الرأي

طلاب أمريكا وأروبا و قضية فلسطين

عبد الإله إصباح

تشهد العديد من الجامعات في أمريكا وأروبا احتجاجات طلابية عارمة تنديدا بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من طرف الكيان الصهيوني بتواطؤ من الإدارة الأمريكية و عدد من الحكومات الأروبية. يطالب الطلاب في هذه الاحتجاجات بوقف العدوان على فلسطين  وإلغاء استثمارات الجامعات الأمريكية لذى كيان الاحتلال محاكمة مجرمي الحرب و تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية وتقرير المصير. لم تعد سردية الكيان الصهيونيت جد من يتقبلها في الوسط الطلابي الذي استطاع مقاومة الهيمنة الإعلامية لهذه السردية في جل وسائل الإعلام المملوكة للوبيات صهيونية كانت دوما منحازة ضد قضايا الشعوب وضد القضية الفلسطينية.

بفعلهم النبيل هذا، يخرسون المتصهينين العرب و المغاربة الذين يستكثرون أي تضامن مع فلسطين بدعوى أنها بعيدة عنا

هؤلاء الطلاب يمتلكون من الوسائل التي تجعلهم يتحررون من قبضة الإعلام المنحاز، يبحثون في مصادر أخرى لاستجلاء الحقيقة ومعرفة الواقع كما هو لا كما يصوره منهج التزييف الإعلامي ومنهج قلب الحقائب وتكريس الأكاذيب والمغالطات. إنهم نحية من خيرة الطلاب في أرقى الجامعات، يمتلكون فضلا عن وسائل الاطلاع واستقضاء الحقائق حسا إنسانيا ووعيا نقديا يتخذون بموجبه مسافة من سياسة طبقتهم السياسية و توجهها الاستعماري والعنصري. وضعهم كطلاب نخبة يجعل المستقبل أمامهم منفتحا على أفضل المسارات المهنية وأرقى المناصب، ومع ذلك تعالوا عن هذه الحسابات الأنانية وانحازوا للإنسان فيهم واختاروا الانتصار لضمائرهم.

والحقيقة بفعلهم النبيل هذا، يخرسون المتصهينين العرب و المغاربة الذين يستكثرون أي تضامن مع فلسطين بدعوى أنها بعيدة عنا وعلينا أن ننصرف لشؤوننا ونهتم بأوضاعنا، محركهم في هذا الموقف المخزي هو الحقد العنصري الذي تلبسهم فأصبحوا يكرهون كل ما  له صلة بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

غير أن ما يحز في النفس هو موقف الطلاب العرب الذين لم يحركوا ساكنا منذ انطلاق العدوان وعلى الرغم من مشاهد الدمار و الإبادة الجماعية. قد يفسر ذلك بكون الأنظمة العربية أنظمة سلطوية وقمعية، غير أن ذلك ليس مبررا وليس كافيا في تفسير هذا الواقع المؤلم. قد يكون لذلك ارتباط بطبيعة السياسة التعليمية والإعلامية السائدة في البلدان العربية، والتي اعطت أكلها بعد عقود من بدء تنقيدها، وهي سياسة توخت إنتاج كائن تابع، مغيب تماما عن الاهتمام بالشأن العام  والقضايا القومية والانسانية، كائن ليس بمواطن يعرف حقوقه و يدرك سياقاته وطنيا ودوليا، هو في النهاية مجرد رعية فاقدا للوعي و الإرادة.

في الماضي القريب كانت الحركة الطلابية في جل الدول العربية هي الحاضن للقضايا الوطنية والقومية، هي المدافع عن الحرية والديمقراطية، وهي التي بوأت القضية الفلسطينية مكانتها المستحقة كقضية وطنية تحظى بالاهتمام وتندرج ضمن القضايا ذات الأولوية، لآنها تجسد في العمق معضلة عالمنا المعاصر المتمثلة في الهيمنة الأمريكو صهيونية على مصائر وثروات شعوب لا زالت تكافح ضد هده الهيمنة وهدا الاستعمار، وفي طليعتها الشعب الفلسطيني البطل.

فهل تسترد الحركة الطلابية في العالم العربي  وعيها وعنفوانها وتلتحق بالحركة الطلابية في أمريكا وأروبا لتكون هي الأخرى سندا للمقاومة الفلسطينية في كفاحها ضد الهمجية الصهيونية؟ من يدري لعل ذلك يتحقق قبل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى