الرأي

البريكولاج السياسي.. عن دور الكومبارس الحزبي

يحرث الركح طولا وعرضا ويختفي عند انقضاء المشهد و إفلاس الحبكة

حسن أوزيادي

  البريكولاج، مصطلح لوصف نمط من التفكير والإبداع ، يعمل على تجميع الأفكار و المواد  والموارد المتاحة لتملكها وإعادة إنتاجها ترتيبا  وتركيبها  في نسق جديد ، وفق  رؤية وتصور معين.في شكل إبداعي  مرن وملهم، يعكس فلسفة ومهارات إبداعية وفكرية ، دون الالتزام والتقيد بقياسات جاهزة أو ماركات  مبتذلة مصممة في مختبرات الرداءة و التطويع والترويض.

 يتحول ويتطور“Le bricoleur” ذاتيا وموضوعيا كي يستجد و يحدث استثناء  فكريا بعناوين  ورؤية جديدة , بعيدة عن  تنميط الواقع البريكولاج السياسي مفيدً حين  اشتراطه  بالفهم والتحليل للمتطلبات و التحديات ومؤطر بشرط  الاجتهاد و  النقد  كي يضمن  ديمومة التحول  نحو الآفاق الواعدة يزخر الفضاء السياسي المغربي ب 32  تشكيلة سياسية،، كل يغني ليلاه. تشكيلات تعد على أصابع اليد تنشط  مشهدا  سرياليا وعبثية والبقية الباقية تؤثث وتشخص دور الكومبارس الذي يحرث الركح طولا وعرضا بحركات مثيرة ومقززة. يظهر ويختفي عند انقضاء المشهد و إفلاس الحبكة.

بريكولاج سياسي مثقل ،من جهة، بثقافة الزوايا وسلطة الشيخ على مريديه، ومنمق ومزين كالعروس ، ليلة الدخلة ،  بروتوشات ديمقراطية باهتة.

تركيب غير متجانس البتة، أربك التصورات والقناعات والتوجهات السياسية،حتى أصبح  سؤال ماذا نريد؟ إفلاسا سياسيا حقيقيا.

مرت عديد المؤتمرات الإستثائية للتنظيمات الحزبية والمهنية ، اتسم سياقها العام  بمقاربة “الإنزال” كل فريق على الآخر.. مجاهد ومحارب ما أمكن. مستنيث  في الحفاظ على  نسل  نفس القيادات كأن الأمة عاقر، مباركا ومتيمنا ببركاتها.. هرمت  بالكرسي   تسند عكازا وتحاصر مبادرات تجديد النخب وبالتالي القطع مع مفهوم  ” التطور والتقدم “.

بريكولاج سياسي يقطع مع المستقبل راكبا على عدم المغامرة السياسية للإبقاء على ” status quo” مكرسا ريعا سياسيا ألفته النخب وتناهت معه حتى أضحى  حقيقة والانزياح عنه نشز . تعض عليه بالنواجذ ، متشبثة بمغريات السلطة والمال ..مفرملة  بذلك  مجريات التحول وآفاقه.

 إنه الاسترزاق والاسترقاق  السياسي الجديد المبني على البريكولاج كآلية  لتخطيط السياسة ، عفوا للتحنيط السياسة.

ملامح البريكولاج  السياسي

تلجأ بعض الأحزاب إلى استخدام الخطاب السياسي بشكل رتيب أساسه التراشق الكلامي وليس  تحليل وتفكيك الخطاب وممارسة الصراع  السياسي  الأيديولوجي  لرفع سقف النقاشات السياسية واستجلاء مكامن التناقض، القوة والضعف  ورصد بؤر الإفلاس والفشل السياسيين واتخاذ المبادرات الجريئة لإيقاف النزيف.عوض المساهمة صمتا وعلنا في  التسخينات وإحماء الوجدان دون فعل يذكر.

 أما بناء التحالفات الهشة لا خيط رابط بين مراجعاتها الفكرية والسياسية، سوى إحداث الضجيج و والجعجعات الخرقاء . تلك صور قاتمة  وصادمة من البريكولاج السياسي.

ملمح آخر.. يتجلى في أسس بناء وتنظيم  العلاقات الداخلية للحزب بحيث  أن الهيكلة التنظيمية لا تسمح بتدرج المنتسبين  من خلال الكفاءة والعمل  والانخراط والجهد والجدية ، أكثر مما تركز على الولاء و مباركة الزعيم ، أما الوعي العلمي بمبادئ التنظيم و رسوخ القناعة فهو تحصيل حاصل، أما النقد والنقد الذاتي فهو الغائب الأكبر كمحرك وساهم في دوران عجلة  الأداء وتحسين أساليب العمل داخل  الحزب، أدبيات لم تعرف طريقا للوجود .غياب الوحدة التنظيمية  والفكرية، وجه آخر من البريكولاج السياسي داخل كل تنظيم ، تجد تيارات متفاوتة في التقدير و الرؤية والتصور، جميل وصحي، لكن آلية تدبير الخلاف مغيبة ، مما يضرب في الصميم الوحدة التنظيمية،   فيتفكك  التنظيم إلى  جزيئات متطايرة في فضاء السياسة ..ينطبق عليها  أي  مسمى ، إلا تنظيم  سياسي ،  توحيد الرؤية والمبادئ  داخل التنظيم  رافعة أساسية لاستمرار والتجديد.  نفس الفهم للأهداف  والمسارات يغذي إلى  التماسك  والقوة، ، حتى البريكولاج لم نتقن تفاصيله وتقنياته، لأن الشلل الفكري و  الضعف المرجعي هو بمثابة ابشجرة  التي تخفي الغابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى