تباين مواقف دول الإتحاد الأفريقي بشأن الحرب على غزة
لوسات أنفو : خديجة بنيس
انقسمت دول الاتحاد الأفريقي إلى ثلاث مجموعات فيما يتعلق بمواقفها بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، وأبرز تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن الدول الداعمة لإسرائيل هي كل من (كينيا وزامبيا وغانا ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية)، والدول الداعمة لفلسطين (الجزائر وتونس وجنوب أفريقيا)، والدول المحايدة (نيجيريا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وأوغندا).
وأبرز المركز أن تنوع المواقف داخل الكتلة الأفريقية هو نتاج عدم إلزام الدول الأعضاء بتبني سياسة خارجية مشتركة، حيث لا يُطلب من دول الاتحاد الأفريقي تبني مواقف بعينها في السياسة الخارجية. وقد تختلف مواقفها بشكل كبير اعتماداً على مصالحها السياسية والجيوسياسية. وعلى الرغم من مرور ستين عاماً منذ تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية لأول مرة في عام 1963 لتعزيز المواقف الأفريقية المشتركة بشأن القضايا العالمية، فإن التكامل الإقليمي يظل غير مكتمل، ويتطلب المزيد من الجهود.
وفي هذا الصدد لم تتفق دول الاتحاد الأفريقي في الاستجابة للصراع في غزة، وتجاهلت معظم الدول الأفريقية دعوة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2023 إلى إنهاء جميع التبادلات التجارية والعلمية والثقافية المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل. وفي الوقت الحالي، اعترفت 44 دولة من أصل 55 دولة عضواً في الاتحاد الأفريقي بدولة إسرائيل.
أفاد المركز أنه منذ البداية، كانت الدول الأفريقية متعاطفة مع القضية الفلسطينية بسبب تجربتها الخاصة مع الاستعمار ومرارة الاحتلال الأجنبي. وبعد حرب عام 1973، أعرب أعضاء منظمة الوحدة الأفريقية عن دعمهم القضية العربية والفلسطينية، وقطعت جميع دول أفريقيا جنوب الصحراء، باستثناء عدد قليل منها، علاقاتها مع إسرائيل بشكل أحادي.
لكن الوضع تغير بمرور الوقت نتيجة لعدة عوامل: اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، واتفاقيات أوسلو عام 1993، وسقوط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عام 1994، والتطبيع العربي الإسرائيلي، وهي العوامل التي أوضحت للدول الأفريقية أنها لا تستطيع تجنب العلاقات مع إسرائيل. وقد دفعت هذه التطورات الدول الأفريقية إلى إعطاء الأولوية للفوائد الاقتصادية المحتملة من التكنولوجيات والموارد المالية والاستثمارات الإسرائيلية، فضلاً عن تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، على حساب الأيديولوجيات والالتزامات السياسية.
وحسب التقرير هناك العديد من الأسباب التي تجعل أفريقيا غير قادرة على التخلي عن علاقاتها مع إسرائيل أو تقليصها، بما في ذلك المصالح الاقتصادية والتجارية والتعاون الاستخباراتي العسكري. وربما يفسر هذا سبب قيام ما يقرب من 30 دولة أفريقية بفتح سفارات أو قنصليات في إسرائيل.
ويعد تطوير القطاع الزراعي الأفريقي أولوية قصوى بالنسبة إلى القارة الأفريقية بسبب افتقارها الحالي إلى التكنولوجيا، وقد عملت إسرائيل على تطويرهذا القطاع والإستثمار فيه في القارة الأفريقية لتحسين الأمن الغذائي في أفريقيا، ولهذا الغرض أطلقت مباردة”إمبروفايت 2020″.
وأنشأت إسرائيل شبكات تجارية قوية مع أفريقيا خلال العقود الأخيرة . وفي عام 2021، وصلت التجارة بين إسرائيل ودول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى أكثر من 750 مليون دولار أمريكي. وشكلت جنوب أفريقيا – وهي واحدة من أشد منتقدي إسرائيل في القارة – ما يقرب من ثلثي حجم التجارة هذا، تليها نيجيريا بمبلغ 129 مليون دولار.
وقد اكتسبت المصالح الاقتصادية والعسكرية الأولوية على العوامل السياسية والأيديولوجية في العلاقات الأفريقية مع إسرائيل؛ حيث تتشكل العلاقات بين الطرفين بناءً على الاعتبارات الاقتصادية والجيوسياسية والعرقية، فضلاً عن المصالح التقليدية والمعيارية.
وأكد المركز في تقريره أن المصالح الاقتصادية المترابطة بين أفريقيا وإسرائيل دفعت الدول الأفريقية إلى توخي الحذر فيما يتعلق بالصراع في غزة، لكن صمتها الحالي لا يعني موافقتها على تصرفات إسرائيل.
إلأأ أنه في ظل زيادة إراقة الدماء والإصابات بين المدنيين الفلسطنيين ، وارتكاب الإحتلال لمجازر في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فإن الدول الأفريقية لا تستطيع أن تواصل التعاطف مع إسرائيل مع استمرار الحرب، خاصة أمام الضغط الجماهيري الشعبي الذي يمارسه الشعب الأفريقي على الحكومات الأفريقية لإدانة الهجمات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة.
ورداً على هذه التطورات الأخيرة، استدعت جنوب أفريقيا وتشاد سفيريهما من إسرائيل، في حين ناقشت تونس مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل، كما سمح البرلمان الجزائري للرئيس بدخول الحرب دعماً لفلسطين.
وخلص التقرير أنه يتعين علينا أن نفهم الاستجابات الأفريقية للصراع في غزة بشكل منفصل عن الاستجابة الجماعية للاتحاد الأفريقي للأزمة. اعتماداً على مصالحها الوطنية، واصلت الدول الأفريقية إقامة علاقات مع إسرائيل في العقود الأخيرة، ومن ثم ظلت صامتة أو محايدة إزاء الهجوم الإسرائيلي على غزة. ومع ذلك، إذا استمرت الحرب فقد تنتهي سياسة الاسترضاء الحالية، وقد تقاوم الدول الأفريقية بقوة أكبر إسرائيل وقصف المدنيين والمستشفيات في غزة.