مبدعون في الحياة

الفيلسوف عبد العزيز بومسهولي: ثراء الحياة غير قابل للتملك

عبد العزيز بومسهولي/فيلسوف مغربي

بما أن الفيلسوف ينتمي لجملة من الكائنات الأصيلة، شأنه شأن الكائنات البشرية الأخرى التي لا تهتم بأي شيء آخر قدر اهتمامها بالاقتدار على بذل أقصى الجهد في ابتكار أسلوب فن الحياة، فإنه لا يشتكي إقصاء، ولا يستجدي وجاهة، ولا يتسول مكسبا؛ يكفيه فقط أن يقاوم نزوع التملك في ذاته أولا، لا لأنه زاهد في الحياة، بل لأن رغبته مفعمة بعناصر الوجود الحيوية التي تغذي الاقتدار على إثراء الحياة، إدراكا منه بأن الثراء في الحياة غير قابل للتملك، حتى ولو استحوذ المرء على كل مقدرات الوجود، وأن الاستحواذ مهما بلغ زاده، فإنه لا ينتسب للثراء، بقدر ما ينتسب للتفقير، لأنه حيازة، والحيازة تقليص ممنهج لثراء الوجود، كما أن الثراء لا يقاس بكم الزاد المحصول للكائن، بقدر ما يقاس بالكيفية التي يسهم فيها الكائن في ثراء كينونة الوجود البشري واللابشري، على هذه الأرض التي تتنازعها قوى الارتكاس وتفقير الحياة. أعني أن الفيلسوف الأصيل، لا يفكر في شيء آخر، قدر تفكيره في الوجود كثراء لا متناه غير قابل للتملك، ما دام يتسع للجميع، وما دام قابلا لأن يعاش في كل مرة، كما لو كان عيشا لأول مرة، وما دام هو المأوى والوسيلة والغاية لأن الحياة، إنما تعاش كاقتدار على عطاء ينتسب للعطاء الدائم واللامتناهي الذي يفيض عن الوجود في كل مرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى