صحة و فن العيش

فولتير،كانط و كيركيغارد.. القهوة في مائدة الفلاسفة

فولتير كان يشرب منها خمسين كوبا يوميا وكانط يختم بها عشاءه وكيركيغارد يغرقها بالسكر

كولن مارشال

أعتقد أنني أتحدث نيابة عن كثيرين منا عندما أقول إن القهوة تغذي أعظم جهودنا الفكرية. وحتى مع شعورنا بالتوتر وتركنا هالات بنية على مكاتبنا، يمكننا أن نستمد العزاء من حقيقة مفادها أن هذا ما كان ينطبق أيضاً على بعض أبرز الفلاسفة في تاريخ هذا التخصص. فمنذ القرن الثامن عشر، كان كاتب ومفكر ومُحرض لا يقل شأناً عن فرانسوا ماري أرويه، المعروف باسم فولتير ، “يُقال إنه كان يستهلك ما بين 40 و50 كوباً من القهوة يومياً، ويبدو أنه كان مزيجاً من الشوكولاتة والقهوة. وعاش حتى بلغ الثمانينيات من عمره، رغم أن طبيبه حذره من أن قهوته المفضلة سوف تقتله”.

وهذا ما كتبته أماندا شيركر في صحيفة هافينغتون بوست تحت عنوان “9 عباقرة مشهورين كانوا أيضاً مدمنين كباراً على القهوة”.  كما ورد ذكر عادة فولتير في مقالة “10 هواجس غريبة لفلاسفة مشهورين”  بقلم فيرجينيا موير في ليستفيرس، التي ذكرت اسم المكان الذي كان يرتاده لشرب القهوة ( مقهى بروكوب في باريس) وأشارت إلى مدى حماسه من خلال الإشارة إلى أنه “كان يدفع بانتظام رسوماً باهظة لاستيراد القهوة الفاخرة لاستخدامه الشخصي” ــ وهو ما لا يبدو غريباً اليوم بالتأكيد.

إيمانويل كانط

في وقت لاحق من ذلك القرن، بدأ إيمانويل كانط في تناول القهوة في أيامه الأخيرة. وفي كتابه ”  أيام إيمانويل كانط الأخيرة” الذي حمل عنواناً مناسباً ، يصف توماس دي كوينسي ( الذي لم يكن غريباً على العادات التي تغير الحياة) “عادة الفيلسوف بتناول فنجان من القهوة فوراً بعد العشاء”، وهي الطقوس التي اعتاد عليها لدرجة أنه كلما شعر بأنه قد لا يحصل على مشروبه المفضل الجديد، “بدأ مشهد مثير للاهتمام. يجب إحضار القهوة “على الفور” (وهي كلمة كانت تتردد على فمه باستمرار خلال أيامه الأخيرة) “في لحظة”. ولأن دي كوينسي كان يعلم أن هذا سيحدث، فقد حرص على “طحن القهوة؛ وغليان الماء؛ وفي اللحظة التي قيلت فيها الكلمة، انطلق خادم [كانط] كالسهم وغمس القهوة في الماء… لكن هذا التأخير التافه بدا لا يطاق بالنسبة لكانط”.

كوب كيركيجارد
(في الصورة:  كوب قهوة سورين كيركجارد )

في القرن التاسع عشر، كان سورين كيركيجارد أيضًا يعتاد على تناول القهوة. ويكتب كاتب سيرته الذاتية يواكيم جارف : “كانت له طريقته الخاصة في تناول القهوة” . “كان يمسك بسعادة بالكيس الذي يحتوي على السكر ويسكب السكر في فنجان القهوة حتى تراكم فوق الحافة. ثم جاءت القهوة السوداء القوية بشكل لا يصدق، والتي أذابت الهرم الأبيض ببطء”. أنا دائمًا أشربها سوداء، ولكن من بيننا يجرؤ على التفكير في أنفسنا أكثر من اللازم لآلام الأسنان التي يفضلها مؤلف كتاب  الخوف والارتعاش ؟

يجب علينا أن نضع في اعتبارنا دائمًا أن القهوة، رغم أنها قد تشكل شرطًا ضروريًا لإنجازاتنا الفكرية، إلا أنها لا تشكل شرطًا كافيًا أبدًا. قبل أن تصب فنجانك التالي، سواء كان أول فنجان في يومك أو الخمسين، وسواء قبل العشاء أو بعده، وسواء كان في هرم من السكر أم لا، اسأل نفسك عن مقدار التقدم الذي أحرزته في كتابك ”  كانديد” أو  “نقد  العقل الخالص”. إنه سؤال صادم بالتأكيد – ولكن بعد تناول كمية كافية من الكافيين، ستشعر بالرصانة على أي حال.

المصدر: open culture

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى