وطني

في الحملة المضادة للاجتماعات السنوية للبنك الدولي و صندوق النقد الدولي: الرأسمالية نظام فتاك بشجاعة

أيمن سلام

إفريقيا مكان خصب لاستثمارات المؤسسات المالية الدولية، هكذا تدخلت بشرى لكفول في كلمتها الاقتتاحية كمسيرة لندوة سياسية أممية نظمتها جريدة المناضل-ة تحت عنوان ” أزمات العولمة الامبريالية، وما العمل من أجل بدائل إشتراكية أممية بيئية”، بمراكش، وذلك في إطار حملتها المضادة للاجتماعات السنوية لصندوق النقدي الدولي والبنك الدولي.

وفي كلمتها، تساءلت بشرى الكفول في القاعة التي يحضر فيها أشخاص من مختلف القارات؛ عن السبب وراء تنظيم مؤتمر هذه المؤسسات المالية في المغرب، معتبرة هذا الأخير تلميذا نجيبا في تطبيق السياسات النيوليبرالية، ما يجعله مثالا يحتدى به في القارة الافريقية والشرق الاوسط، ما يخدم مصالح الرأسمال العالمي، ومصالح الرأسمال المغربي ونظامه السياسي.

من جهتها، أكدت ممثلة ولاية غراند ديل سول في البرلمان البرازيلي والمناضلة في حزب الاشتراكية والحرية psol؛ فرناندا ميلشونا، أكدت على ضرورة فهم أن هناك قفزة ضد الرأسمالية منذ سنة 2008، إذ نحن في مرحلة ركود اقتصادي دامت طويلا، وانقسامات في الطبقة المهيمنة، وميول نحو اليمين المتطرف. كما نوهت بنضال الحركات الاجتماعية اليسارية في هنغاريا والبرازيل، ومحاولات التغلب على ضربة اليمين المتطرف في كولومبيا والشيلي والبارغواي، وكذلك الحركات النسائية في المكسيك.

الناطق الرسمي باسم الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة، ورئيس لجنتها ببلجيكا؛ اريك توسان، وهو اقتصادي ومؤرخ ودكتور في العلوم السياسية، وكان منسقا للجنة الرئاسة لمراجعة المديونية في الاكوادور، واللجنة البرلمانية من أجل الحقيقة في الديون اليونانية، نبَّه إلى  وجود نظام فتاك بشجاعة، مشيرا إلى حصيلة ثلاثة عقود من مقاومة الشعوب لأزمات الرأسمالية، بداية من التسعينيات، التي اعتبرها مرحلة تراكم القوة، نتج عنها تأسيس شبكات دولية كالشبكة من أجل إلغاء الديون غير المشروعة. هذه الشبكة التي كانت سبب في تأسيس المنتدى الاجتماعي العالمي، فكانت هناك مرحلة قوة، جعلت هذا المنتدى يدعم حكومات كإيطاليا والبرازيل، ودعم أيضا حزبين شيوعيين في الهند. وبعد دورة المنتدى بنيروبي في كينيا سنة 2007، شهدت إفريقيا حركات اجتماعية قوية، حيث تمت الإطاحة بنظامي دولتي تونس ومصر، وتحرك ملايين الأفراد للنضال في السينغال والكوت ديفوار ومجموعة من بلدان إفريقية أخرى، وتم كبح هذه الحركات، عشرات القتلى لكن دون جدوى.

ويرى إريك توسان أن تنظيم قمة مضادة لإجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ خطوة مهمة في تعبئة كبرى من أجل بناء شبكات دولية.

ومن جانبه، أكد الأكاديمي الماركسي والأستاذ بمعهد الدراسات الشرقية والإفريقية جلبير الأشقر،  على ضرورة الوعي بأننا في وضع مأساوي جدا، بسبب وجود أزمة بنيوية عميقة، إذ هناك انتفاضات ثم انتكاسات، مد وجزر، وبالتالي سيرورة انتفاضة طويلة الأمد. ووضع جلبير السودان، كقوة وقدرة تنظيمية تفوق كل ما شهدته الساحات النضالية الأخرى، لكن تحول الصراع هناك إلى صراعات  أهلية وإثنية، أدت إلى اندحار الأفق الثوري بالمنطقة. وتحدث أيضا عن الدينامية الثورية في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، ما وقع في تونس والعراق ولبنان من انتفاضات، بدأت منذ 2010-2011، لها جدور اقتصادية واجتماعية، نسبة البطالة مثلا، سبب كافي لسيرورة ثورية طويلة الأمد.

وحاولت كريستين بوبان أن تطرح إجابة الاشتراكية البيئية على أزمة الحضارة الرأسمالية المدمرة للبيئة، وشددت بداية بضرورة اعتبار الكوارث البيئية حقيقة، غير مرتبطة بماهو نظري فقط، بل بالواقع. بحيث ارتفاع درجات الحرارة يفوق السقف الذي وضعه علماء البيئة، مما يتسبب في الجفاف، ضعف الشبكات المائية، انبعاثات غازية كثاني أكسيد الكاربون وغاز الميثان. وترى كريستين أن هناك من يدير ظهره للحقيقة، حيث بدلا من تقليص المخاطر، أصبحت الرأسمالية تزيد من استهلاك البيترول، الطاقات المتجددة بأنواعها، الصناعات الأحفورية وغيرها، وهناك حلول مغلوطة يتم الترويج إليها لكنها غير ناجعة، وهذا ما تعشقه الرأسمالية مادام هدفها هو الربح والإغتناء، واستعمال ثاني أكسيد الكاربون في الصناعات الزراعية إحدى هذه الحلول المغلوطة. وتقول في هذا السياق، أن هناك دول مدمرة، هي السبب خلف هذا الخراب، وهي المستفيدة، بينما هناك دول لا حول لها ولا قوة، تدفع الثمن. وافتقار الناس إلى الأساسيات يدفعهم للبحث عن سد رمقهم فقط، وبالتالي يجب النضال من أجل تحقيق العدالة المناخية والعدالة المجالية والاجتماعية.

وفي مداخلته؛ الرأسمالية وخطر الدمار البيئي، لأجل بديل اشتراكي أممي، يعتبر غونزالو دونير ـ المناضل في الحزب المناهض للرأسمالية anticapitalism بإسبانيا ـ أنه اذا كان النضال ضد الرأسمالية لا يتوقف، فعلى المناضلين أن يجعلوا هذا المسار، مسارا لا يتوقف، مشيرا إلى وجود مشكلة في الدول وفي الحكومات وحكامتها، حيث كان هناك ما يسمى بالاتفاق الأخضر، لكنه لم يؤت أي جديد في القارة الأروبية، لم يتم تنزيله على أرض الواقع، وبالتالي الرأسمالية الخضراء لن تفعل كما تُسوِّق، ولن تضيف شيئا جديد لكونها رأسمالية.

وأكد أيضا، على وجوب الحديث عن الإمبريالية الجديدة بأريحية، والنضال كيفما كان هذا النضال ضد سياساتها الرأسمالية، وكيفما كانت القبعة التي تلبسها الرأسمالية يجب النضال ضدها.

وبعد انتهاء المداخلات المركزية للندوة، تم فتح باب التدخل من طرف الحاضرين في القاعة، مما أغنى النقاش وعمقه، خصوصا حينما طُرح سؤال التجمع الاقتصادي ال”بريكس” الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، وانضمت اليه مؤخرا السعودية، الامارات، مصر، الارجنتين، إثيوبيا وإيران. إذ دعا المتدخلون من على المنصة، بضرورة أخد الحيطة والحدر من خطابات هذا التجمع، الذي يقدم نفسه على أنه بديل للإمبريالية الأمريكية، معتبرين أنه ليس هناك إمبريالية خاطئة وأخرى صحيحة، بلي هي بكل أصنافها رمزا للاستغلال والاستبداد. وفي جو مليء بمشاركة التجارب النضالية، لأفراد من مختلف مناطق العالم، ومليء أيضا بتدخلات عفوية وإنسانية انتهت الندوة على إيقاعاتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى