع لدرء كل فكر أو منتوج من شأنه أن يسلبنا هويتنا ومشاعرنا وذمتنا ومالنا، ويستهدف قلوبنا وعقولنا بقصد أو بغير قصد حتى لا نصير كالقطيع الذي يساق إلى المذبحة بمحض إرادته ومن دون مقاومة.
وحتى لا نخلط الأمور فالوعي لا يرتبط دائما بمستوى ثقافي وتعليمي معين أو بمكانة اجتماعية معينة فهذا التصنيف أثبت عدم وجاهته في أحيان كثيرة حيث نجد أن المثقف والمتعلم أكثر الناس افتقارا للوعي في العديد من المجالات وأكثر انسياقا ومشاركة في الخطابات المنمقة والمضللة وأكثر انجذابا للتوجهات التي تخاط على مقاسه وتلائم توجهاته، فالخطابات المغلفة بمنطق العاطفة تسهل عملية التحكم في الفرد وجره للاقتناع بإيديولوجيات بعينها أو استهلاك منتوج فكري او مادي معين.
أمام هذا الواقع وفي ظل عالم يعج بالأفكار المتطرفة و النوايا السيئة و السلع الفاسدة و الخطابات المشفرة حيث يختلط الحابل بالنابل، لا يملك المرء سوى أن يحصن نفسه بالكثير من التعقل والتريث قبل اتخاذ القرار و أن يستحضر العقل و القلب معا حتى نعيش بوعي وننظر بوعي و نفكر بوعي ونستهلك بوعي لكي ننجو من كل تبعية فكرية أو إيديولوجية أو اقتصادية أو سياسية .