تحقيق لDW مخلفات زلزال هاتاي : مادة الأسبستوس تهدد الصحة العامة في المنطقة
لوسات أنفو: خديجة بنيس
أفاد تحقيق حصري أجرته DW أن مواد البناء السامة لوثت النباتات والتربة والأنقاض في المنطقة التي تضررت جراء الزلزال الذي ضرب هاتاي جنوب تركيا في فبراير الماضي.
وكشف التحقيق عن وجود مادة الأسبستوس في المنطقة على الرغم من الإدعاءات الرسمية بعكس ذلك، وأشارالتحقيق إلى وجود إرهاصات أزمة صحية عامة خطيرة بدأت جوانبها تتكشف.
وأبرز التحقيق أن فريق من الخبراء من غرفة المهندسين البيئيين التركية، قام بجمع عينات الغبار في هاتاي، والتي تم تحليلها بعد ذلك في مختبر معتمد دوليا لـ DW وأظهرت نتائج التحليل وجود الأسبستوس.
ويؤكد خبراء الصحة العامة لـ DW إن الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة التي ضربهاالزلزال، بما في ذلك الآلاف من الأطفال، معرضون لخطر الإصابة بسرطان الرئة والحنجرة المرتبط بالأسبستوس، كما أن استنشاق هذه المادة السامة يؤدي إلى الإصابة بأنواع من السرطانات مثل سرطان الحندرة أو الرئة وحتى سرطان المتوسطة. “في السنوات المقبلة، قد نواجه وفاة عشرات الآلاف من الشباب بسبب حالات ورم الظهارة المتوسطة”، يقول أوزكان كان كاراداغ، وهو طبيب وخبير في الصحة العامة والمهنية، بعد الاطلاع على النتائج المخبرية الأولية من تحقيق DW.
وكانت الأسبستوس ذات يوم مادة معجزة ذات مجموعة واسعة من الاستخدامات، بيد أنها مصنفة الآن على أنها “مادة مسرطنة ” من قبل منظمة الصحة العالمية. لكن مواد البناء المصنوعة من الأسبستوس لا تزال موجودة في العديد من المباني في تركيا التي شيدت قبل حظر بيعها عام 2010 – على الرغم من أن العدد الدقيق غير واضح.
ونظرا للأضرار الجسيمة التي خلفها زلزال 6 فبرايرفإنه لا يزال العمال يهدمون المباني المتضررة ويزيلون الأنقاض، ولفت التحقيق إلى أن هذه العملية تتم بدون أقنعة أو معدات واقية. في بعض الحالات، لا يستخدمون أساليب مثل رش الماء التي من شأنها أن تمنع انتشار الغبار.
وتقول منظمات، مثل اتحاد غرف المهندسين والمهندسين المعماريين الأتراك، إن تحذيراتهم بشأن مخاطر الصحة العامة التي يشكلها الهدم العشوائي بعد الزلزال وإزالة الأنقاض وممارسات التخلص من النفايات يتم تجاهلها.
ورغم كل هذه التحذيرات نفى نائب وزير البيئة والتحضر واغير المناخ التركي وجود اسبستوس في الهواء وطمأن سكان المنطقة قائلا” “يمكن لمواطنينا في منطقة الزلزال أن يطمئنوا. نحن نعمل بعناية فائقة على الأسبستوس”.
في المقابل تشير نتائج تحليل ل45 عنية عبارة عن (غبار أوراق الشجر، التربة، الأنقاض) من ستة أحياء مختلفة في هاتاي، احتوت 16 عينة منها على الأسبستوس، وهو مايتناقض مع البيانات والتصريحات الرسمية التي تنفي وجود هذه المادة المسرطنة في هواء المنطقة المتررة بالزلزال.
ووفق التحقيق فإنه يمكن أن تستغرق السرطانات المرتبطة بالتعرض للأسبستوس عقودا حتى تظهر. ومع ذلك، فإن الغبار الكثيف في المنطقة يضر بالفعل بالصحة، حيث يتعرض الأطفال لخطر كبير.
وفي هذا الصدد قال خبير الصحة العامة كاراداج إنه من الصعب تحديد عدد الأشخاص المتضررين في المنطقة دون إجراء دراسات موضوعية لمراقبة الصحة. وأوضح: “التصريحات الرسمية التي تدعي أن الناس لا يتأثرون تؤدي فقط إلى التستر على المشكلة”.
من جهته قال أوتكو فرات، في شهادة لـ DW وهو مهندس بيئي ساعد في جمع عينات الغبار ، إنه كان من الممكن تقليل الخطر عن طريق إزالة مواد الأسبستوس قبل هدم المباني. وأوضح “لم يفشلوا في القيام بذلك فحسب، بل ما زالوا أيضا لا يغطون الشاحنات التي تحمل الأنقاض بالقماش المشمع. حتى هذا كان سيساعد كثيرا”، بحسب قول فرات عن السلطات التركية وشركات الهدم المحلية.
في حين أن الضرر الذي حدث حتى الآن لا يمكن عكسه، فإن بعضتدابير السلامة ستقلل على الأقل من بعض المخاطر التي يتعرض لها الأطفال والعائلات. وقال فرات: “يجب توزيع الأقنعة على الناس والعمال في المنطقة، ويجب تشجيعهم على استخدامها”. “يجب تحديد الوحدات السكنية في المناطق الأكثر تأثرا بالغبار ونقلها إلى مكان آخر”. لكن الحل الرئيسي هو الاعتراف بالمشكلة والتخلص بأمان من المواد القاتلة.