تداعيات طوفان الأقصى على الداخل الأمريكي
لوسات أنفو: خديجة بنيس
في أعقاب بداية عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس، أكد الرئيس الأمريكي “جو بايدن” أن دعم بلاده لإسرائيل “راسخ وصلب كالصخر”، وقد وصف المشهد بالهجوم الذي يتعرض له شعب إسرائيل من “حماس الإرهابية” في لحظة مأسوية. وقد أكد البيان الأول للرئيس الأمريكي استعداده لتقديم كل وسائل الدعم المناسبة لحكومة وشعب إسرائيل في إطار حقهم في الدفاع عن أنفسهم. وبموازاة هذا الموقف الرسمي، كان الموقف غير الرسمي الأمريكي موسوماً بتعقيدات وتشابكات عديدة؛ ففيما تماهت العديد من الاتجاهات والمنصات وقطاعات من القوى المؤثرة في الرأي العام الأمريكي مع الموقف الرسمي الداعم لتل أبيب، كانت هناك مساحة أخرى لعرض وجهة نظر مغايرة لتظهر بعض الأصوات الأمريكية المؤيدة لفلسطين كما تجلى في المسيرات الشعبية، وتوجهات بعض مراكز الفكر، وبعض الصحف الأمريكية الرائدة.
وأفاد تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن هذا الموقف غير الرسمي، وحالة التباينات التي هيمنت عليه، يستدعي عدداً من التداعيات المحتملة على الداخل الأمريكي، أبرزها اندلاع الاشتباكات بين المتظاهرين، بحيث أنهعلى الرغم من سلمية كثير من المسيرات، إلا أنه في المقابل اندلعت اشتباكات عنيفة في بعضها، في بعض المدن الأمريكية الكبرى نتيجة التقاء بعض المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل والمعارضين لها.
وأبرز التقرير أن تغطيةوسائل الإعلام الأمريكي للأحداث،التي غلب عليها الانحياز لإسرائيل، أفضت إلى تصاعد التشكيك في موضوعية الإعلام الأمريكي. لقد ظهرت هذه الإشكالية في حالة مراسلة شبكة “سي إن إن” الأمريكية “سارة سيدنر” التي أثارت الكثير من الجدل بعد ترديدها ونشرها التقارير الإسرائيلية عن “قطع رؤوس أطفال ورضع على يد عناصر من حركة حماس خلال عملية طوفان الأقصى”، ولكنها فيما بعد اعتذرت عن ذلك الأمر، بعد اكتشاف أن هذه الصور والتقارير غير صحيحة.
صحيح أن التصريحات والمواقف التي أبدتها الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس أظهرت الموقف السياسي الأمريكي الداعم لإسرائيل، إلا أنه في المقابل كان هناك أصوات مخالفة، بدت واضحة في الرسالة التي قدمها 55 عضواً تقدمياً بالكونجرس يوم 13 أكتوبر الجاري، وهي الرسالة التي بدأت بإدانة هجوم حماس على إسرائيل، ولكنها في الوقت ذاته، طالبت بضرورة امتثال إسرائيل للقانون الدولي، وحماية المدنيين الأبرياء في غزة للبقاء على قيد الحياة، والعمل على استعادة توصيل الغذاء والماء والوقود والكهرباء وغيرها من الضروريات إلى غزة بسرعة؛ والتعاون مع الشركاء الإقليميين لإنشاء ممر إنساني لتمكين إيصال هذه الضروريات.
ويتوقع المركز أن تدفع التغطية الإعلامية الأمريكية غير المتوازنة للأحداث، وكذلك الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، نحو المزيد من جرائم الكراهية والعنف ذات الدوافع الدينية. لقد ظهرت مؤشرات ذلك الأمر مع حادث قتل صبي فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات وإصابة أمه (32 عاماً)، في بلدة بلينفيلد بولاية إلينوي. على يد أمريكي بسبب الصراع الحالي بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وبالتالي فإنه هناك مخاوف من تنامي جرائم العنف الديني في المجتمع الأمريكي من جديد.
وأضاف التقرير أن طريقة التفاعل مع الأحداث في غزة وإسرائيل تفضي إلى اتساع حدة التأزم الداخلي والانقسامات داخل الجامعات الأمريكية. ظهر ذلك مثلاً مع توقيع طلاب، ضمن أكثر من 30 مجموعة طلابية في جامعة هارفارد الأمريكية، على رسالة ضد إسرائيل، واعتبروا أن إسرائيل هي المسؤولة وحدها عن وقوع أعمال العنف، وهو البيان الذي قوبل باعتراض وانتقاد كبير من قبل المجموعات الداعمة لإسرائيل. كما خرجت “كلودين جاي” رئيسة جامعة هارفارد الأمريكية، لتشير إلى أن البيان المؤيد للفلسطينيين الذي أصدره طلاب الجامعة وحمل إسرائيل مسؤولية أعمال العنف التي تجتاح المنطقة، “لا يعبر عن المؤسسة التعليمية ككل أو قيادتها”.
وخلص التقرير أن الأحداث الأخيرة لعملية طوفان الأقصى أفضت إلى خلق المزيد من الانقسامات داخل المجتمع الأمريكي ، وربما يدفع نحو موجة جديدة من الكراهية والعنف تكون ذات دوافع دينية.