ثقافة

في الذكرى الخامسة لرحيله: حنا مينة مصارع الحيتان

عبد الكريم أوشاشا

  يعتبر الروائي والمناضل حنا مينة ، أحد الأساتذة الكبار في مدرسة الحياة؛ إنها الحياة التي خلقتها ظروف الحرب الكونية الثانية، وما خلفته من دمار وشقاء في النفوس وفي العقول، ومن مجاعة وأوبئة في البلدان المستعمرة، ومن عسف وعدوان وطغيان للإقطاعيات المحلية،  آغاوات وقياد وعائلات إقطاعية عاثوا وبالغوا في الإفساد والإذلال ومصادرة الأراضي، والسخرة والقنانة السافرة والمقنعة…

فحنا مينة هو خريج هذه المدرسة، كافح بعصامية مثالية، مكابدا، لا يهادن ولا ينحني إلا للطيب كما قال بيتهوفن ..

فالحياة هي البحر وهو ابن البحر والميناء يواجه بشجاعة كل الوحوش والحيتان منتصرا ومنحازا للكادحين الذين تقاسم معهم كسرات الخبز الحافي، وافترش أرضهم والتحف سماءهم في أحياء اسكندرونة الفقيرة وهو يجسد بامتياز ما قاله الفيلسوف إدغار موران وهو يتحدث عن نفسه: أنا ابن أفعالي وأعمالي ..

فحنا مينة هو سليل شرعي لهرمان ملفيل صاحب الرواية الرائعة والخالدة ” موبي ديك ”  والكثير من مواصفات القبطان الأسطوري “أهاب” تتجسد في شخصية حنا مينة في مواجهته ومطاردته الملحمية للحوت الأبيض وفي نزاله انتصارا لحياة كريمة مشرقة  أقل بؤسا وشقاء..

وبالرغم ما يقال عن ما يسمى بالرواية الواقعية والتي يعتبر حنا مينة أحد وجوهها البارزة، والمثقلة بالإيديولوجيا إلى حدود الإجهاز على المتخيل، فقد ساهم بشكل كبير في إرساء معالم حقيقية للرواية العربية وفي تطوير أشكال الكتابة الروائية كغيره من مجايليه الذين يعتبرون الرعيل الثاني بعد العملاق نجيب محفوظ…

وبعيدا عن التصنيفات النقدية المتعالمة فإننا نجد في روايات حنا مينة إرهاصات حداثية وآفاق جديدة غير مطروقة بسبب نزعات التمرد المتأججة في شخوص العالم الروائي للكاتب الكبير..

ومن خلال تجربة شخصية ووجدانية  أعتبر رواية الياطر  من أجمل الروايات العربية؛ وكان زكريا المرسلني صوت الرواية المركزي ليس فقط شخصية من الورق المقوى أو كركوزا يحركه حنا مينة كيفما شاء وأينما شاء.. أو بطلا إيجابيا .. بل هو شخصية ” ضد بطل “، شخصية قلقة جبارة في عنفوانها وفي دواخلها النفسية المتماوجة المضطربة،..

 شخصية مركبة عانى المؤلف كثيرا في نحتها وفي الأخير رفعت راية العصيان ضده..

فزكريا شخصية فردانية متمردة من لحم ودم خبرت كل اللحظات الإنسانية من قوة وضعف وشجاعة وجبن ..

فبعد أن كان عبعوب في الميناء هو معلمه أصبحت شكيبة الراعية البسيطة هي معلمته وملهمته في الغابة التي التجأ إليها هاربا بعد أن أقدم على قتل صاحب الحانة زخرياديس…

 رحل عنا حنا مينة جسدا لكن أعماله الأدبية ستبقى معلمة بارزة ومنارة تنير عتمتنا وتنشلنا من الرداءة والتفاهة المحيطة بنا .. ورغم وصيته التي تمنع رثاءه وعزاءه وذلك لتواضعه ونبله ودماثة خلقه..  فهو ملك للإنسانية جمعاء..

أهم أعماله الروائية والقصصية :

  • “المصابيح الزرق”، 1954
  • “الثلج يأتي من النافذة”، 1969
  • “الشمس في يوم غائم”، 1973
  • “الدقل”، 1982
  • “بقايا صور”، 1984
  • “كيف حملت القلم؟”، 1986
  • “الأبنوسة البيضاء”، 1990
  • “القطاف”، 1990
  • “الربيع والخريف”، 1991
  • “الرحيل عند الغروب”، 1992
  • “النجوم تحاكي القمر”، 1993
  • “حدث في بيتاخو”، 1995
  • “المرأة ذات الثوب الأسود”، 1996
  • “المرصد”، 1997
  • “المرفأ البعيد”، 1997
  • “المغامرة الأخيرة”، 1997
  • “نهاية رجل شجاع”، 1997
  • “الياطر”، 1997
  • ”المستنقع”، 1997
  • “القمر في المحاق”، 1998
  • “الفم الكرزي”، 1999
  • “حكاية بحار”، 1999
  • “حارة الشحادين”، 2000
  • “عروس الموجة السوداء”، 2000
  • “صراع امرأتين”، 2001
  • “البحر والسفينة وهي”، 2002
  • “فوق الجبل وتحت الثلج”، 2003
  • “حين مات النهد”، 2003
  • “الرجل الذى يكره نفسه”، 2003
  • “شرف قاطع طريق”، 2004
  • “مأساة ديمترو”، 2004
  • “الذئب الأسود”، 2005
  • “الارقش والغجرية”، 2006
  • “الشراع والعاصفة”، 2006
  • “الولاعة”، 2006
  • “النار بين أصابع امرأة”، 2007
  • “عاهرة ونصف مجنون”، 2008
  • “امرأة تجهل أنها امرأة”، 2009

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى