تحليلات استراتيجية

تداعيات الإنقلاب العسكري في الغابون

لوسات أنفو: خديجة بنيس

بعد الإطاحة بالنظام الحاكم في الغابون واستيلاء مجموعة من الضباط العسكريين أطلقوا على أنفسهم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات”، السلطة وحل جميع مؤسسات الدولة، يتبادر إلى الأذهان  بإلحاح هذا السؤال:  ماهي التداعيات المحتملة، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، فيما يتعلق بالانقلاب العسكري في الغابون؟

يبرز مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتجية في تقريره، التداعيات المحتملة لهذا الإنقلاب؛ مؤكدا أن الانقلاب العسكري  يصاحبه تصاعد وتيرة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في الدولة من جراء رد الفعل العكسي المحتمل من أنصار معسكر الرئيس المخلوع “على بونغو”.

هذا ويرجح  المركز أن يعتمد كل طرف من طرفي الصراع القائم الآن في الغابون، سواء الرئيس المخلوع أو حتى قادة الانقلاب، على الشارع، وأن يحاول توسيع نطاق الحشد الشعبي المؤيد له. ويظهر ذلك جليا من خلال نداء الإستغاثة للمواطنين في مقطع فيديو  الذي نشره “علي بونغو”، في المقابل هناك مقاطع فيديو متداولة  في مواقع التواصل تظهر مجموعة من المواطنين في الجابون يؤيدون الانقلاب

في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية الداخليةالإنقلاب سيزيد الطين بلة؛ بحيث يشير تقرير MIR أنه قد يؤدي إلى تراجع معدلات النمو في الدولة بعد تسجيلها تحسناً ملحوظاً في عام 2022؛ حيث بلغت نحو (2.8%) مقارنة بنحو (-1.9%) و(1.5%) في عامي 2020 و2021 على الترتيب، فضلا عن استمرار انخفاض التدفقات الاستثمارية، وهو ما قد يؤثر سلباً على الإيرادات العامة للدولة.

وفي ضوء تصنيف الغابون باعتبارها ثاني أكبر منتج للمنجنيز على مستوى العالم ومن المنتجين الرئيسيين لهذا المعدن، وبحسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط، يمثل معدن المنجنيز ما يقرب من 11% من إجمالي صادرات الغابون.

يرجح المركز حدوث اضطرابات في سوق المنجنيز العالمية؛ربما تتأثر أسعار المنجنيز بعد توقف عمليات التعدين الخاصة بالشركة الفرنسية في الغابون لمدة يوم كامل (30 أغسطس الجاري)، وذلك قبل أن تعلن الشركة استئناف أنشطتها بصورة تدريجية يوم 31 أغسطس الجاري.

ويشير المصدر أن الاضطرابات الداخلية في الغابون؛  قد تؤدي إلى احتمالية تنامي مختلف أشكال الجرائم المنظمة العابرة للحدود من قبيل الاتجار في البشر والتهريب غير الشرعي للأسلحة والمواد المخدرة، وهو ما قد يزيد من معاناة بعض دول الجوار الإقليمي التي لديها اضطرابات داخلية بالفعل، وبالتالي ارتفاع مخاطر عملية القرصنة في خليج غينيا.

  ويربط التقريرتزايد وتيرة عدوى الانقلابات العسكرية، بالإنقلاب في الغابون وبالتالي  فإنه من شأن الأحداث في الغابون أن تشير  إلى أنه يتم تصدير عدوى الانقلابات العسكرية في أفريقيا، ولا سيما في إطار إقليمَي الوسط والغرب، ويعزز من ذلك تنامي موجة هذه الانقلابات بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة؛ حيث شهدت أفريقيا نحو سبعة انقلابات ناجحة منذ عام 2020 حتى تاريخه.

ويرجح  المصدر أن يزيد الانقلاب العسكري من مأزق الدول الغربية في أفريقيا، وعلى وجه التحديد فرنسا وكذلك واشنطن؛ فالانقلابات التي حدثت في الدول الأفريقية مؤخراً استصحبت معها رؤية معادية لفرنسا، ومعادية بدرجة أقل للدول الغربية؛ وذلك فيما بدا أن قادة هذه الانقلابات أكثر اقتراباً من القوى المناوئة للغرب، وخاصة روسيا التي يتهمها البعض بالتورط في دعم الأنظمة العسكرية الجديدة من خلال مجموعة فاجنر. وبطبيعة الحال يعقِّد الانقلاب في الجابون من خيارات الاستجابة المتاحة للدول الغربية في التعامل مع الانقلابات العسكرية، وبعبارة أخرى بات من المستحيل الآن الحديث عن خيار التدخل العسكري ضد انقلاب النيجر، الذي كان يتم الترويج له خلال الفترة الماضية؛ لأن التدخل العسكري في النيجر يعني أنه يجب تكراره أيضاً ضد النظام الجديد في الجابون، وهو أمر من المستبعد حدوثه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى