الرأي

العلاقات الإسبانية المغربية وقضية الصحراء المغربية

عبد الإله إصباح

قام رئيس الوزراء الإسباني بزيارة المغرب مؤخرا، وفي غضون هذه الزيارة جدد موقفه من قضية الصحراء المغربية،فاعتبر أن مقترح الحكم الذاتي الذي عرضه المغرب هو مقترح جدي وواقعي. وقد تناقلت العديد من وسائل الإعلام الوطنية هذا التصريح وأشادت به معتبرة إياه يعزز الموقف المغربي ويجعل إسبانيا تلتحق بالدول المدعمة لهذا المقترح.

الموقف الإسباني يأتي في سياق سعي الحكومة الإسبانية إلى تجاوز الفتور الذي اعترى العلاقة بين البلدين إثر مجموعة من الأحداث التي أثرث سلبيا على هذه العلاقة، وقد سبق للمغرب في هذا الإطار أن أغلق المعبر الحدودي لمليلية ملحقا ضررا بالغا بالمقاولات الإسبانية التي فقدت فجأة سوقا معتبرة لبضائعها و عانت كسادا اقتصاديا هددها بالإفلاس، يضاف إلى ذلك المشاكل المتعلقة بالهجرة السرية والتي يعتبر المغرب بالنظر إلى موقعه فاعلا أساسيا في الحد من أثارها السلبية على إسبانيا، إذ هو الجدار الفاصل بين حشود المهاجرين الأفارقة وبين وصولهم إلى الضفة الآخرى من الشاطئ المتوسطي.

المغرب إذن يملك أوراق رابحة في علاقته مع الجار الإسباني، ومن الطبيعي أن يستعمل هذه الأوراق في الدفاع عن مصالحه و تعزيز المواقف الايجابية للدول من قضيته الوطنية.

إسبانيا من جهتها تدرك حجم مصالحها الضخمة بالمغرب، فهي ثاني مسثتمر به بعد فرنسا وطموحها هو تجاوز الحصة الفرنسية لتصبح الشريك الأول لجارها الجنوبي. كل هذه الاعتبارات تأخدها اسبانيا في الحسبان في تقدير علاقتها مع المغرب، وهي تدرك أن قضية الصحراء بالنسبة له تحتل مكانة استراتيجية في تدبير علاقاته الخارجية،وان الحفاظ على حجم مصالحها بالمغرب و تعزيزها وتقويتها أصبح يتطلب منها إبداء مواقف ايجابية تعزز وتساند المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي،حتى وإن كانت هذه المساندة لا تلقى إجماعا من الأحزاب السياسية الإسبانية، بل هناك من هذه الأحزاب من لا زال يتبنى و يساند الإطروحة الانفصالية، وهذا ما يجعل الموقف الاسباني الحالي  رهين بتجاذبات القوى السياسية ورهاناتها بهذا البلد، وبالتالي فهو يبقى موقفا غير قار وغير دائم إلا إذا كان من المستحيل فوز القوى السياسية المساندة للبوليزاريو، وهو ما يتطلب من المغرب أن لا يرتكز فقط على المواقف الخارجية رغم أهميتها، بل عليه أن يعزز دفاعه عن وحدته الترابية من خلال  تقوية الجبهة الداخلية وذلك بإرساء ديمقراطية حقيقية تجعل منه نقطة جذب وانبهار قادرة على إذابة كل نزوع انفصالي محتمل في وحدة وطنية قائمة على أسس المواطنة الحقة والعدالة الاجتماعية الملموسة والكرامة المضمونة والمصانة. والواقع أن قضية الصحراء المغربية لا تنفصل في عمقها عن قضية الديمقراطية، وقد كان الشهيد عمر بن جلون سباقا في الانتباه إلى هذا الارتباط بين القضيتين، وعمل مرارا على توضيحه والتأكيد عليه في افتتاحياته بجريدة المحرر، واليوم يتأكد صواب هذا النهج وهذا الاختيار الذي لا بديل عنه في تدبير قضية الوحدة الترابية، فهو بلا شك سيعزز الموقف المغربي ويضفي عليه الكثير من الجدية والمصداقية، في عالم لا تربح فيه الدول والشعوب قضاياه العادلة إلا من منطلق تعبئة حقيقية ترتكز على إرادة شعبية تتأسس بدورها على ديمقراطية فعلية وحقيقية

وبدون الارتكاز على هذا التوجه، ستبقى كل الرهانات على الخارج والعلاقات الخارجية، رغم أهميتها، مفتقدة للأساس الشعبي ورهينة دوما للتقلبات الإقليمية والدولية، وهو ما يجعل المغرب عرضة لمساومات وابتزازات دائمة ومتواصلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى