فن

فيلم HENRY & JUNE : بين الأدب والجنس… هنري ميلر

 

لوسات أنفو محسن برهمي:

الحب والصداقة نادرا ما يسيران بجانب بعضهما، من الأسهل لك أن تصبح صديقا لرجل على أن تصبح صديقا لامرأة، خاصةً إن كانت تلك المرأة جذّابة، خلال حياتي عرفت القليل ممن نجحوا في الحصول على الصداقة والحب معا. “هنري ميلر” 

إن معظم الأقلام المرموقة قد عانت ومرت من مجموعة من الامتحانات والمواقف الصعبة فبداية بالعالِم الكبير “جان جاك روسو”، صاحب كتاب العقد الاجتماعي الذي ولِد ضمن عائلة معوزة، وعاش فقيرًا، فأبوه كان عامل ساعات لا أكثر، لكن روسو أصبح أحد أهم فلاسفة القرن الثامن عشر، ومنظر عصر التنوير، إلى هنري ميلر، الأمر الذي جعل المخرج فيليب كوفمان يخرج فيلما حول حياة هذا العبثي، تحت عنوان Henry & June. الجامع بين الأدب والجنس والمرشح للعديد من الجوائز والفائز على جائزة يوݣا.

في مدة ساعتين وستة عشر دقيقة تدور أحداث فيلم henry & june ، وشارك في كتابة السيناريو فيليب كوفمان، وزوجته روز كوفمان، وانتاج ل بيتر كوفمان، هذا و قد صدر لأول مرة في الخامس من أكتوبر سنة 1990 في أمريكا ويعرض في العاشر من أكتوبر من نفس العام في فرنسا ، في هذه التحفة الفنية يجسد الممثل فريد وارد جسد درو هنري ميلر،  بعدما  راكم تجارب من قبل في أفلام ك، escape from alcatraz و the price of lie ، والممثلة إيما ثورمان التي جسدت شخصية جون ميلر، وماريا دي ميديروس جسدت دور أناييس نين، و التي ستخطف الأضواء، وسيعيد المخرج كوينتين تارنتينو اكتشافها في فيلم Pulp fiction الصادر سنة 1994.

أحداث الفيلم مبنية على قصة حقيقية، وفي جو درامي ورومانسي في باريس البوهيمية، في أوائل الثلاثينيات حيث أناييس نين تحظى بعلاقة مستقرة مع زوجها هوغو. وتكتب في مذكراتها رغباتها التي لا تُذكر. ثم قابلت هنري ميللر، وهو كاتب لا يزال مجهولاً، وزوجته جون. يمثل هذان الزوجان أسلوب الحياة المتحرر الذي طالما حلمت به أناييس، لذلك تسعى الخروج من الحياة البورجوازية. لتقود الزوجين بعد ذلك إلى علاقة معذبة حيث ستكون علاقة غرامية مع هنري ميلر، ومع جون ايضا، يتناغم الفيلم أيضًا بعمق مع أفكار اناييس في أكثر حالاتها شمولًا وإفراطًا، ومع تشبثها بموقفها المثالي للتحرر الجنسي باعتباره السعي وراء الحقيقة. تتجول جون بين أمريكا، وفرنسا لتحقيق حلمها في التمثيل، لتترك الساحة لأناييس التي ستنسجم سريعا مع هنري ليشكلا ثنائيا رائعا، شاهد الجمهور علاقة هنري وجون من خلال أعين أناييس، مما قد يعني أنهما ليس بالضبط كما كانا بالفعل، أحداث الفيلم يحركها ميلر بعشقه لحبين فنفس الوقت؛ حبّه للحياة، وحبّه الأكبر للنّساء. فقد عاش ميلر حياة جنسيّة مثيرة للدّهشة نظرا لكثافتها وتواصلها حتّى سنواته الأخيرة. لكن، يبقى المحرّك الأساسيّ لعمليّة الإبداع المتواصلة في حياة ميلر، هو قصص الحبّ. التي انطلقت مع زوجته الثانية جون التي ألهمته كثيرا في أولى أعماله، فذكرها دوما خلال هذه الكتابات باسم مونا، إلى الكاتبة الشّهيرة آناييس نين التي تواصلت علاقته بها أكثر من عشرين سنة، شكّلت الرّسائل خلالها منبعا أساسيّا للإلهام وسببا لاستمرار العلاقة، كما تشكّل الآن أحد أهمّ المراجع الأساسيّة لفهم سيرتهما الذاتيّة وما عاشاه من قصّة استثنائيّة في تاريخ الأدب والفنّ.

و يرى بعض من شاهدوا الفيلم ان ماريا دي ميديروس، على الرغم من عدم امتلاكها تجربة، حصلت على الجزء الأكبر حيث تجسد شعورًا بالبراءة طوال الوقت، و تفرط في بعض الأحيان في الميلودراما وادارة الحوارات إلى حد جيد، أما جون التي تزاوج بين الفاتنة الهادئة، إلى جسد محطم عاطفي مثير للشفقة. وبهذا قال الجمهور أنها قدمت أحد أفضل العروض، لكن النصيب الأكبر من التعاليق السلبية طالت فريد وارد حيث اتفق النقاد أن شخصيته لا تطابق شخصية ميلر، لذلك كان من الافضل اعطاء الدور لأليك بالدوين.

ويرجع الفضل الكبير لتقريب المشاهدين من أجواء باريس البوهيمية، للمصور الفرنسي فيليب روسيلوت، الذي مزج بين الغرف  المتداعية، والازقة الضيقة، والمقاهي الليلية كذلك، ليشكلوا لنا في الأخير فضاء مشابها بذلك الذي أبدع وكان محور حياة هنري ميلر، ليرشح بذلك لجائزة الأوسكار في صنف التصوير السينمائي. وتجدر الاشارة انه أول فيلم يتم تصنيفه NC-17 بسبب كثرة المشاهد الجنسية والعري، الأمر الذي استنكره الجمهور حيث أغلب التعليقات على موقع IMDB “قاعدة بيانات على الإنترنت الأفلام والتلفزيون وألعاب الفيديو” تقول أن الفيلم لا يستحق هذا التصنيف، في ظل وجود العديد من الأفلام التي توجد بها مشاهد أكثر من هذا الفيلم، ك BASIC INSTINCT، I AM CURIOUS YelloW،BABY DOLL.

لقد كانت أمنية اناييس سرد هذه القصة إلا بعد وفاتها فقط، هذا ما كان وتم نشرها من طرفHugo الذي اشتغل كمخرج، وأفلامه القصيرة توجد بمتحف الفن الحديث في نيويورك.

مع دعم اناييس تم نشر “مدار السرطان “عام 1934، وتم حظره في جميع البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية لمدة 27 سنة.

حفلت كلّ هذه الكتابات بالمغامرات الجنسيّة الشيّقة لميلّر في أسلوب تميّز بالطابع الذي عرف به، وجعل منه ليس فقط متحرّرا إنّما محرّرا للأدب الأمريكي من الحشمة الأخلاقيّة، من خلال ربحه لقضيّة مدار السرطان سنة 1960، والاعتراف به رسميّا ككاتب يحمل أسلوبا خاصّا يجب احترامه.

 

بقي هنري ميلر و أناييس نين صديقين، اذ كتبا كلاهما العديد من الكتب عن June، التي أصبحت بدورها مساعدة اجتماعية في ثانوية QUEENS.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى