إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية : “البريكس” يفتقد رؤية اقتصادية وسياسية مشتركة تعزز الدور الفعال للتكتل عالميا
لوسات أنفو: خديجة بنيس
انتهت أشغال قمة “البريكس” بجوهانسبرج بجنوب أفريقيا، والتي خصصت لمناقشة المسار المستقبلي للتوسع المحتمل للتكتل بهدف تعزيز نفوذه العالمي، وتقويض الدولار الأمريكي.وبالإضافة لممثلي دول الأعضاء، شارك في القمة العشرات من قادة الدول الأخرى في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وأفاد تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، أن هذه القمة تكتسب زخما عالميا قويا بفضل تصاعد أهمية هذا التجمع في الاقتصاد العالمي، في ظل الأزمة العالمية،فضلاً عن الجدل المثار حول العديد من القضايا التي يهتم بها زعماء التكتل.
وجاء في التقرير أن أهمية تكتل “البريكس” تتصاعد في الاقتصاد العالمي، فهوبمثابة منتدى بديل للدول بعيدا عن المؤسسات الاقتصادية التي ينظر إليها على أنها تحت هيمنة القوى الغربية التقليدية، وتتوقع “بلومبرج إيكونوميكس” أن المجموعة الموسعة ستمثل نحو نصف الناتج العالمي بحلول عام 2040، أي ضعف حصة مجموعة السبعة.
ويضيف المركز أنه على وقع الصراعات اقتصادية بين أقطابها،تتطلع مجموعة بريكس بقيادة الصين وروسيا إلى توسيع نفوذهاواستقطاب المزيد من الأعضاء؛لتحدي مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرىو لتعزيز ثقلها العالمي،لإثبات أنها لم تعد بحاجة إلى الغرب، خاصة أمام تزايد طلبات الدولللإنضمام إلى المجموعة، أملا في خوض تجربة مثيلة لتجربة جنوب أفريقيا، التي حققت زيادة في حجم تجارتها مع بقية دول المجموعة باطراد منذ انضمامها.
وأبرز المصدر أنه من بين الأهداف المسطرة للمجموعة تقويض هيمنة الدولار في محاولة لتحريرنفسهامن العملة الأمريكية، وتعويضها بالعملات المحلية للدول المحلية في تسوية معاملانها التجارية، واقتراح تطوير عملة مشتركة للبريكس، وبالفعل بدأ بنك التنمية الجديد يخطط لتحقيق ذلك، لبناء سوق مشتركة.
وفي ظل تفاقم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، بدا أن الدول النامية تستغل القمة من أجل الضغط على دول التكتل من أجل تسهيل عمليات إمدادها بالسلع الغذائية الاستراتيجية؛ من أجل ضمان الحد من تفاقم الأزمة الغذائية التي تعاني منها، خاصة في ضوء الإجراءات المتخدة من قبل دول التكتل (الهند وروسيا).
وحسب RIMارتكزت فعاليات القمة وبيانها الختامي على الدعوة إلى ضرورة توجيه العالم نحو نظام متعدد الأقطاب، تمنح فيه الدول الصغيرة المزيد من الحركة والمرونة في اتخاذ قراراتها، بما يساعدها في تحقيق أهدافها التنموية وتلبية تطلعات شعوبها المستقبلية.وانضم إلى التكتل 6 دول وهي السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، لتصبح أعضاء كاملي العضوية مطلع يناير 2024، في انتظار تقديم وزراء الخارجية الدول الأعضاء تقارير حول قائمة الدول الشريكة المحتملة بحلول القمة القادمة.
كما جاء في نص البيان الختامي للقمة ؛ تأكيد تعزيز وتحسين الحوكمة العالمية من خلال تشجيع نظام أكثر مرونة وفاعلية وكفاءة، وزيادة مشاركة الأسواق الناشئة والدول النامية في المنظمات الدولية والمنتديات المتعددة الأطراف، من خلال التعاون بين دول “بريكس” ودعم الترابط الاقتصادي بين الأعضاء لتعزيز الترابط بين سلاسل التوريد وأنظمة الدفع من أجل تحفيز تدفقات التجارة والاستثمار فيما بينها.
وأورد التقرير أن من بين مخرجات القمة تشجيع عمليات التصنيع المشترك وتكثيف الشراكة بشأن الثورة الصناعية الجديدة، وخلق فرص جديدة لتسريع التنمية الصناعية داخل دول التكتل وذلك عبر تنمية الموارد البشرية بشأن التقنيات الجديدة من خلال مركز البريكس للكفاءات الصناعية (BCIC)، ومركز الابتكار التابع لمجموعة البريكس، ومنتدى الشركات الناشئة في البريكس.
و شدد بيان القمة على أهمية الالتزام بالحلول السلمية في معالجة الخلافات والنزاعات، من خلال الحواروالمشاوراتالشاملة بطريقة منسقة وتعاونية، وثمنت المجموعة مقترحات الوساطة والمساعي الحميدة ذات الصلة الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للصراع الروسي الأوكراني من خلال الحوار والدبلوماسية.
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، رحَّب زعماء القمة بالتطورات الإيجابية والجهود التي تبذلها دول البريكس ودعم التنمية والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ، بما في ذلك إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران. بالإضافة إلى ترحيب الأعضاء بإعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية.
في المقابل، أعرب القادة عن قلقهم العميق إزاء الوضع الإنساني المتردي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووفق مركزإنترريجونال للتحليلات الإستراتيجة، أكدقادة القمة التزامهم بتعزيز التعاون الزراعي، والزراعة المستدامة، والتنمية الريفية في دول البريكس؛ لتعزيز الأمن الغذائي داخل البريكس وفي جميع أنحاء العالم للتصدي لأزمات.
وأشار تقرير المركز أن الانقسامات في وجهات النظر بين دول تكتل “بريكس” إزاء علاقاتها بالدول الغربية والقضايا الدولية ذات الصلة؛ تحول دون تحقيق أهداف التكتل في ظل الافتقار إلى الرؤية المتماسكة، كل يغني على ليلاه؛ فالصين تريد أن تجعل المجموعة منصة لتحدي القوة الأمريكية .
فيما تسعى روسيا إلى توفير حشد دولي لمواجهة الهيمنة الغربية والتصدي للدولار الذي استُخدِم سلاحاً ضدها في عمليتها العسكرية في أوكرانيا، بل تحرص موسكو على إثبات أن لديها حلفاء مخلصين رغم عزلتها عن الغرب بسبب الحرب.
وفي المقابل، تسعى الهند إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الغرب، وتخشى هيمنة الصين على البريكس، خاصةً أن الهند منخرطة في نزاع إقليمي مع الصين.
كما لا تزال المجموعة تواجه العديد من الانقسامات الاقتصادية، بمقدار ما هي منقسمة سياسياً أيضاً؛ بحسب المركز، بحيث لا توجد حتى الآن روابط تسمح ببناء “سوق مشتركة” بين دولها؛ فبالرغم من كون الهدف الرئيسي المشترك للمجموعة هو تنمية التبادلات التجارية فيما بينها، في ظل صعوبة اعتماد عملة “البريكس” لتقليل هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة الدولية
في انتظار أن يستفيد التكتل من انضمام الأعضاء الجدد للمساهمة في معالجة التحديات العالقة التي تواجه المجموعة ، محاولة بناء رؤية اقتصادية وسياسية مشتركة تعزز الدور الفعال للتكتل عالمياً.