تحقيق إسرائيلي : شركات اسرائيلية تستغل الإعلانات التجارية بغرض التجسس
لوسات أنفو: خديجة بنيس
كشف تحقيق لصحفية “هآرتس” العبرية نشاطا للتجسس على الناشطين والصحفيين والعلماء من خلال زرع أدوات التجسس داخل الإعلانات التجارية، موضحا أن برامج التجسس الإسرائيلية بإمكانها التسلل إلى أي جهاز هاتفي وتحويله إلى أداة تجسّس تعمل ضد صاحبه،هذه النافذة مفتوحة على مصراعيها بسبب عالم الإعلانات القوي على الإنترنت.
وفي هذا الصدد حذر التحقيق من أن الهاتف المحمول يشكل خطرا على صاحبه؛ بحيث في كل مرة ندخل فيها إلى تطبيق أو موقع، وخلال جزء من المئة في الثانية- اللحظة التي تمرّ بين الضغط حتى فتح الصفحة التي نريد، يجري مزاد تلقائي بين مئات آلاف الشركات الإعلانية المختلفة. يقاتلون على الحق في الإعلان لنا، بالضبط في تلك الثانية.
ويكشف التحقيق أن هذه الإعلانات تستغل في اختراق الهواتف بحيث يتم إرسال إعلان خاص يبدو ساذجاً، لكنه يتضمن في داخله تطبيق تجسس متطور هذا الإعلان الذي يبدو عادياً جداً، هو في الحقيقة سلاح سيبراني يستطيع اختراق الهاتف، أو الحاسوب الخاص بنا.
ويفسر التحقيق أن أجهزة الاستخبارات، تستغل عالم الإعلانات الرقمي الذي يجب أن يكون سرياً من أجل تخطّي منظومات الحماية الخاصة بشركتيْ “آبل” و”غوغل”، ثم زرع تطبيق تجسس متطور فيها. وبالتالي تحويل كل إعلان إلى رصاصة تكنولوجية لإصابة الجهاز.
وأضاف التحقيق أن شركة “إينسنت” الإسرائيلية نجحت في تطوير تكنولوجيا تستغل الإعلانات بغرض التجسس، وليس اعتباطاً منحت الشركة المنتوج اسم “شارلوك” وأصحاب الشركة، وبعضهم له علاقات قديمة وعميقة مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، نجحوا في الحصول على تصريح من وزارة الأمن لتسويق التكنولوجيا في العالم، وعملياً، الشركة باعت التكنولوجيا والقدرات لدولة غير ديموقراطية، مشيرا أنها أول حالة في العالم فيها منظمونة كهذه تباع كتكنولوجيا.
ويوضح هذا التحقيق الصحفي أن الحقيقة المقلقة جداً هي أنه اليوم، لا يمكن حماية النفس من هذه التكنولوجيا، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك طريقة لإيقافها.
وتابع أنه حتى أكثر منظومات الدفاع المتطورة والذكية، كتلك التي لدى “آبل”، أو “غوغل”، أو “مايكروسوفت” ، لا تعرف كيف يمكنها وقف تجسس من هذا النوع.
يشير هذا التحقيق الصحفي أن الإعلانات تعرف عنا الكثير جداً، وتستطيع مثلاً رصد مكاننا حتى الشارع الذي نحن فيه، وإحالة المعلومة على تاريخ البحث الخاص بنا.وفي السياق يحذر من أنه حتى المعلومات من دون اسم الشخص يمكن أن يكون لها قيمة كبيرة. من خلال تكنولوجيا الإعلانات، يمكن رصد كل الأشخاص الذين مروا من مطار معين في وقت معين. ويقول إن هذه الأداة يمكن استعمالها من أجل ملاحقة سلسلة العدوى ووقفها خلال انتشار وباء مثلا. فقد بدأت خلال أزمة كورونا صناعة جديدة تسمى استخبارات الإعلانات الجماعية.
وحسب التحقيق الإسرائيلي فإنه فعلاً، ما بدأ كملاحقة مرضية ومحاولة رصد سلاسل العدوى، تحول سريعاً إلى مجالات أُخرى. فعلى سبيل المثال، بحسب وثائق وصلت إلى “هآرتس”، فإن الشركة الإسرائيلية المتخصصة في مجال الاستخبارات (كو ويبس)، والتي تستند إلى معلومات علنية، ولذلك لا تحتاج إلى رقابة، تطرح تكنولوجيا تعرف كيف ترصد الموقع المحدد لهاتف عبر معلومات إعلانية. لافتاً إلى أن هذه القدرة تشرح كيف يمكن ملاحقة هدف محتمل في إيران.
وينقل التحقيق عن مصادر في هذا المجال قولها إنه كان من الواضح، منذ البداية، أن هذا المجال سيتحول سريعاً إلى منزلق، معتبرة أن “استخبارات الإعلانات هي مجال شرعي، ما دام لا يزال في منطقة الملاحقة العامة” مشيرة أن اختراق واحد، واستعمال واحد سيئ، يكفي إلى حرق الأداة برمتها”.
ويخلص التحقيق الصحفي الإسرائيلي للقول إن هذه القدرات التي طورتها شركات إسرائيلية، الهدف منها منع الإرهاب والجريمة، إلا أنها تُستغل بصورة سيئة أيضاً من جانب دول غير ديموقراطية وغير ليبرالية. مشيرا أنه ومثل كل سلاح، إلى جانب السوق المراقبة والشرعية، تنشأ دائماً أسواق سوداء تكون الرقابة عليها قليلة، تبيع هذه التقنيات لدول مشكوك فيها تمنع إسرائيل بيعها لها، أو لكيانات خاصة.
(عن صحيفة القدس العربي)