في القمة المضادة للاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي: لا بد من تغيير النمط لأننا وصلنا إلى تهديد وجودي
أيمن سلام
الرأسمالية تحل أزماتها بمزيد من الدمار وسياسات التقشف، هكذا عبر حمزة حموشان، في المؤتمر العام الذي تم تنظيمه يوم السبت مساءا بمراكش، حول موضوع “اللاعدالة البيئية والاستعمار المالي”، في إطار القمة المضادة للإجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وأكد حمزة حموشان مؤسس جمعية العدالة البيئية بشمال أفريفيا على ضرورة وضع سياق عام للأزمة البيئية والمناخية، بكونها أزمة متعددة الأوجه، فهي أزمة الحضارة، وأزمة الاقتصاد، وأزمة الليبرالية البرجوازية. معتبرا أزمة كورونا أزمة بيئية، لها ارتباط بالاستثمارات الرأسمالية، التي تتسبب في تخريب المناخ، وتخريب الغابات والتربة، كما تتسبب في أزمة غدائية. ولا نستطيع استيعاب الأزمة البيئية بشكل دقيق دون فهم استراتيجية الصناعات الاستخراجية، التي تعد تراكما عبر السلب، وعبر مناطق تضحية؛ التضحية بالمناخ والتضحية بالأرض في هذه المناطق، بيد أن هناك مشاريع تُفرض على الحكومات من طرف شركات أجنبية تصديرية، لتقوم باستعمار طاقي وآخر بيئي.
وفي ظل غياب خطاب واضح من حكوماتنا يقول حمزة؛ تظهر خطابات المؤسسات المالية أنها صديقة للبيئة، لكنها العكس من ذلك، فهي لا تتكلم عن الديون والتعويضات المناخية التي يجب أن تدفعها، وجرائم الشركات الكبرى وسياسات رأسمالية تستغل البيئة في نمو لامتناهي.
من جانبه، الاقتصادي ورئيس المعهد الدولي للازدهار المستدام فاضل كابوب، يقول “لا يمكننا أن نقلص من الانبعاثات مثلا، دون أن نتخلص من الاستعمار”، فوعود القوى المضادة تشبه الأدوية المضادة للصُداع، مضيفا أن هناك مليارات الدولارات تنتقل من دول فقيرة إلى دول أخرى غنية، هذه الأخيرة، منها من تضخ خمس مليار دولار، مع أن نصفها لا يذهب إلى الأماكن التي من المفروض أن يذهب إليها.
ويؤكد فاضل كابوب على أن هناك ملوثين تارخيين يجب أن يدفعوا ثمن الثلوت، وإصلاح ما أفسدوه، فأغلب الدول المهيمنة تبيع النفط الملوث لأفريقيا، مما يؤثر على المناخ، وأراضي كثيرة لم تعد تقدم ما كانت تقدمه من المحاصيل، بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكاربون السام. ويضيف قائلا”فنحن مكان الولوج للموارد الطبيعية بثمن رخيص، نحن وجهة سياحية رخيصة، ونحن مكان التكنولوجيا المتجاوزة، ونعاني ثلاث نقائص يقول فاضل؛ نقص السيادة الغدائية، نقص السيادة الطاقية، نقص هيكلي في نوع الصناعة التي نتوفر عليها، ولدينا ثلاث مائة مليون شخص يستنشقون ذخان سام وست مائة مليون شخص بدون كهرباء.”
وإذ تغيبت تسنيم ايسوب رئيسة شبكة العمل المناخي بسبب إصابة حالت دون سفرها، فقد عوضها أحمد الدروبي مدير حملات هذه الشبكة، وانطلق أحمد في مداخلته بقوله “لا بد من تغيير النمط لأننا وصلنا إلى تهديد وجودي”، أفريقيا تعاني من التسحر، من ارتفاع مهول في درجة الحرارة، انجراف التربة، وضعف الفرشة المائية، والبلدان الأقل تسببا في هذا الضرر، هي الأكثر تضررا وتهميشا، فهل المسؤول عن التغييرات المناخية سيتحمل مشؤوليته؟
وأضاف أحمد الدروبي أن الدول التي تتحمل المسؤولية لا تقدم منحا بل تقدم قروضا، أكثر من تريليون دولار يذهب من الجنوب إلى الشمال، ومهما وصَلنا من تمويل من نظام إمبريالي فهو غير كافي، بحيث يجب أن يكون تغييرا جذريا لهذا النظام، الذي يربط حقنا في التنمية بالصناعات الاستخراجية، هذه الأخيرة تذهب أرباحها إلى دول الشمال، ومجتمعاتنا تتحمل عبئ أغلاط هذه الدول، وبالتالي علينا إعادة النظر في مفهوم التنمية، ونتساءل؛ هل التنمية هي قدرتنا على الاستهلاك؟
ومن جهتها تقول ليديل ناكبيل “ليس هناك أي بديل عن النضال من أجل تغيير هذا النظام”، مضيفة بأننا لا نملك كثيرا من الوقت، مجرد بضع سنوات كي نحد من الأزمة البيئية، قد لن نستطيع العيش في ظل هذه السرعة التي ترتفع بها درجة حرارة الكرة الأرضية، وإذ نتشارك مجموعة من الاشكالات البيئية، فعلينا أن نعمل بشكل موحد وسريع في تغيير المنظومة، صحيح أننا نعمل بشكل أقوى، لكن يجب أن نربح الرهان الآن، وأن تتوسع حركاتنا وتعزز قدرتنا، فنحن لا نطلب الدعم والمساعدة، بل نطلب تركنا لحل إشكالاتنا بنفسنا، من خلال حكوماتنا المنتخبة بشكل ديمقراطي، وعلينا أن نكثف الجهود، والحصول على دعم ذاتي، وعلى دول الشمال أن تتحمل المسؤولية عن تدميرها لبيئتنا. و
في نقاش عابر للقارات، تدخل الحاضرون من مختلف بلدان العالم، لتعميق الرؤى وتوضيح المواقف، وتم بسط مجموعة من التساؤلات المرتبطة بالبيئة، الاقتصاد، الاستهلاك والانتاج، النضال، الإعلام، والمجتمع المدني.