فن

فيلم trumbo: الديمقراطية ليست مثل بدلة يوم الأحد يتم ارتداؤها فقط في المسيرات

الديمقراطية تعني أن جميع الناس يستطيعون أن يقولوا ما يريدون. وهذا يعني أن بإمكانهم التصويت كما يريدون. ويعني أنهم يستطيعون عبادة الله بأي طريقة يشعرون بها، وهذا يشمل المسيحيين واليهود وأطباء الفودو أيضًا

لوسات أنفو محسن برهمي:

“إن الأعداء الداخليين الرئيسيين لأي دولة هم هؤلاء الموظفون العموميون الذين يخونون الثقة التي فرضها عليهم الشعب”

                                                                                           دالتون ترامبو

لا شك أن بالإضافة إلى الإخراج وأداء الممثلين، يعتبر السيناريو هو أهم شيء في الفيلم حيث يعتبر اللبنة الأولى، وعليه يتم بناء كل شيء الديكور الشخصيات… لكن ماذا إن تم معاقبة هؤلاء بسبب ميولاتهم، ومبادئهم السياسية ماذا سيحدث، هذا ما سنعرفه في فيلم ترامبو “Trumbo”، الذي صدر عام 2015 من إخراج جاي روتش، ومن بطولة براين كرانستون، ودايان لاين، وهيلين ميرين ولويس سي.كي. وإيل فانينغ.

تدور أحداث فيلم ” Trumbo”  حول قصة الكاتب في فترة الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفيتي؛ التي كانت الهمّ الشاغل للأميركيين بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قام الكثيرون اثناء التحالف الأمريكي الروسي في الحرب العالميّة الثانيّة، بالانضمام للحزب الشيوعي، ليصبحوا لاحقاً مصدر قلق و ازعاج للحكومة الأميركية، لتقوم بعد ذلك بمحاكمة الأسماء المهمة منهم، خصوصاً العاملين في مجال السينما باعتبارها قوة ناعمة ويسهل نشر أفكار الشيوعية انطلاقا منها، وأشهر هؤلاء كاتب السيناريو  دولتون ترومبو الذي عانى كثيراً وقتها، وتعرّض للسجن، لكن معاناته لم تتوقف بعد خروجه من السجن، فتم فصله من شركات الإنتاج وتم إصدار “قائمة هوليوود السوداء” التي منعت جميع الكتاب الذين حوكموا بتهمة الشيوعية من العمل، ولأن من رحم المعاناة يولد الأبطال ابتكر ترومبو طريقة أخرى لكسب رزقه، وهي الكتابة بأسماء وهمية، لكن نجاح أفلامه كان أكبر مما توقع فوصل به الأمر للفوز بعدة جوائز أوسكار بأسماء وهمية مختلفة.

وأثناء تكريمه في النهاية بعد أكثر من عشرين عامًا من بداية مأساته، تحدث ترومبو عن معاناته وأسرته وأصدقائه الذين فقدوا كل شيء وفارق بعضهم الحياة مرضًا وفقرًا وكمدًا بسبب الاضطهاد غير المبرر.

ظهر في الفيلم ممثلون يقومون بأدوار بعض شخصيات هوليوود الشهيرة مثل: جون واين الذي تزعّم مع الكاتبة الصحفية هيدا هوبر “هيلين ميرين” ما عُرف آنذاك بـ “تحالف صناع الأفلام” لمقاومة النشاط الشيوعي في هوليوود تحت شعارات وطنية، كما يقوم الممثل دين أوجورمان بدور كيرك دوجلاس. وأشار الفيلم كذلك للمخرج الأمريكي من أصل نمساوي، أوتو بريمنجر، الذي كان أول من صرّح علانية سنة 1960، بأنه أسند كتابة سيناريو فيلمه “الخروج” إلى دالتون ترومبو باسمه الحقيقي، وتبعه على الفور كيرك دوجلاس كثورة على القائمة السوداء، عندما أصرّ على إسناد كتابة سيناريو فيلم “سبارتاكوس” إلى ترومبو دون الحاجة إلى التخفِّي.

كان أداء براين كرانستون، في الفيلم ممتازاً حيث جعلنا نحب الشخصية ونتعاطف معها، لما لها وهو الذي أوقع الملايين من البشر في حب شخصية بائع الميث “هايزنبرغ” في مسلسل” breaking bad “، وفي هذا الفيلم قام بتجسيد دوره بأفضل ما يمكن بجميع حالاتها، حيث جمع بين الحزن الغضب القلق والمرح، والارتجال الملاحظ في عدة مشاهد، ومنها مشاهد الكتابة في حوض الاستحمام.

وجدير بالذكر إلى أن هناك أفلام أخرى تناولت هذا الجانب من تاريخ السينما في أمريكا؛ كالفيلم الكوميدي الدرامي لجيم كاري “majestic” سنة 2001، فيلم جورج كلوني” Good Night and Good Luck” سنة 2005، و”Guilty by Suspicion” عام1991 لروبرت دي نيرو. إذ تعتبر هذه الأفلام متقاطعة مع “ترامبو” في تسليط الضوء على التدمير الاجتماعي والنفسي الذي تسببت فيه المكارثية عند أعداد كبيرة من فناني وسينمائيي تلك الفترة.

“ويبدو أن الجميع الآن يتحدثون عن الديمقراطية. أنا لا أفهم هذا. في رأيي، الديمقراطية ليست مثل بدلة يوم الأحد يتم ارتداؤها فقط في المسيرات. إنها نوعية الحياة التي يعيشها الرجل المحترم، إنها شيء يعيش من أجله ويموت من أجله”

                                                                        دالتون ترامبو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى