حوار مع الإطار التربوي هشام أجانا: “التدريس الصريح بإعداديات الريادة… حل أم وهم؟”

حاوره عبد الرزاق بن شريج
في هذا الحوار نتناول مع المفتش و الباحث في الرياضيات و ديداكتيك العلوم هشام أجانا، جدوى تبني وزراة التعليم للتدريس الصريح و الدعم ” طارل” داخل إعداديات الريادة، و سبل إصلاح تعليم الرياضايات في هذا السلك.
سؤال: بداية، بصفتكم مفتش التعليم الثانوي تخصص رياضيات ما رأيكم في تبني وزارة التربية الوطنية “التدريس الصريح” والدعم “طـارل” داخل إعداديات الريادة؟
جواب: قبل الجواب عن سؤالكم أنا هنا أتحدث بصفة مهتم وباحث في الرياضيات وديداكتيك العلوم، وليس بصفة مفتش.
بالفعل، الوزارة اختارت هذه المقاربة في إطار التجريب، لكنني أتحفظ على جدواها بالسلك الإعدادي. في نظري، لن تحقق الأهداف المرجوة، وخاصة في مادة الرياضيات، وذلك لاعتبارات بيداغوجية وواقعية متعددة.
سؤال: ما هي أبرز هذه الاعتبارات؟
جواب: هناك اعبارات متعددة، وأقواها أن الإعدادي لا يمكن أن يُعالج ضعف التلاميذ إذا لم يتم تقوية التعلمات الأساس في الابتدائي. التحصيل في الإعدادي مرهون بدرجة كبيرة بجودة التعلمات في المراحل الأولى، وبالتالي معالجة المشكل في الابتدائي وليس الاعدادي، إذا وصل المرض للإعدادي لن يعالج بهددذه المقاربة، لانه كمن يريد معالجة سرطانا أصاب الدم.
سؤال: لكن يقال إن التعليم الصريح يفيد التلاميذ المتعثرين… أليس هذا مكسباً؟
جواب: صحيح أنه يركز على المتعثرين، لكن ماذا عن المتفوقين والطموحين؟ إغفال هذه الفئة يضعف مردودية المدرسة العمومية. ثم قول أن المتفوقين يشكلون فقط 25% مبالغ فيه؛ لو أُصلح الابتدائي، لأصبحوا أكثر من النصف. فالسلك الابتدائي هو الركيزة الأساس لحصول التلاميذ على التعلمات الأساس والتي ستمكنهم من ولوج السلك الإعدادي في أفضل الحالات.
سؤال: هناك من يرى أن جهوداً كبيرة بُذلت في مجال الرياضيات، مثل المراجع والأولمبياد… ألا يكفي ذلك؟
جواب: فعلاً، لدينا رصيد وطني غني: كتب مدرسية حديثة بالسلك الإعدادي، مؤلفات مفتشين وأساتذة، والمقرر الأولمبي الذي يهيئ التلاميذ للمنافسات. لكن المشكل في الاكتظاظ وضعف التجهيزات وغياب مكتبات رقمية وبنيات ملائمة.
سؤال: الوزارة تؤكد أن إعداديات الريادة تهدف أيضاً لمحاربة الهدر المدرسي… ما رأيكم؟
جواب: الهدر المدرسي لا يُعالج فقط بمقاربات بيداغوجية. الحل في دعم اجتماعي حقيقي: نقل مدرسي، داخليات، إطعام، مكتبات مجهزة، ومنح لتلاميذ المناطق الهشة.إلخ
سؤال: ما الغاية في نظركم من المدرسة العمومية المغربية؟
جواب: يجب أن نطرح هذا السؤال قبل أي إصلاح. المطلوب تكوين مواطن متشبع بالقيم، قادر على الاندماج في النسيج الاقتصادي الوطني والعالمي. نحن نحتاج مهندسين، أطباء، خبراء اقتصاد، متخصصين في الذكاء الاصطناعي… ولقد أثبت المغاربة أنهم قادرون على ذلك إذا توفر لهم تعليم جيد ومساير للعصر الحالي، عصر المعلوميات والتكنولوجيا والتواصل الرقمي والذكاء الاصطناعي.
سؤال: ما هي توصياتكم لإصلاح تعليم الرياضيات بالسلك الإعدادي؟
جواب: أوصي بما يلي:
اعتماد التدريس بالأنشطة والاكتشاف بدل الاقتصار على التعليم الصريح.فكما نعلم جميعا، أول شريك اقتصادي وسياسي وسياحي للمملكة المغربية هو الاتحاد الاوروبي وباقي دول اوروبا. أغلب هذه الدول متقدمة تعليميا وتتبنى التدريس بالكفايات في مناهجها الدراسية. كما أن العديد من الزملاء المفتشين ألفوا مراجع جيدة في الرياضيات بالسلك الاعدادي (المستويات الثلاث).
اعتماد على بيداغوجيا الكفايات المعمول بها في أغلب الأنظمة التعليمية المتقدمة (ابريطانيا، السويد، النرويج، فنلندا، اسبانيا، البرتغال، هولندا، ألمانيا،…).
سؤال: كلمة أخيرة؟
جواب: الإصلاح الحقيقي يبدأ من الابتدائي، مروراً بمحاربة الاكتظاظ وتحسين البنيات، وصولاً إلى التوجيه السليم وتشجيع التميز. أما “التدريس الصريح بإعداديات الريادة” فهو في نظري حل جزئي قد يتحول إلى وهم إذا عُوِّل عليه وحده.