عبد الإله إصباح
على إثر قيام المقاومة الفلسطينية بعملية طوفان الأقصى يوم 7 اكتوبر 2023 ضد الكيان الصهيوني، و التي أسفرت عن مقتل العديد من الجنود الإسرائليين وأسر العديد منهم مع مجموعة من المستوطنين المتطرفين والعنصريين، كتب المدعو الطاهر بن جلون مقالا بإحدى الصحف الفرنسية يدين فيه حماس ويتضامن تضامنا مطلقا مع الكيان الصهوني، ويعبر فيه عن حزنه الشديد لسقوط ضحايا إسرائليين وشعوره بالوحدة الشديدة واصفا مقاتلي المقاومة بالحيوانات مرددا بذلك عبارة أحد المجرمين الصهاينة وهو يتلقى مصدوما خبر الضربة القاصمة التي تلقاها جيش الاحتلال صبيحة ذلك اليوم المجيد.
والطاهر بن جلون الذي عبر عن فيض من المشاعر الجياشة إزاء الصهاينة، لم يسبق له أن أبدى أي تعاطف مع ضحايا المجازر الصهيونية من الفلسطينيين شيوخا ونساء وأطفالا بالآلاف على مر سبعة عقود، وهذا دليل قاطع على أن الصهيونية قد تلبسته فاصبح عنصريا ينتابه الحقد والكراهية ضد فلسطين والفلسطينيين. أراد أن يبدو لأسياده الصهاينة إنسانيا ومتحضرا رهيف الإحساس والمشاعر، فإذا به يكشف عن حقيقته كصهيوني حاقد، متزلف وانتهازي يركب موجة الصهيونية السائدة في الأوساط اليمينية والفاشية بالغرب ليتحصل موقعا ضمن نخبتها ويكون بوقا من أبواقها.
والواقع أن الطاهر بن جلون لم يكن يوما مناصرا لقضايا الحرية والديمقراطية وللقضايا العادلة للشعوب، فلم يسق له أن كان له موقف من أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، بل اكثر من ذلك، هو يناصر الاستبداد ويشيد به كلما أتيحت له الفرصة لذلك، غير مكترث بتاتا بمعاناة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي سواء في الفترات السابقة أو في الوقت الراهن.
والأدهى أن الطاهر بن جلون افتتح مقاله السيئ الذكر بالقول بأنه مغربي ومسلم، ليعطي الانطباع لأسياده وقرائه بأن المغاربة يدينون المقاومة الفلسطينية ويساندون الكيان الصهيوني، والحقيقة أنه نسي أن المغربي الحقيقي يستحيل أن يكون ضد نضال الشعوب من أجل حريتها واستقلالها وتقرير مصيرها، والطاهر بن جلون في موقفه من الشعب الفلسطيني ومقاومته اختار أن يكون صهيونيا وفرنسيا يمينيا بدل أن يكون مغربيا حقيقيا، هو مغربي بالاسم، وليس بالمشاعر والهوية والوجدان. المغرب بالنسبة له كان دوما مجرد فلكلور يؤثث به فضاء كتاباته ليرضي ذوق أسياده الفرنسيين الذين تستهويهم الأجواء الغرائبية في تلك الكتابات ،هم الذين ضجروا من فضاءات الأزمنة المعاصرة، ويبحثون عن رحلة عبر الزمان إلى القرون الوسطى من خلال كتاب فرنكفونيين يبيعونهم تلك البضاعة مقابل جوائز ومكانة اعتبارية في إعلامهم.
ماذا سيقول الطاهر بن جلون عن المجازر الحالية للكيان الصهيوني؟ ماذا سيقول عن مجزرة مستشفى المعمداني التي خلفت أكثر من 500 شهيد؟ لعله سيتبنى الرواية الصهيونية والأمريكية في هذا الصدد التي تنفي المسؤولية عن جيش الاحتلال وتحملها للجهاد الإسلامي. الأكيد أن مشاعره هي مشاعر أي صهيوني من عتاة الصهاينة لأنه يعتبر الفلسطينيين مجرد حيوانات، مشاعره لن تختلف عن مشاعر مجرم الحرب نتنياهو.
وخلاصة القول أن الطاهر بن جلون اختار أن ينهي مساره ككاتب يميني مناهض لحق الشعوب في الحرية والكرامة والاستقلال، كاتب عنصري ملطخ بعار الصهيونية.