ثقافة

المفكر عبد الصمد الكباص في الشارقة:” الجسد أولا.. و التجربة غير قابلة للتفويت”

قال المفكر المغربي الدكتور عبد الصمد الكباص إن الفلسفة بالمغرب تتغذى اليوم من أصوات متنوعة باسئلة تختلف عن تلك التي شكلت روح المجهود الفلسفي المغربي منذ الستينات في القرن العشرين. و أضاف في المداخلة التي ألقاها في الندوة الفكرية التي نظمت في الشارقة في إطار معرضها الدولي للكتاب في موضوع ” المدرسة الفلسفية بالمغرب”، ان دافعه الى التفلسف لم يكن انتماء مؤسساتيا، و إنما انشغال بما يطرحه وجوده الخاص من أسئلة. لذلك كانت أهم أعماله كما يقول محاولة في توسيع الإجابة عن سؤال واحد هو: من أكون عندما أتصرف كجسد؟”

و أكد الكباص أنه لا يرغب في كل الأعمال التي كتب أن ينوب عن أحد، و لا أن يطرح الأسئلة بدلا عنهم، وإنما كان همه هو أن يطرح سؤاله الخاص كفرد ينتمي إلى العالم من خلال جسده. وقال في هذا السياق ” لذلك لم تكن الفلسفة ولا تدريسها قضية بالنسبة لي، و إنما التفلسف هو ما شغلني بالدرجة الأولى. أنا لا أ اسعى أن أعلم أحدا شيئا، و لا أن اصحح له، وإنما أخوض غمار الاقتدار على الكوني من خلال التجربة التي يحققها فيَّ العالم، و هي تجربة خاصة وغير قابلة للتفويت..” و أوضح “إن التجربة يمكنها أن تفهم، لكن لا يمكنها أن تعرف، فقد أفهمك عندما تقول إنك سعيدا، لكن لا يمكن أن أعرف مدى الخبرة الحية التي عشتها تحت ما سميته سعادة. لذلك فالمطروح الذي ألزمت به نفسي من موقع التفلسف هو أن أجعل الاستخلاص الفكري لهذه التجربة قابلا للتقاسم من أجل الفهم. “

و استفاض الكباص في التجوال بالحضور في جوانب مختلفة من رؤيته لإشكالية الجسد التي شغلته، موضحا أن التمييز الذي أعلن عنه في عمل له سابق بين نظام الحاجة و نظام الرغبة، قد تطور بعد ذلك إلى تأكيد الإنسان كبنية تكنولوجية مضاعفة، هي تكنولزجيا الحاجة و تكنولوجيا الرغبة. و اعتبر أن العالم يستعملنا من خلال الحاجة لكن في الرغبة نحن الذين نستعمل العالم.  مضيفا أن الرغبة ليست أولية من حيث اشتغال الإنسان كوظيفة في الحياة، أما الحاجة فهي أولية، مضيفا أن الإنسان يبدأ مع الرغبة التي هي نظام طارئ، وهو ما يعني أن الإنسان طارئ في بنيته الخاصة.

و هاجم الكباص الاقتصار بالفلسفة كاشتغال على الفلسفة، موضحا أن الأهم هو تحريك المفاهيم في اتجاه حقول أخرى غير فلسفية كالمعمار والسينما و الطرق و الشاشات، لتفتح الامكانيات الفلسفية الكامنة فيها. و يقول في هذا الصدد ” لهذا شكل الرقص و السينما و الطعام جزء من اهتمامنا الفلسفي، لأنه يهم ما به نختبر فعليا أن أحياء..”

و ختم الكباص مداخلته قائلا” من الجيد أن نواصل بناء المفاهيم، و صياغة الأسئلة التي لم تطرح بعد، خاصة تلك التي تتعلق بتجربتنا الخاصة ككائنات تحيا، لأن حياة الروح هي التأويل. إن نزعة تمجيد النصوص مدمرة، لذلك فبناء نص فلسفي لا يجد بهاءه الخاص و لا يستكمل مهمته إلا في الإحساس الذي يتغير فينا بالحياة، و التعديل الذي يجريه في سبل البحث عن حياة أجود وأجمل …”

و شارك في هذه الندوة التي أقيمت بمناسبة تظاهرة ” المغرب ضيف شرف بمعرض الشارقة للكتاب” كل من المفكر عبد السلام بنعبد العالي و المفكر نور الدين أفاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى