الحوار

الفاعل السياسي والكاتب حميد مجدي: الوضع الحقوقي بالمغرب مؤلم، ونطالب بانفراج سياسي حقيقي

الجزء الأول

لوسات أنفو

حاوره:
إلياس أبو الرجاء
عادل أيت واعزيز

أحد المتعطشين للدمقراطية، يضع دوما أمامه تحيزات للكرامة الإنسانية والعدالة والحرية وقيم الإنفتاح والحداثة، حيث ارتبط اسمه كثيرا بالدفاع عن حقوق الشغيلة. هو الأستاذ حميد مجدي، الكاتب والسياسي، عضو المجلس الوطني للحزب الإشتراكي الموحد، ونقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وناشط حقوقي في الصفوف الأمامية بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان. والمنسق الوطني لشبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشغلية. وهو حاليا مستشار جماعي بقلعة السراغنة، له العديد من المقالات والكتابات، أحدها مؤلفة الذي أصدر سنة 2021 بعنوان؛ ” المخاض النقابي والسياسي العسير 1999-2013 ورزازات تتحدث بلسان حالها عن المغرب”، الكتاب الذي يروي فيه حميد مجدي تجربة إنسانية يتقاطع فيها السياسي والنقابي مع الحقوقي. ولأن مجدي هو ابن مدينة دمنات، فقد كان فاعلا ومؤثرا في منطقة ورزازات، و احتضنته المدينة حتى أرغم على مغادرتها، ليستقر بقلعة السراغنة، ومع أنه كان يحمل دائما همّاً اسمه؛ الشعب، فإنه ظل يواصل مساره بخطى ثابتة في العمل السياسي والحقوقي بالمغرب، هذا المسار الذي نريد من خلال هذا الحوار الإقتراب منه ومن تجربة حميد مجدي النقابية والسياسية، ويكشف لنا عن مواقفه وأفكاره ،ومواضيع أخرى لا تنأى عن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والوضع الحقوقي.

س؛ أصدرت مؤخرا كتاب “المخاض النقابي والسياسي العسير ورزازات تتحدث بلسان حالها عن المغرب”. هل يمكن أستاذ حميد مجدي أن تحدثنا أكثر عن ظروف إصدار هذا الكتاب، وعن التجربة السياسية والنقابية التي عشتها هناك بالجنوب الشرقي؟

أولا أشكركم على هذه الدعوة، وإتاحة الفرصة لي من أجل التعبير عن بعض الأمور المتعلقة بالوضع في البلاد. بالنسبة للكتاب، فهو يتحدث عن تجربة أساسية في منطقة ورزازات ككل، وليس سيرة ذاتية بالتحديد، فحينما قلت ” تتحدث بلسان حال أهلها عن المغرب” عنيت ما أقول، لأني تحدثت عن هذه المنطقة، ولكن ما حدث على المستويات السياسية والنقابية والتظيمية للأحزاب، يطال ويصدق على ما يحدث في الصعيد الوطني، فهي إذن، نموذج يمكن إسقاطه على المغرب كاملا، مع اختلافات طفيفة. ما حدث في مدينة ورزازات يحدث في مدن ومناطق أخرى.

لذلك فكرت في كتابة الكتاب، ولأن هذه العملية نضالية، فإنه مع الأسف الشديد الطبقة العاملة، الفقراء والفئات الشعبية، ليست هي التي تكتب التاريخ، بل من يكتبونه دوما هم الأقوياء. الكتاب وجهة نظر، لتجربة شخصية كنت قريبا وفاعلا فيها بالمنطقة، كما هي تجربة بناء صرح نقابي مهم في هذه المنطقة أنذاك في ورزازات. فالحديث عن الكتاب يحتاج لوقت طويل.

س؛ ماهو الشيء الذي ميز تجربتكم بمدينة ورزازات، ومالذي حققتموه خلالها؟

  للإشارة فالتجربة التي مررنا فيها كانت عبارة عن مواجهات للخروقات القانونية ولوبي الفساد الإنتخابي والمالي. ورزازات منطقة غنية جدا بمواردها السياحية والمنجمية، وكذلك حضورها السينمائي المهم ورأسمالها. لذلك كنا ندافع عن الطبقة العاملة، ونطالب فقط بتطبيق القانون لا أكثر، فقد كان هناك افتراس لهذه المنطقة التي تشهد سرقات كبرى في جميع المستويات. وبالتالي فالمضايقات غالبا ما تأتينا من الطرف الآخر. ولأننا لم نتنازل ولم نبع أنفسنا لهم، فإننا تعرضنا لمضايقات كبيرة جدا، انطلاقا من موقعنا وتنظيمنا الذي كان ناجحا. فالجهة الأخرى التي تعارض ما نفعله، غالبا ما تخيفهم هذه التنظيمات الناجحة. وبالفعل استطعنا مع مجموعة من الرفاق بناء صرح تنظيمي كان مهما، ويزعجهم.

س؛ والان، كيف تنظر حميد مجدي من موقعكم داخل الحزب الإشتراكي الموحد لهذه المرحلة الراهنة للبلاد؟

أعتقد أن المغرب حصل على جزء من استقلاله فقط، عكس الدول الأخرى، حيث لم نحصل على الإستقلال الترابي بأكمله، وبالتالي بقيت مجموعة من المناطق لم تسترجع بعد كـ؛ جنوب الصحراء، سبتة، مليلية والجزر الجعفرية.. وبالرغم من خروج المستعمر، فإنه بقي مستعمرا لنا بشكل أو بآخر، وبالتالي الإستعمار ما زال قائما بطريقة غير مباشرة، وفي صالح المستعمر أن يكون كذلك. وبخصوص الدستور المغربي الذي يقول أنه ملكي دستوري برلماني ديمقراطي … لم يكن واقعيا على مستوى النص والقوانين المنظمة له، وكذلك هو يخالف هذه المعاني التي أتت بها هذه المادة من دستور 2011.

نحن نقول أن نظام الحكم اختار أن يكون نظاما فرديا غير ديمقراطي بالمرة، وهناك جانب آخر، أن المغرب حينما حصل على استقلاله غير التام، أخذ موقعه مع العالم والنظام الدولي الرأسمالي، ليس من باب الند للند، ولكن من موقع التبعية. وحينما نقول غير ديمقراطي فإنها مسألة وصفية، ليس فقط كمعارضة، بل واقع الأمر، لأن الدمقراطية، لها معاييرها وأسسها، فالملكية تهيمن على جميع السلطات، سواء التنفيذية، القضائية والتشريعية.. وهذا بحكم الدستور أيضا.

س؛ المغرب يعيش وضعا مقلقا نوعا ما إذن، لكن كيف يمكن أن يخرج من هذا الوضع ؟

المغرب لا يمكن أن يخرج من هذا الوضع، وكونوا على يقين أن المشاكل ستتفاقم، ولايمكن إلا أن تتفاقم، ولا حل لها إلا بالإصلاح السياسي، لكونه المدخل الوحيد. فإذا لم يكن هناك قانون ديمقراطي للبلاد، كل ما سيأتي بعده، لا يمكن أن يكون في محله، ونفس الشيء ينطبق على القوانين التي المؤطرة له، ونموذج القانون الضريبي مثال ذلك.

س؛ كيف، أيمكن أن تضعنا في صورة واضحة بخصوص هذا القانون؟

القانون الضريبي مجحف جدا، ففي سنة 2020، شكلت الضريبة نسبة تفوق 91 في المائة من الإرادات العامة لميزانية المغرب. فيما قبل كانت تتراوح فيما بين 85 إلى 90 في المائة، وهذا الأمر ليس سهلا لأنها تشكل نسبة الميزانية ككل.

س؛ ومن يؤدي هذه الضريبة؟

أولا، هناك ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الدخل ثم الشركات، وضرائب أخرى، لكن هذه هي الأساسية، فالضريبة على القيمة المضافة TVA، تشكل نسبة 69 في المائة، من الإرادات الضريبية، ويؤديها المواطن الذي لا يملك شيئا، في المواد الأساسية والخدمات والتنقل… والمعروف أن الضريبة يؤديها أصحاب الرأسمال أي من الطبقة الغنية، وبخصوص الضريبة على الدخل فيؤديها الموظفون والعمال، وبالنسبة للضريبة على الشركات فيؤديها عدد قليل جدا، فأزيد من 83 في المائة من الإرادات الضريبية، لا تستخلص إلا نسبة 2 في لمائة من عدد الشركات المغربية. فالذين من المفروض أن يؤدوا الضريبة من الاغنياء لا يؤدونها، زد على ذلك الإعفاءات الضريبية.

س؛ وبالنسبة لقانون الشغل؟

قانون الشغل يتماشى تماما مع مصالح الباطرونة، فإذا صدر خطأ ما من عامل، فإنه من الممكن أن يطرد أو حتى يتم سجنه. أما الباطرون فلا، وهذا مدرج في القانون. فالباطرون مثلا لا يؤدي على الضمان الإجتماعي، والإحصائية تقول أنه أزيد من 60 في المائة من الضمان الاجتماعي لا يؤدى عنها. ولأن هذه الامور إجبارية فإنه من المفروض أن تكون عقوبات على هذا الأمر.

بل أكثر من ذلك، وانطلاقا من تجربتي الشخصية، حينما يرفع العمال دعوات قضائية وتحكم المحكمة لصالحهم فالحكم لا ينفذ.

وكمثال على ذلك تم طرد 111 عاملا من أحد الفنادق، وحكمت المحكمة لصالحهم بمليار و300 مليون سنتيم، لكن منذ ما يزيد عن 11 سنة لم ينفذ الحكم بعد، ونفس الشيء وقع مع عمال فندق آخر. وبالتالي فإنه لن يكون هناك إصلاح، إلا إذا كان القانون يسري على الجميع، وإذا كانت الدولة ديمقراطية.

حميد مجدي رفقة نبيلة منيب

س؛ ما رأيك أستاذ حميد بإدانة البرلمان الأوروبي للمغرب في ملف حقوق الإنسان، هل ترون فعلا أن المغرب دولة مستقلة بقرارها، ولها سيادة، ولا تخضع لتبعية اقتصادية وسياسية، انطلاقا كذلك من مداخلة الأمينة العامة نبيلة منيب في قبة البرلمان؟

 بالنسبة لي النقاشات التي أفرزت بعد قرار البرلمان الأوروبي، هي ضحك على الذقون. رغم انتمائي للحزب الإشتراكي الموحد، إلا أنني لا أتفق مع الجزء الأول من مداخلة الأمينة العامة نبيلة منيب، لسبب أساسي هو أنه لدينا اعتقالات ومشاكل كبرى، ونحن كنا دائما ندعو المنظمات الدولية، ونتكاثف لصالح حقوق الإنسان في جميع بلدان العالم. وحين تتحدث هذه المنظمات الدمقراطية والحداثية والحقوقية، كمنظمة العفو الدولية والبرلمان الأوروبي وغيرها، عن أن المغرب لم يطبق القوانين الدولية، فهذا واقع وحقيقة، ولا يمكن إلا أن أصفق لها. فالوضع الحقوقي مؤلم في المغرب. أما نحن، فإننا نطالب بانفراج سياسي حقيقي في المغرب، ولكي يتحقق يجب أن يكون هناك قضاء نزيه وانتخابات نزيهة.

يتبع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى