الرأي

سيدون أسيدون… لنخدم الشعب والقضية الفلسطينية

التطبيع في نظره يشكل خطرا على أمن واستقرار المغرب

عبد الإله إصباح/كاتب ومحلل

لعل المناضل الكبير سيدون أسيدون هو أكثر المناضلين ارتباطا بالقضية الفلسطينية، وكونه ينتمي إلى الطائفة اليهودية جعل هذا الارتباط  يكتسي  نوعا من التميز والتفرد خاصة وأن جل أفراد هذه الطائفة قد هاجر إلى فلسطين المحتلة ومن بقي منهم في المغرب لا يعرف لهم نشاط أو اهتمام لصالح الشعب الفلسطيني. في لقاء مع موقع ” صوت المغرب” اكد أسيدون من جديد هذا الارتباط بقضية فلسطين كقضية تحرر وطني من الاستعمار مذكرا بنضاله المبكر من أجل هذه القضية عندما انخرط في التنظيم الماركسي ” لنخدم الشعب” في أوائل السبعينيات من القرن الماضي. وقد ارتبط لديه النضال ضد الاستبداد بالنضال ضد الصهيونية انطلاقا من العلاقة المتميزة للتنظيم الذي انتمى إليه بالتنظيمات الفلسطينية اليسارية وخاصة الجبهتين الشعبية والديمقراطية التي ربطت تحرير فلسطين بتحرير الشعوب العربية من قبضة الرجعية. يحرص أسيدون على التذكير بأن النشاط الصهيوني بالمغرب عرف أوجه من بداية الستينيات حيث عملت الوكالة الصهيونية ذات النفوذ العالمي على تكثيف عملية تهجير اليهود المغاربة إلى الكيان الصهيوني بتواطؤ مع جهات ودوائر سهلت لها عملية التهجير حيث كانت تتقاضى مبلغا من المال عن كل فرد تم تهجيره من الطائفة اليهودية.

لم ينقطع نضال أسيدون ضد أضاليل وأكاذيب الحركة الصهيونية، فاستمر نضاله سواء على المستوى الوطني، أو على المستوى الدولي، إذ عمل مع نشطاء دوليين على تأسيس الحركة العالمية لمقاطعة ” إسرائيل” من خلال فضح أكاذيبها وادعاءاتها في المؤتمرات والمحافل الدولية للكشف عن جرائمها الفظيعة في حق الشعب الفلسطيني والسعي إلى إبادته وتصفية قضيته نهائيا,

لا يتوانى أسيدون في مناهضة التطبيع، فهو في نظره يشكل خطرا على أمن واستقرار المغرب، لآن الاتفاقيات المجسدة له شملت مجالات الفلاحة والتعاون العسكري وهو ما يشكل خطورة قصوى على أمننا الغذائي مادامت الفلاحة ببلادنا أصبحت مرهونة بالبذور المستوردة من الكيان الصهيوني بعد أن كانت هذه الفلاحة في غنى عن أي بذور تأتي من الخارج.  والواقع أن التطبيع في هذه المجالات هو استعمار جديد.

لا يستسيغ أسيدون الحديث عما يسمى المكون ” العبري” فهذا مجرد تضليل وتزييف للواقع، لآن اليهود المغاربة لم يستعملوا اللغة العبرية في التواصل سواء فيما بينهم أو مع باقي السكان، كانوا يستعملون الأمازيغية في المناطق الأمازيغية أو دارجة المنطقة التي ينتمون إليها ولذلك فالأصح هو الحديث عن الطائفة اليهودية  وليس عن المكون العبري .

يلح أسيدون على أن اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى الكيان الصهيوني، أصبحوا غير مغاربة خاصة اولئك الذين تجندوا و قاتلوا في صفوف جيش الكيان، كما أن قانون الجنسية المغربية يسقط هذه الجنسية عن كل مغربي  تجند في صفوف جيش دولة أخرى.

هذا الانشغال بما هو قومي في نضال اسيدون لم يكن على حساب القضايا الوطنية، إذ كرس جهوده أيضا للدفاع عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، كما انتبه إلى أهمية محاربة الرشوة ومناهضة الفساد والتصدي له من خلال المساهمة في تأسيس منظمة ” ترانسبرانسي ”   وتفعيل أنشطتها في هذا المجال

وسيظل سيدون اسيدون يجسد ذلك الإنسان المغربي القح الذي لا تكتمل مغربيته إلا من خلال معانقة القضايا العادلة، قضايا الحرية والمساواة والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي مقدمة هذه القضايا قضية الشعب الفلسطيني التي كرس ولا زال يكرس نضاله المتواصل من أجل نصرتها وإبقاء جدوتها متقدة حتى لا يدروها النسيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى