الحوار

رشيد الراخا رئيس التجمع العالمي الأمازيغي: الإعتراف الملكي بالسنة الأمازيغية دليل على انتصار الحركة على من يعادي حقوقها

 

لوسات أنفو: عادل آيت واعزيز

نص الدستور المغربي لسنة 2011، على أن الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، لكن التفعيل الرسمي لم يخرج حيز التنفيذ، الشيء الذي لازمه انتقاد متواصل للسطات السياسية في تعاملها مع الملف. وطالما طالبت الحركة الأمازيغية المغربية بالإعتراف بالمكون الامازيغي في المؤسسات الرسمية والإعلام والتعليم. ومن بينها التجمع العالمي الامازيغي، المنظمة الدولية المدافعة عن حقوق الأمازيغ؛السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية، الهادفة لتثبيت وترسيخ الهوية الامازيغية. الأمر الذي شكل ولازال، هاجسا لدى رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي رشيد الراخا، أحد أبناء الريف بالناظور، الصحافي والباحث الأنثروبولوجي والناشط السياسيالذي يخوض غمار النضال، ليس فقط داخل الحركة الأمازيغية، إنما أيضا عبر العديد من المؤلفات والمقالات المنشورة بلغات عديدة كالأمازيغية والفرنسية والإسبانية، لذا سيكون الحوار معه أفقا مغاييرا لتتبع مسار ومنعطفات وإنجازات ومكتسبات الحركة الأمازيغية، والوقوف على المشروع الذي يقترحه التجمع العالمي للأمازيغ.

 

السؤال الأول ؛ أصدر الديوان الملكي بلاغا في 3 ماي 2023، أقرّ فيه عن عطلة رسمية وطنية لرأس السنة الأمازيغية مؤدى عنها . مالذي يمثله لكم أستاذ رشيد هذا القرار؟

عبّرنا بعد صدور بلاغ الديوان الملكي،عن إشادتنا وتثمنينابإقرار الملك محمد السادس للسنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. هذا المطلب الذي ناضلنا وترافعنا في سبيل تحقيقه على مدى سنوات طوال، من خلال مراسلة رؤساء الحكومات والبرلمان بغرفتيه، والأحزاب السياسية والفرق البرلمانية والمؤسسة الملكية، إلى أن استجاب له الملك بداية شهر ماي 2023، ونعتبر هذا القرار التاريخي الذي  يُكرس تفاعل المؤسسة الملكية مع مطالب الحركة الأمازيغية، ثورة ثقافية هوياتية هادئة من شأنها المساهمة في إعادة كتابة التاريخ المغربي ورد الإعتبار للتاريخ الأمازيغي الطويل.

كما نعتبر هذا القرار الحكيم، لبنة جديدة لإعادة الاعتبار للرموز التاريخية والثقافية والحضارية للشعب المغربي. ويقتضي تفعيل القرار الملكي وكذلك  الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، إدراج كل هذه الرموز في المناهج التعليمية والمقررات الدراسية، وتدريس اللغة الأمازيغية في مرحلة التعليم الأولي والإبتدائي والإعدادي والثانوي التأهيلي والتكوين المهني وبرامج محو الأمية، وفي وسائل الإعلام ومختلف مناحي الحياة العامة، لتعريف المغاربة والأجيال القادمة بتاريخهم وحضارتهم العريقة الضاربة في القدم، وما يزخر به المغرب من تنوع وتعدد ثقافي ولغوي، وإعادة تأسيس مفهوم الوطنية المغربية الجامعة.

السؤال الثاني ؛ علاقة باحتفالات رأس السنة الأمازيغية، لما في رأيك يرفض بعض أفراد التيارات الإسلاموية هذه الاحتفالات ؟ 

طبيعي جدا أن تعارض التيارات الدينية كل ما يرمز لثقافة الشعوب وهويتهم، من خلال استغلال الدين لضرب وتبخيس ثقافة الشعوب غير “العربية”، ما بالكم إذا كانت هذه الثقافة ترمز لشعب متمرد يعشق الحرية والتحرر ويناضل في سبيلها، كالشعب الأمازيغي، لذلك هذا “الرفض” مردود عليه والأمازيغ أبرزوا احتفالاتهم للعالم وتشبثوا بها وانتصروا في الأخير على كل من يعاديهم، وما الإعتراف الملكي بالسنة الأمازيغية إلا دليل على انتصار الحركة الأمازيغية على كل من يعادي حقوقها العادلة والمشروعة، أكان إسلامويا أو يا يساريا.

السؤال الثالث ؛ كيف كانت التجاوبات مع مطالب الأمازيغ طيلة 20سنة الماضية، من خطاب أجدير سنة 2001، إلى خطاب 9مارس 2011 و الاعتراف الدستوري، وصولا لحكومة العدالة والتنمية ؟ 

التجاوب الملكي كان في المستوى المطلوب طيلة الفترة المعنية، بدءا بخطاب أجدير مرورا بدسترة الأمازيغية في دستور 2011 وصولا إلى ترسيم السنة الأمازيغية. لكن مع الأسف الحكومات المتعاقبة كانت دون مستوى الإرادة الملكية، بل متأخرة جدا، ومع دستور 2011 كنا نتوقع الانفراج في ملف الأمازيغية، لكن الذي حدث هو الفرملة والحصار ومنع الأمازيغية من ممارسة وظيفتها الدستورية والقانونية من طرف حزب العدالة والتنمية. وهو السبب المباشر في كل التراجعات التي عاشتها الأمازيغية خلال هذه الفترة، وهذا طبيعي لأن الحزب وأيدولوجيته والأمازيغية خطان متوازيان لا يلتقيان.

السؤال الرابع ؛ هل ترون بوادر أمل مع الحكومة الحالية ؟ 

نتفاءل خيراً مع الحكومة الحالية برئاسة أمغار عزيز أخنوش، لتكون في مستوى التزاماتها في البرنامج الحكومي وكذا برنامج حزب الأحرار الانتخابي، وبالفعل لمسنا هذه النية من خلال تخصيص ميزانية خاصة بالأمازيغية ولأول مرة في تاريخ المغرب، وكذا مجموعة من التدابير المتخذة إلى حدود اليوم، نتمنى أن تعمل على اتخاذ إجراءات أنية لتحريك ورش الأمازيغية حتى تقوم بوظيفتها الدستورية والقانونية كاملة، ونصر على ضرورة معالجة مشكل التعليم لأنه مشكل كبير وعويص ويحتاج لإرادة سياسية حقيقية، خصوصا وأن الوزير الحالي أظهر نوعا من التماطل والتسويف واللامبالاة في معالجة المشكل العويص الذي يواجه ملف تدريس الأمازيغية.

السؤال الخامس ؛ فيما يتعلق باللغة الأمازيغية، ألا يشكل غياب لغة موحدة واحدة للأمازيغ، مع المشاكل التي يعاني منها الجسد الأمازيغي الناتجة عن اختلاف الرؤى، عائقا لترسيخ المكون الأمازيغي ؟ 

الأمازيغ أصل شمال إفريقيا وليسوا مكونا فقط، والاختلاف في الرؤية والتصورات مهم جدا لصالح القضية الأمازيغية، ويقوي نضالات الفعاليات الأمازيغية ويعطيها بعدا نضاليا أكبر في الترافع بكل حرية وكل بطريقته. وغياب اللغة الموحدة ليس عائقا بقدر ما يعيق غياب الإرادة السياسة لدى أنظمة شمال إفريقيا ملف الأمازيغية. أما الجسد الأمازيغي شأنه شأن كل أجساد الشعوب، لكل مشاكله وإيجابياته وهذا الأمر يدبر بعقلانية ورصانة ورزانة، والدليل ما تحققه الحركة الأمازيغية من مكاسب على مستوى بلدان شمال إفريقيا.

السؤال السادس؛ شاركتم في عدة لقاءات وندوات بالمغرب وخارجه كالجزائر وجزر الكناري وليبيا وتونس… هل  تلامسون نضالا وحدويا بين الأمازيغ في شمال إفريقيا أم أن هناك تفاوتات في المكتسبات والمطالب؟

طبعا هناك تفاوتات في المكتسبات، ولكن ربما هناك شبه اتفاق على المطالب، ولكل دولة خصوصيتها وطريقتها في تدبير ملف القضية الأمازيغية. في الجزائر والمغرب تعتبر الأمازيغية رسمية وفي باقي الأقطار لا تزال الشعوب تناضل في سبيل تحقيق هذا المكسب، وأعتقد أن النضال الأمازيغي موحد على مستوى شمال إفريقيا ومقتنع تماما بالمصير المشترك لهذا الشعوب.

السؤال السابع ؛ كرئيس للتجمع العالمي الأمازيغي، مالمشروع الذي تقترحونه  لصالح الثقافة الأمازيغية والأمازيغ؟

التجمع العالمي لديه مشروع سياسي، وميثاق تامازغا من أجل كونفدرالية ديمقراطية، واجتماعية عابرة للحدود، مبنية على الحق في الحكم الذاتي للجهات، وقد اعتمده في الملتقى العام التأسيسي ببروكسيل يوم 9-10-11 ديسمبر 2011، الذي سيخضع لقراءة الجمعيات المحلية والجهوية والوطنية لإبداء الرأي قبل الموافقة النهائية عليه في المؤتمر السابع لأمازيغ العالم المقرر عقده بجهة سوس الكبير في مدينة تيزنيت بالمغرب، أيام 13-14-15- ديسمبر 2013-2963.

يستند هذا الميثاق، بالإضافة إلى المبادئ والقيم العريقة للمجتمعات الأمازيغية، على النصوص المرجعية الدولية التي تقر الحد الأدنى للحضارة والديمقراطية، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 1948)، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (4 نوفمبر 1950) واتفاقية جنيف (28 يوليوز 1951)، واتفاقية منظمة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الطفل (20 نونبر  1989)، وإعلان ريو بشأن البيئة والتنمية (12 غشت 1992)، واتفاقية الإطار  لحماية الأقليات الوطنية (1995)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (16 ديسمبر1966)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (16 ديسمبر1966)، وإعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل (1998)، و اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الرشوة والفساد (29 سبتمبر 2003)، والميثاق العالمي للأمم المتحدة (يوليوز 2000) وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية. (13 سبتمبر 2007).

السؤال الثامن ؛ ولكون الأستاذ رشيد الراخا صحافي يشتغل بجريدة العالم الأمازيغي، كيف تقيم وضعية الإعلام الوطني في تناوله للأماريغية ؟

رغم اعتراف دستور فاتح يوليوز 2011 بالهوية الأمازيغية في ديباجته وتنصيص مقتضيات فصله الخامس على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية بالمغرب إلى جانب اللغة العربية، إلا أن الصحافة المغربية ووسائل الإعلام الوطنية والمجلس الوطني للصحافة، يواصلون للأسف الشديد ممارسة التمييز العنصري علانية في حق الامازيغ وهويتهم وصحافتهم.

رغم مصادقة البرلمان بغرفتيه بالإجماع، على القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والذي دخل حيّز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2019، بعد صدوره يوم 26 شتنبر 2019 في الجريدة الرسمية عدد 6816، لم تتوقف الصحافة المغربية ووسائل الإعلام الوطنية (بما في ذلك الإعلام السمعي البصري كالقناة الأولى، والقناة الثانية وميدي1 سات…) عن ممارسة هذا التمييز ضد الأمازيغ وصحافتهم. كما أن الإعلام العمومي لم يحترم دفتر التحملات.

السؤال التاسع ؛ هناك من يعتبر أن المنظار الذي تنظر به القومية العربية هو نفسه الذي تنظر به الحركة الأمازيغية، هل هذا صحيح؟

الحركة الأمازيغية حركة ديمقراطية، تقول بأن كل المغاربة أمازيغ بدون استثناء، وهذا ما تقوله حتى ديباجة الدستور المغربي والخطاب الملكي بأجدير، ولا نفرق المغاربة على أساس عرقي أو ديني.. نحن نستند بالعلوم الإنسانية المختلفة من كالأركيولوجيا والأنثروبولوجيا… ولا نتبنى “قومية عرقية عنصرية” في بلدان الشعوب الأخرى. مثلا لا يمكن أن تسمع من الحركة الأمازيغية “اليمن الأمازيغية” أو “الشعب اليمني الأمازيغي” نحن لا نمزغ الشعوب غير أمازيغية.

السؤال العاشر ؛ كلما أعيد فتح نقاش العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، تتولد عليه حزازات وردود فعل، هل عند الحركة الأمازيغية موقف من التطبيع أم أنه لايشكل أولوية ولاقضية مصيرية لسكان شمال إفريقيا؟

أولوية الحركة الأمازيغية في تحقيق مطالبها في بلدانها، وتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، والإستجابة لمطالبها. الحركة الأمازيغية ليست حزب سياسي ولا دولة ولا مؤسسات، الأمر يخص الدولة المغربية وعلاقاتها الدبلوماسية وهي تعرف مصالحها. من يثير هذا النقاش مصاب بمتلازمات الأمازيغية ليس إلا.

السؤال الحادي عشر ؛ نعلم أن الأماريغية شكلت مسارا تاريخيا واختيارا حضاريا يستمد روحه من ” تمغربيت”، بماذا هي مرتبطة الحكامة الجيدة لتدبير وإتمام ورش إصلاح منظومة التعليم، بمناهج تعليمية تحتضن التنوع الثقافي واللغوي ؟

الأمازيغية قديمة جدا، وبخصوص إصلاح منظومة التعليم، فقد طالبت في رسالة وجهتها إلى جيسكوهنتشل، المدير الإقليمي لدائرة المنطقة المغاربية ومالطا بالبنك الدولي، ووضع نسخة منها في مقر البنك الدولي بالعاصمة الرباط، بتدريس اللغة الأمازيغية لإنقاذ المدرسة والطفولة المبكرة في المغرب، وأكدت في الرسالة عقب موافقة البنك الدولي (BM) مؤخراً على تمويل إضافي بقيمة 250 مليون دولار لتمويل برنامج دعم التعليم في المغرب، والذي يهدف إلى دعم تنفيذ برنامج طموح لإصلاح التعليم، ويتعلق بالطفولة الصغيرة والتعليم في المرحلة الابتدائية والثانوية إن هذا البرنامج الطموح والضروري سيكون مآله، للأسف الشديد، الفشل الذريع لا محالة. وهذا التمويل، سيكون مجرد استمرار لعملية سكب الماء في الرمل، وألححت في إخطارهم، مرة أخرى، من مغبّة إهدار محتمل ومؤسف للموارد المالية الثمينة المخصصة من طرف بنككم للمدرسة المغربية، إذ لا نريد بأي حال من الأحوال أن يكون مصير هذا البرنامج التعليمي لدعم الطفولة المبكرة كمصير “البرنامج الاستعجالي 2009-2012″  في عهد الوزير الأسبق المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد أحمد أخشيشن، الذي أقرّ المجلس الأعلى للحسابات مسؤوليته عن تبديد ميزانية ضخمة قدرها 3.3 مليار درهم لم تستفد منها المدرسة المغربية ولو مقدار ذرة واحدة”.

وشددت أنه لا يمكن أن نسمح لما يسمى بـ “المسؤولين السياسيين” بالاستمرار في اللعب بمستقبل أطفالنا، واستغلالهم في مشاريع تعليمية يتم تقديمها على أنها تخدم أهدافا نبيلة، ولكنها في الواقع تخفي أهدافًا أيديولوجية خبيثة، من خلال إصرارهم على الاستمرار في تنفيذ سياسة “تعريب أيديولوجي” مهووسة وهدامة منذ استقلال المغرب،وطالبت بالتعجيل بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في مرحلة التعليم الأولي والابتدائي، في انتظار أن تشمل المرحلة الثانوية، معتبرا أن ذلك  الطريقة الأكثر فاعلية وملائمة لإنقاذ المدرسة والطفولة  في المغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى